فقد المرحوم الجليل بصره إثر حادث سير عام 1978 على طريق نابلس – جنين أثناء عمله في مهنة المحاماة، ولم تقعده هذه الإصابة وفقدانه لحاسة البصر عن الاستمرار في أداء واجبه المقدس لمهنة المحاماة التي طالما آمن بها وآمن بمكانتها وسموها كأداة مقاومة في وجه الاحتلال وكأداة رقابة وبناء في تعزيز سيادة القانون وحماية الحقوق والحريات العامة بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، فقد المرحوم بصره لكنه لم يفقد بصيرته الثاقبة والمتمرسة والتي لم تكن لتحيد عن بوصلة الحق والعدل.
حصل المرحوم في 31 آيار 2016 على لقب "أطول ممارس لمهنة المحاماة" من قبل موسوعة غينيس العالمية للأرقام القياسية، حيث أمضى في ممارسته لمهنة المحاماة وحتى غيبته الوفاة أكثر من 69 عاما ترك فيها إرثا قانونيا وأخلاقيا لا ينضب، كان فقيد مهنة المحاماة على مستوى الوطن والعالم مثالا حيا وباقيا للمحامي المؤمن بقوة الحق والمنطق والضمير، مثالا للمحامي المتواضع والذي كلما زادت خبراته انحنى كسنابل القمح المكتظة بحبوب الأمل والفرح والثقة العالية بالنفس، آمن برداءه الأسود قاضيا واقفا ومذكرا القضاء الجالس في كل مرة مثل فيها أمامه بأن العدل هو أساس الملك وملاذا لا يرد لكل صاحب مظلمة.
كان المرحوم شاهدا عدلا على هذا العصر البائس، عاصر نكبة شعبنا ونكسته وانقسامه، كان ككل الفلسطينيين يحلم بوطن حر ومستقل بدولة مدنية تسودها المساواة والعدالة، رحل وما زال حلمه معلقا على صليب انقسامنا الأسود، رحل حرا نظيفا كندفة ثلج بيضاء لم تلامس الأرض بعد، رحل وفي قلبه بقايا أمنية ورسالة وإيمانا مطلقا بإرادة شعبه على اجتراح المعجزات وإعادة توجيه طاقاته للوحدة ومواصلة النضال من أجل الحرية والعدالة وبناء دولة تليق بهذه التضحيات.
الرحمة والسلام لروح فقيدنا الجليل، والعزاء لشعبنا ولزميلاتنا وزملائنا المحامين عامة ولزملائنا أبناء الفقيد المحاميان نديم وكريم شحادة ولكافة الزميلات والزملاء أقارب الفقيد خاصة وألهمهم الصبر على هذا الفقدان الكبير.
وأخيرا يهيب مجلس النقابة بكافة الزميلات والزملاء المشاركة بجنازة الفقيد والتي ستتم مراسمها في رام الله غدا الأحد الموافق الثامن من أيلول في رام الله وبما يليق بمكانة زميلنا المتوفى، وعليه قرر مجلس النقابة تعليق العمل أمام كافة المحاكم والنيابات النظامية والعسكرية يوم الغد الأحد اعتبارا من الساعة الثانية عشر ظهرا.
مجلس نقابة المحامين
7/9/2019