اطلس- علم كوبا سيرفرف في عاصمة الرأسمال العالمي واشنطن ، وهي العاصمة التي ظنت انها ستظل تحكم العالم بمفردها، في حين ظلت هافانا آخر معاقل الشيوعية الرسمية ممسكة على جمرها بمفردها، دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها عشرة ملايين انسان تقريباً،
استندت في مقومات صمودها وعدم الرضوخ للولايات المتحدة التي تتاخمها الى مقوم اساسي واحد، هو ارادتها السياسية والعقائدية.
لم تنجح الولايات المتحدة ومعها معسكرها العالمي بشقيه الاوروبي المتحضر ، والرجعي المتخلف ممثلا بالعديد من دول العالم الثالث في القارة اللاتينية وقارتي العرب في آسيا وافريقيا، وبعضهم لم يعترف بكوبا ولم يقم معها اي نوع من العلاقات ، من ثني قيادتها عن المضي قدما في حياتها التحررية.
لم تنجح العمليات العسكرية التي خططتها ونفذتها امريكا ضد البؤرة الكوبية ، بشكل مباشر او عبر بلدان أخرى، رأت ان تحذو حذوها، فتشكل لها سندا ودعما، وفي المقدمة منها غواتيمالا والسلفادور التي قمعت ثوراتها في المهد. لقد طال الحسم العسكري الامريكي حتى صناديق الاقتراع، تجلي الديمقراطية الرئيس في عرف الغرب الامريكي، التجربة التشيلية، حين تم اغتيال رئيسها المنتخب سيلفادور اليندي، وشاعر ثورتها الحاصل على جائزة نوبل بابلو نيرودا. وتواصل ذلك في نيكاراغوا، التي بعد انتصار ثورتها الساندينية، عمدت امريكا الى اعادة اسرة سوموزا البائدة الى الحكم عبر الثورة المضادة التي كانت تدعى الكونترا، لكن الشعب النيكاراغوي اعاد انتخاب زعيم الثورة دانيال اورتيغا الى الحكم . حصل هذا حذافيريا في فنزويلا مع رئسها الراحل هوغو شافيز الذي هب شعبه لاعادته الى الحكم ، قبل وفاته الغامضة عن تسع وخمسين سنة.
الارث الكوبي، الذي صمد في وجه الحصار الامريكي منذ ما يزيد على ثلاثة وخمسين سنة ، أثمر بما لا تستطيع معادلات الحساب الجرداء والربح والخسارة العقيمة ان تفهم كنهه، أثمر اليوم شبه قارة تسير على النهج الكوبي ، وفي المقدمة منها البرازيل والارجنتين وبوليفيا، التي تسير بخطى حثيثة لكي تصبح في مصاف الدول العظمى رغم كافة المعوقات الامريكية والتحالفات التآمرية التي يتم حياكتها في السر والعلن مع ملوك الطوائف العرب، وبالتحديد على اسعار النفط العالمية ، نكاية بفنزويلا وايران . وهذه الاخيرة، استفادت من حيث قصدت ام لم تقصد ، من التجربة الكوبية في الاستناد لسلاح الارادة العقائدي، ويذكرنا هذا بأن من بين رؤساء العالم الذين شاركوا في جنازة شافيز، الرئيس الايراني انذاك محمود احمدي نجاد، عانق والدته على الملأ، و دق براحة يده اليسرى على السيارة التي تقل النعش، رافعا قبضته اليمنى مودعا : الى اللقاء.