اطلس- اطلقت بعض مواقع اعلامية، محسوبة على حركة "الجهاد"، وكذا أحد قياديها المعروفين في قطاع غزة، عدة إشارات عن امكانية قيام "الجهاد" بـ"عمليات استشهادية" في قلب دولة الكيان..
ولأن الأخبار انطلقت دون نفي أو توضيح، يمكن اعتبارها بالحد الأدنى، انها "قيد المداولة الداخلية"، وبما أنها تسربت الى العلن، فبات من الحق العام مناقشتها، والتعامل معها باعتبارها "امكانية قائمة" الحدوث في القريب العاجل أم البعيد، لا يهم كثيرا، فليس الزمن هو محل الخلاف مع "الجهاد" بل تلك العمليات ذاتها..
والجدل حول تلك العمليات، بدا منذ ان انطلقت اول علمية قامت بها حماس عام خلال مفاوضات طابا بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، ولم يتوقف حتى تاريخه، وسيبقى مستمرا ما دام هناك من يتطوع بالحديث عنها..
اثارت تلك العمليات ردود فعل مختلفة، بل ومتباينة جدا، في لحظات سياسية معينة، من التأييد الفوري - العاطفي، خاصة خارج فلسطين، من الأشقاء العرب، يرونها "ردا مؤلما جدا للعدو على جرائمه التي لا تتوقف"، فيما يذهب البعض الى "تاييد خجول" يجمع بين "العاطفة الانسانية" و"العقلانية السياسية الخجولة"، بينما هناك فريق كان معارضا لها جملة وتفصيلا، كونها لا تقدم "خدمة كفاحية" بل "ضررا سياسيا" يلحق بالشعب ونضاله، خاصة على الصعيد الدولي..
وبلا اطالة في البحث عن مدى الأهمية تاريخيا، فالحديث عن التفكير بالعودة لها في هذه المرحلة سيكون "خطأ استراتيجيا" يلحق ضررا مضاعفا عما كان في الماضي القريب، خاصة وأن المشهد السياسي الدولي، لا يمكنه مطلقا ان يتفهم أي عمليات من هذا القبيل، مهما حاول البعض أن يتلفح بالجرائم التي ترتكبها دولة الكيان المعادي..
فما تقوم به "داعش" لن يسمح للعالم بتفهم اي عمل "استهادي" من نوعية تلك العمليات التفجيرية في مناطق مدنية، الى جانب أن اي عمل من تلك النوعية، وفي الظروف الراهنة سيمنح المحتل من "الذرائع" لتمرير جرائم الحرب التي يرتكبها كـ"رد فعل" وليس فعل، ومعرفة أهل فلسطين بالحقيقة لا يعني أن العالم ايضا يعرفها بذات المضون..
المواجهة مع المحتل، بكل السبل الممكنة والمتاحة، خاصة المقاومة الشعبية اكدت الأيام أنها أحد أهم اسلحة الشعب الفلسطيني في كشف الزيف "التاريخي" الذي نجحت دولة الكيان بتمريره عالميا، واسقطت مقاومة الشعبية الفلسطينية، وخاصة المظهر الانتفاضي الأبرز ما بعد 1987، في الانتفاضة الوطنية الكبرى، أهم الادعاءات الخادعة بما روجته دولة الكيان والحركة الصهيونية واعلام امريكا عن "البعد الأخلاقي" لها، في ظل غياب اعلام الصورة، حتى سقوط القناع وتبيان الحقيقة..
ولا تزال صورة جيش الاحتلال وهو يقوم بتكسير عظام أطفال فلسطين أحد أبرز الشواهد على لا اخلاقية هذه الدولة، حتى باتت اليوم تعرف بأنها دولة جرائم حرب، ولو ان الرئاسة الفلسطينية تماسكت بما يكفي، ولم تسقط من جدولها "تقرير غولدستون" عن جرائم حرب المحتل ضد قطاع غزة، لكان أمثال نتنياهو في "قفص العدالة" او مطارد لها، ولا زال هناك الكثير لعمله في هذا الشأن، لكنه يحتاج لقرار حقيقي وليس مظهر اعلامي راقص!
المواجهة الشعبية الشاملة، اليوم هي السلاح الأهم سياسيا وتاريخيا في معركة الشعب ضد العدو المحتل، وأي خروج عن هذا السياق سيمثل "انحرافا" غير مقبول، وضار جدا، وسيقدم "خدمات مجانية" للطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب..
الرد على الجرائم المعادية بتطوير قواعد المواجهة والاشتباك داخل الضفة والقدس المحتلة، مناطق تحتاج لأضعاف الجهد القائم، بل حتى الساعة لم تنطلق الامكانيات الوطنية المخزونة، لأسباب بعضها معلوم جدا، في أن البعض الرسمي يعمل جاهدا لتطويق "الغضب الوطني الحقيقي" وتمريره عبر "غضب لغوي كاذب"..الى جانب أن القوى بمختلف مسمياتها لا تزال تقف مترددة بين الانخراط في "هبة الغضب الوطني"، خوفا من "السلطان" الذي لم يلتق بأجهزته الأمنية الا لكي يصدر لها أوامر بتطويق الفعل الوطني المرتقب، فيما غيرها تتحدث أكثر بكثير عما لديها..
الغضب الوطني العام، لا يحتاج لـ"مرشد"، بل يحتاج لمزودينه بطاقة عمل، دون وضع أي مطب في طريقه..و"العمليات الاستشهادية" في هذا التوقيت السياسي العام شكلا من اشكال المطبات الصناعية المعطلة للقوة الشعبية المتوقع انفجارها بلا رجعة، رغم كل محاولات المرتعشين هلعا من انفجار شعبي حقيقي..
رسالة الى الأصدقاء في قيادة "الجهاد"، وبما يملكون من رؤية خاصة لها كل المحبة والتقدير، لا تسمحوا بفعل ما يمكنه أن يمثل "ضررا وطنيا عاما"..وفلسطين ساحة تنتظر فعلا نافعا، والنافع بات معلوما جدا..فليكن هو الخيار لا غيره..!