اطلس- أكتب هذه الكلمات فى الثامنة من مساء أمس الأول الأحد، ويفترض أن تنشر صباح اليوم الثلاثاء،
ولا أعرف ما هى نسبة المشاركة النهائية فى الجولة الأولى من انتخابات مجلس النواب، التى شملت ١٤ محافظة بها أكثر من ٢٧ مليون ناخب.
المؤشرات الأولى التى اتفق عليها الجميع منذ فتح باب الترشيح فى التاسعة من صباح الأحد حتى مساء اليوم نفسه، كانت أن نسبة الإقبال من الناخبين على التصويت شديدة الضعف والبؤس والهزال.
وإلى أن نعرف نسبة المشاركة النهائية التى سوف تتحدد فى نهاية المرحلة الثابتة من الانتخابات، فالمؤكد أن عزوف الناخبين فى اليوم الأول هو إشارة لا يجب أن تخطئها عين، وينبغى أن تصل إلى كل من يهمه الأمر.
اللجنة العليا للانتخابات وبعض الأصوات القريبة من الحكومة حاولت أن تلتمس العديد من التبريرات لغياب الناخبين فى اليوم الأول، سواء بحجة الطقس الحار أو انشغال الناس فى أعمالهم أو عدم معرفتهم الكاملة بالمرشحين.
ومن دون لف أو دوران فكلها مبررات واهية، لا تصمد أمام أى نقاش جدى، فالطقس لم يكن حارا بل خريفيا لطيفا، وحكاية انشغال الناس بأعمالهم تبرير كوميدى، فلم يتغير شىء فى سلوكنا، ولم نتحول فجأة كمصريين إلى مخلصين للعمل للدرجة التى تمنعنا من التصويت، خصوصا أن بعض الإحصاءات كانت تقول إن الموظف المصرى لا يعمل أكثر من ٢٧ ثانية فى اليوم!
ربما يكون عدم معرفة الناخبين بالمرشحين صحيحة إلى حد ما، وهو أمر يتحمله أولاً المرشحون أنفسهم الذين عجزوا عن الوصول إلى الناخبين.
قلنا قبل يومين إن الناخبين يجب أن يتوجهوا إلى الصناديق حتى يختاروا الأفضل، وحتى لا يلوموا أنفسهم إذا عزفوا أو قاطعوا، ويتفاجئوا بنواب غير مؤهلين يدخلون المجلس، وهو قول صحيح، لكن من الواضح أيضا أن هناك حالة عامة من الإحباط وسط كثير من المصريين دفعتهم إلى العزوف الجماعى عن التوجه إلى صناديق الانتخاب.
صار واضحا أن الإصرار الحكومى على قانون الانتخاب الذى أغضب غالبية الأحزاب الرئيسية، وجعل قوى وأحزاب مدنية أخرى محسوبة على معسكر ٣٠ يونيو تقاطع الانتخاب، كان له دور كبير فى وصول رسالة إلى قطاعات شعبية كثيرة بأن عدم الذهاب إلى صناديق الاقتراح هو الحل الأمثل، وإذا صح هذا الأمر فهى رسالة شديدة السلبية ينبغى على الحكومة والرئاسة وكل الأجهزة المختصة أن تقرأها بعناية.
من الواضح أيضا أن حملات الهدم والتشويه الإعلامى الممنهجة ضد كل ما هو مدنى أو معارض، حتى لو لم يكن إخوانيا أو إرهابيا قد أصاب كثيرين باليأس والإحباط، وكان أحد أسباب هذا العزوف الملحوظ فى اليوم الأول، وما يزيد الطين بلة أن المرحلة الأولى كانت فى محافظات الصعيد المعروفة بارتفاع نسب التصويت بسبب العوامل العائلية والعصبية.
لا أريد التعميم فى انتظار نسبة المشاركة النهائية،لكن يفترض أن تستخلص الحكومة والرئاسة العبرة من هذه الرسالة القاسية فى اليوم الأول وتبدأ فى إصلاح الأمر، وتبعث برسالة تهدئة إلى الرأى العام والجماعة السياسية، خلاصتها أنها جادة فى الانفتاح على كل القوى السياسية فى مصر،المؤمنة بالقانون والدستور والدولة المدنية مهما كانت درجة معارضتها.
الوقت لم ينفد بعد، وعلى الحكومة ألا تتجاهل الرسالة، أو تسىء فهمها، وتنفتح أكثر على المجتمع خصوصا الشباب، وألا تكرر أخطاء مبارك والإخوان الكارثية.