اطلس- تنقل زعل أبو رقطي في عدة عواصم، حاملاً ذكريات وآثار النكبة التي قادته وأسرته من حيفا إلى دمشق حيث درس في جامعتها، وتبع هواه فشق طريقه في الإعلام عبر الكتابة ثم الاذاعة فالتلفزيون وصناعة الافلام، وظل شغفه الذي بدأ بالادب والشعر وقود مسيرته. ويقول إنه لو عاد الزمان به لعمل في الإعلام مرة أخرى
العمل الإعلامي في الشتات
كانت البداية بمدينة درعا السورية عام 1970 في إذاعة تبث من غرفتين فقط تحمل اسم صوت الثورة الفلسطينية، وكان لهذه الاذاعة أثر كبير في تثوير الجماهير عبر ما تبثه من أناشيد ثورية وبرامج تعبوية ورسائل مشفرة موجهة إلى ثوار الارض المحتلة، وبعد إغلاق السلطات السورية هذه الاذاعة نقلها ابو رقطي وزملاؤه الى لبنان، حيث عمل مع نخبة من الفدائيين الذين فرزوا للعمل الاعلامي مثل أحمد عبد الرحمن، ونبيل عمرو، والطيب عبد الرحيم، وغيرهم.
أبدعت الاذاعة في عملها خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان، وتعرضت للقصف عدة مرات، فقام الطاقم بأداء واجبه والبث عبر اذاعة متنقلة محمولة في سيارة.
وبعد الاجتياح، انتقل ابو رقطي للعمل في سفارة فلسطين بقطر حتى العام 1990، حيث قامت السلطات القطرية بتقليص عدد الفلسطينيين هناك على خلفية الموقف الفلسطيني من غزو العراق للكويت، فانتقل الى تونس ومنها الى أرض الوطن بعد توقيع اتفاقية اوسلو ليستعيد مكانه الطبيعي خلف الميكروفون.
يستعيد ابو رقطي ذكريات ذلك الزمن، حين كان الجو ثوريا، مفعماً بالابطال كجيفارا، وعبد الناصر، وابو عمار، وغيرهم، وحيث بساطة الأدوات وقوة المعنى وضخامة التأثير، وهو ما يفتقده الاعلام الآن رغم جهود المأسسة والتطور التكنولوجي والانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، ويتجلى ذلك، حسب ابو رقطي، في تغير اهتمامات الجمهور وتراجع الانشغال بالقضايا الوطنية والهروب إلى فضاء افتراضي.
لا بد للقيد أن ينكسر
فور عودته الى أرض الوطن، كان أبو رقطي صاحب أول برنامج للتواصل مع الاسرى وهو برنامج "لا بد للقيد أن ينكسر"، الذي كان يبث ظهر كل ثلاثاء وخميس عبر إذاعة صوت فلسطين من مقرها في اريحا، وشكل البرنامج حلقة وصل بين الاسرى وذويهم، وكانت الاتصالات تروي قصصاً إنسانية محزنة عن أسرى محكومين بالمؤبدات ومحرومين من الزيارة يستمعون لاصوات أبنائهم وبناتهم لاول مرة، او يتلقون خبر وفاة أحد والديهم، دون أن يتمكنوا من وداعه، وهو ما أسهم كثيرًا في جعل ملف الأسرى ملفا انسانيا وذا أولوية سياسية.
بين العمل الإعلامي والانتماء الحزبي
يرى أبو رقطي أن "على الاعلامي تقديم المصلحة الوطنية على الحزبية، فقضيتنا أعدل قضية في العالم، ويجب تناولها بعيدا عن الحزبية الضيقة"، ولعل هذا ما مكن ابو رقطي من إجراء مقابلات مميزة مع كافة الاطراف، حيث قابل الرئيس محمود عباس عدة مرات، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، والعديد من السياسيين الآخرين، وكذلك الفنانون الفلسطينيون مثل المرحوم غسان مطر، وعازف الكمان جهاد عقل.
أطرف موقف
يقول أبو رقطي إن الراحل أبو عمار كان دائم الاهتمام بالإذاعة، سواء في بيروت أو أريحا. ويذكر أن ابو عمار اتصل بالاذاعة ذات صباح وكان هو على الهواء مباشرة يجري مقابلة، فترك الهواء لمهندس الصوت ليستقبل الاتصال. ويتذكر حالة السعادة لدى الطاقم بعد انتهاء الاتصال وخاصة بعد كلمات الثناء والمديح التي قالها عن عمل الإذاعة، رغم الارتباك الذي حصل على الهواء.
منتج ومخرج أفلام
كانت بداية عمله في مجال الافلام خلال تغطيته لنقل جثمان الشهيد ياسر عرفات، حيث اختتم التغطية بعبارة "اصحى يا ياسر، ألا تكفيك ساعة من النوم، من القاهرة إلى رام الله. اصحى شوف الجماهير المحتشدة في انتظارك". ومن هذه العبارة، نبعت فكرة إنتاج فيلم "الفلسطيني" الذي تحدث عن مراحل حياة ابو عمار، وبعد هذا العمل، توالت الافلام كفيلم "بتوقيت القدس"، وفيلم "سيدة من فلسطين" عن والدة الاسير سامر العيساوي، وفيلمه الاخير "أن تكون لاجئا" الذي تناول معاناة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
لم تؤثر سنوات العمر ولا أجواء التقاعد على أبو رقطي، بل عززت روحه الشبابية ودفعته أكثر إلى العمل، فهو يحضر لفيلم جديد حول معاناة اللاجئين الذين خرجوا من المخيمات السورية إلى لبنان والأردن وتركيا وغيرها، بعد اندلاع الأحداث في سوريا.
شبكات التواصل الاجتماعي
ورغم انتمائه لجيل الكتاب والقلم، فإن ابو رقطي من المستخدمين الدائمين للفيسبوك، حيث ينشر كتاباته وآراءه ويتواصل مع أصدقائه المنتشرين في كافة أنحاء العالم وخاصة في مخيمات اللجوء والمنافي.
ويرى أبو رقطي أن القضية الفلسطينية تراجعت إعلاميا بسبب عجز وسائل الاعلام -رغم كثرتها- عن مخاطبة العالم، وبسبب الهزات التي أحدثها ما يسمى الربيع العربي، ويرى أن الاهمية يجب ان تنصب على توحيد الجهود لاعادة القضية الفلسطينية إلى الخبر الأول كما كانت دوما، خاصة أن الإعلام آخذ في التحول الى سوق تجارية للاعلانات والقضايا الخفيفة فقط.
وعن رؤيته للصحافيين الشباب، يقول ابو رقطي ان بعضهم يثيرون موضوعات وقضايا حساسة، ولكن مشكلتهم الاساسية تكمن في نقص الثقافة والمعرفة الكافية بالتاريخ، بالاضافة إلى الجرأة، فالاعلاميون الشباب عند إثارتهم للقضايا الحساسة، عليهم أن يكونوا على قدر عالٍ من الثقافة والالمام بكافة جوانب القضية التي يثيرونها.