الكاتب: أ علام الاشهب
يشير الكثير من الكتاب الاقتصاديين الى موضوع التجربة التركية في تحقيق التنمية الاقتصادية وكيف تحولت تركيا في خلال عشر سنوات اي منذ العام 2002 من دولة تعاني التضخم والبطالة والمديونية ومن معدلات نمو بالسالب وصلت (سالب 9) الى دولة متقدمة اقتصاديا تحتل المكانة السادسة عشر في اقوي اقتصاديات العالم وبنسبة نمو تصل الى 9% سنوايا وبجوارها دول اوروبا التى تعاني من ازمة اقتصادية كبيرة.
فكيف تم ذلك؟
في احد اللقاءات سئل وزير الخارجية التركي هذا السؤال وما كان به الا ان رفع كف يده اليمني وقال " اليد النظيفة" مشيرا كيف ان نظام الحكم في تركيا عمل بامانة واخلاص لتحقيق التنمية والتطور الاقتصادي. فهذه كانت نقطة البداية المتمثلة في القيادة.
وفي متابعات اخرى تحدث مستشار رئيس الوزراء التركي عن المقومات التى ادت الى هذه النهضة الاقتصادية في تركيا خلال فترة قصيرة لا تزيد عن عشر سنوات فاشار الى اربع ركائز رئيسية وهي :
1- التعليم وكيف عملت تركيا على القضاء على الامية وبناء المدارس واعطاء الحوافز للمعلمين والطلاب فاصبح التعليم ولا يزال يحتل اعلى نسبة في ميزانية الدولة وبنيت المدراس في كافة المناطق النائية واعطيت الامهات رواتب رمزية تشجيعا لمتابعة تعليم ابنائهم في المدارس وانخفض عدد الطلاب في الصف الواحد من 55 طالب الى 35 طلاب واصبح التعليم بشكل بديهي مجاني.
2- الصحة وهي تحتل النسبة الثانية في ميزانية الدولة وقامت تركيا بتوفير العلاج المجاني في كافة المستشفيات الحكومية والخاصة بالمجان وتؤدي الخدمة بكفاءة عالية الى ان اصبح العديد من الدول تتطلع الى هذه التجربة وسر النجاح فيها وكيف قامت الدولة برفع رواتب الاطباء بهدف تحسين الكفاءة في العمل وزيادة الانتاجية ويستطيع المواطن التركي اليوم العلاج بالمستشفيات الحكومية والخاصة ولا يوجد فرق بينهما من حيث الخدمة بالمجان.
3- تعزيز الصناعات المحلية في المجالات الالكترونية والزراعية فقررت تركيا عدم الاعتماد على تصدير المواد الخام ومواصلة الاستيراد في الالكترونيات فتوجهت لصناعتها محليا وقامت بانشاء المناطق الصناعية المخصصة لذلك وشجعت من الاستثمار وحدت من العوائق والاجراءات التي تحد من الاستثمار وقامت بالاستثمار في الصناعات الزراعية وبذلك استطاعت ان تقلل نسبة البطالة التي كانت تصل الى ما يزيد من 20% الى نسبة منخفضة اليوم.
4- الشراكة مع القطاع الخاص في تطوير العديد من الخدمات الرئيسية وخاصة في قطاع الطاقة والمواصلات حيث ان قطاع الطاقة يدار من القطاع الخاص كما قامت الدولة بانشاء العديد من الطرق وعمل شبكة مواصلات متقدمة لتحقيق النمو الاقتصادي.
وعن دور القيادة التركية في تحقيق النمو الاقتصادي اشار مستشار رئيس الوزراء التركي للشؤون الاقتصادية ان الحكومة التركية اتجهت نحو فتح الاسواق العالمية امام المنتجات التركية في اوروبا والشرق الاوسط والعالم وتصدر تركيا اليوم الى 190 دولة في العالم من اصل 193 فحتى الازمة الاقتصادية في اوروبا لم ئؤثر على الصادرات التركية لانها اتجهت لفتح اسواق جديدة للتصدير.
جميل ان نستفيد من هذه التجربة في عالمنا العربي ونحن نعيش ايام التغيير في المنطقة العربية فتركيا جمعت بين القيادة والتعليم والصحة والشراكة مع القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية وتحقيق الرفاه والعيش الكريم لسكانها وانتقلت من دولة فقيرة تعاني من التضخم والبطالة والمديونية الي دولة صناعية كبرى تحتل المكانة 16 في الاقتصاد العالمي.