اطلس-يا فتيانَ المدينة ! يا قامات الشجر النعناع وبلّوط الوديان ! ويا طلّة العيد والأنفاس الدافئة! يا كفّ العشق الموقظة حليبَ العذارى وزبيب الشغف
وأنتم تبرقون في الطرقات وتحت ظلال القرنفل وعرائش الماس ! يا مَنْ تأخذوننا تحت لفحات الصخر الناعم، فيفيض الماء على الماء ! يا اختناق اللوزة في قشرتها الحرير! ويا يقظة الموت الرائعة، ونوْمة الهلع الأخّاذ النافذ ! يا فتيانَ التوتِ الناضح على الشفاه، ولبَن التينِ السائح على زغب الربيع ! يا أمانينا التي ننجلي لقدومها، فنصعد إلى غلالات السحر واللحظة الفارقة ! يا كلَ هؤلاء الذين يجمعوننا كحفنة الذهب السائل على الوسائد، قولوا إن العاصمة عطشى حتى الذبول، وإنها تنتظر حبيبها اليبوسيّ، برائحة التفاح في فمه، والبخور في سواحله، واللذعة حيث الثلج والنار !
يا كلَ أولئك! نادوا بالصوت واليد والعين وبكل الأشياء، حتى يمزّق مواسمي الفارعة، لينبت الحنّاءُ من الرضاب الذي يقضم الهلع ! قولوا له يا كل رجالي، إنه رَجُلي الذي سيكون ولدي وأبي وعمّي وخالي وأخي وحبيبي ..
ولّما حملوه، كان الجلّنار يفيض حيث يسيرون به، حتى غطّى الطرقات .. وتعالى حتى غطّى الشوارع .. وارتفع حتى غطّى البيوت، وتسامق حتى فاض عن الأسوار .. وما زال يتصاعد كالنبع الهائل في الأنحاء .
اصرخوا إذا شهدتم قتل النبيّ الشاب، وإلاّ ستصرخون أَلَماً من فضول ما سترونه من مُتعة العذاب .
واصرخوا إذا مرّوا ببساطيرهم الثقيلة في الطرقات، فكل شبر صلّى عليه نبيّ أو سجد فوقه ملك مُقرّب .
واصرخوا إذا منعت الجدرانُ الشمسَ من الدخول، فالمدينة أمها التي أرضعتها فضّة الحياة .
واصرخوا في وجه سيّدها، الذي يدّعى أنه سيّدها، فقد رآه الليلُ ينسلّ من بيت القاتل متأبطاً ذراعه الباطشة