الكاتب: فارس فائق ظاهر
في كل عام وبهذا الوقت وبالتحديد في 15أيار نحيي ذكرى نكبتنا التي لا تزال تعيد لنا بذكرياتها الأليمة سيرة الشعب الفلسطيني الذي لا جديد فيه سوى مزيد من الحرقة والألم على أرض ووطن ضاع وما يزال يضيع ما تبقى منه, ولذلك لن أكتب المزيد عن ما كتبته في الماضي لأنه لا جديد في نكبتنا سوى مزيد من الالم والحسرة حيث مرت السنين و الأيام وحالنا على ما هو عليه, في كل عام ييحييالشعب الفلسطيني ذكرى نكبة جديد أملا بأن يكون أخر أعوام لجوئه ونهاية نكباته وهو يتوق شوقا و حنينا إلى أرض أبائه وأجداده التي هجر منها وحرم من العيش بكنفها, مستذكراً خيرات بلاده وأعينه تذرف دمعاً على ما هو فيه من قهر وظلم وحرقة على أرضه ووطنه المغتصب لا لذنب أقترفه ولا لخطيئة أرتكبها, فقط لأن زعماء الصهيونية أرادوا له ذلك واستحبوا له حياة الذل والمهانة على حياة الرخاء والإنسانية في بلد أجبر على أن يكون به مجرداً رغما عنه من كافة مقومات الحياة الكريمة لكونه أرغم على اللجوء ومغادرة أرضه ليس أكثر من ذلك.
في الوقت الذي تحيي كافة شعوب الأرض ذكرى استقلالها وتحررها من نير الاحتلال الذي ألم بها عبر عصور مختلفة يبقى الشعب الفلسطيني يئن تحت نير ووطأة الاحتلال الصهيوني الغاشم في زمن تلاشى فيه الاحتلال العسكري المباشر ولم يبقى سوى الشعب الفلسطيني الوحيد الذي يقبع تحت الاحتلال في العصر الحديث الذي يوصف بعصر الحداثة والحريات الذي يغيب عنه كافة أشكال الظلم والاستبداء بحسب ما يزعم دعاة التحضر والعولمة الحديثة, وكأنه قدر لهذا الشعب أن يبقى رازحا تحت الاستعمار مهما تعددت أساليبه ومسمياته, فأي ذنب اقترفه الشعب الفلسطيني؟ لا لشيء سوى أنه وجد على أرض ورثها عن أجداده وتمسك بها ورفض التخلي عنها, بل لأنه شعب رفض الضعة والاستهانة لمطالب الاحتلال الذي استهان بهذا الشعب واستباح احتلال أرضه واغتصابها وتشريد أهلها منها غير آبه إلى ما سيؤول إليه حاله ضاربا بعرض الحائط كافة الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي وقف صامتا متفرجا على ذلك لا يقوى حتى على الوقوف في وجه ما يتعرض إليه شعب أعزل من تهجير عن أرضه واستباحة وانتهاك حرمة مقدساته وكأنه شعب من الدرجة الثانية ليس له حقوق إنسانية مكفولة كما هو الحال بالنسبة للشعوب الأخرى .
.
وفي هذه الذكرى التي يحييها الشعب الفلسطيني في شتى بقاع المعمورة التي هجر إليها وهو يعيش بها الآن وأعينه تذرف الدمع على ما آل إليه حاله بعد أن كان يعيش على أرضه بكرامته وإنسانيته التي افتقدها في ظل أنظمة تسلبه أدنى حقوقه التي تحفظ له العيش الكريم, وبالمقابل يعيش على أرضه المغتصبة أمة مشرذمة من شتى بقاع الأرض لم يجمعها سوى الاتفاق على اغتصاب أرض شعب أعزل وتشريده وإقامة كيان احتلال صهيوني تمتد إلى ما يمكن لها أن توصلها إليه مفاتيح القوة, فهي الآن شردت الشعب الفلسطيني واحتلت أرضه وجزئت وحدة ما تبقى منها ببث الفرقة بين الأخوة بالاعتماد على قوتها التي ستوصلها لأن تضع حدودها في المكان الذي تستطيع الوصول إليه تحقيقا لأطماعها بإقامة كيانها المزعوم بحدود متحركة وفق ما تمتلك من قوة في ظل الانقسام والضعف العربي الذي يعتبر بيئة خصبة تجد الحركة الصهيونية بيئة مناسبة لها من أجل أن تقوي نفسها وأن تجد لها مكاناً وسط التناقضات العربية, مستشهدا بما قاله وزير خارجيتها الأسبق أبا أيبان بأن التفتت والخلافات العربية هي مصدر قوة ووجود الكيان الصهيوني الذي دعمه وأكده أقوال رئيس كيان الاحتلال شمعون بيريس بأن أي وحدة وتقارب عربي لن يكون في مصلحة وجود دولته وهو مصدر تهديد لها ولوجودها, وهذا يعتبر رسالة واضحة للأمة العربية وللشعب الفلسطيني تحديداً بأنه لا سبيل لتحررها سوى وحدتها وتماسكها أمام الاحتلال الغاشم الذي شرد الشعب الفلسطيني عن أرضه وهو السبيل الوحيد لكي ينال هذا الشعب كرامته والعودة إلى أرضه ونيل حقوقه كاملة غير منقوصة أسوة بكافة الشعوب الأخرى التي تعيش بسلام وأمان على أرضها في ظل دولتها التي اختارتها .
ولكن ذلك يتطلب تحقيق وئام وتماسك فلسطيني والعمل على إنهاء الانقسام بين شطري الوطن الحبيب إيمانا بأن القضية الوطنية بما فيها حق اللاجئين بالعودة إلى ديارهم التي هجروا منها وأجبروا على الخروج منها من أولويات العمل الوطني لجميع الفصائل الفلسطينية التي تسعى دوما إلى إنهاء الاحتلال وبناء دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف الذي لا يمكن أن يتحقق إلى من خلال الوصول إلى وحدة عربية تؤخذ على عاتقها العمل على إنشاء كيان عربي يؤمن بحل القضية الفلسطينية التي تعتبر مفتاحا لحل قضية الشرق الأوسط, خلال وحدتها وتماسكها هو السبيل الوحيد لحل قضية الشعب الفلسطيني, ولا يتحقق ذلك إلا من خلالها استنادا إلى الشعور بالمسؤولية الوطنية من قبل كافة الفصائل والأطياف الفلسطينية التي يجب أن تضع نصب أعينها قضية اللاجئين الذين شردوا من ديارهم وحرموا من حقوقهم التي لا يمكن التنازل عنها ولا بد من استرجاعها في يوم من الأيام حتى وإن طال الاحتلال فلا يضيع حق وراءه مطالب فقد توالت على هذا الشعب قوى استعمارية عدة ولكن لم يدم أي منها أمام صمود وإرادة الشعب الفلسطيني العظيم, فمهما طال ليل الظلم فلا بد لفجر الحرية أن يبزغ, يرونها بعيدا ونراها قريبا بإذن الله