اطلس- تجرى شركة مايكروسوفت محاولات للاستفادة من لعبة "ماين كرافت" كمنصة تجارب للذكاء الاصطناعي.
وكشفت مايكروسوفت، المالكة للعبة الفيديو الشهيرة، إن علماء الكمبيوتر والهواة سيكون بإمكانهم تقييم وتطوير برامج للذكاء الاصطناعي باستخدام البيئة الافتراضية لماين كرافت اعتبارا من يوليو/تموز المقبل.
وقالت الشركة إن ماين كرافت هي أكثر "تعقيدا" من محاكاة أبحاث الذكاء الاصطناعي القائمة واستخدامها أرخص ثمنا من تصميم إنسان آلي "روبوت".
وقال أحد الخبراء إن هذه التجارب تتمتع بفرص كبيرة.
وقال البروفيسور جوزيه هيرنانديز-اورالو من "الجامعة التقنية في فالنسيا" إن "هذا هو أحدث التقنيات" في عالم الكمبيوتر.
وأضاف هيرنانديز-اورالو، وهي واحد من مجموعة صغيرة اطلعت مبكرا على هذا البرنامج الجديد، بأنه "في الوقت الحاضر، لا يمكن أن يكون هناك شيء يضاهي هذه التقنية، وهي لاتزال في مراحلها الأولى فقط، ولذلك فإنني أرى أن هناك إمكانات عديدة لها."
وللاستفادة من هذا العرض، سيحتاج المستخدمون إلى تثبيت منصة برمجيات "ايه آي اكس" التي تتصل بماين كرافت وتسمح برمز الذكاء الاصطناعي بالتحكم في أحد الشخصيات (الافتراضية) والحصول على تعليقات بشأن نتائج أفعاله.
وستكون "ايه آي اكس" منصة ذات مصدر مفتوح، وهو ما يعني أن التكلفة الوحيدة ستكون لشراء ترخيص قياسي للعبة.
وستجرى التجارب الجديدة على الحواسيب الخاصة بالباحثين و"سيستبعد" اللاعبون العاديون، ولكن في نهاية المطاف سيكون الهدف السماح للأشخاص بالتفاعل مع الشفرة أو الرمز.
يمكن للقائمين على التجارب بناء مسارات مليئة بالعراقيل والتعرف على كيف سيتعامل معها وكلاء الذكاء الاصطناعي
وأوضحت كاتجا هوفمان، التي تشرف على المشروع في معمل كامبريدج لأبحاث مايكروسوفت في بريطانيا، أن "الأشخاص يبنون هياكل مذهلة تقوم بأشياء مذهلة في ماين كرافت، وهذا يسمح لخبراء التجارب باقتراح مهمات تهدف إلى توسيع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بما يتجاوز قدرتها الحالية."
وأضافت: "لكن في نهاية المطاف، سيكون بإمكاننا تطوير هذا (البرنامج) أكثر ليشمل مهام ستسمح بوكلاء الذكاء الاصطناعي (برامج تعمل بشكل تلقائي) بتعلم كيفية التعاون مع البشر ودعمهم بطريقة إبداعية."
وتابعت: "هذا يوفر وسيلة لنقل الذكاء الاصطناعي مما هو عليه اليوم إلى ذكاء بمستوى البشر، وهو الوضع الذي نريد أن نصل إليه، وذلك خلال فترة تصل لعدة عقود."
رؤية الشخص الرئيسي
وكانت قد أجريت محاولات سابقة لتطوير برامج الذكاء الاصطناعي لجعلها تمارس ألعاب الفيديو، لكن مايكروسوفت تعتقد أن طبيعة ماين كرافت كلعبة ذات نهاية مفتوحة تجعلها مفيدة بشكل خاص بفضل التنوع الكبير في المواقف التي يمكنها محاكاتها من وجهة نظر الشخص الرئيسي المتحكم في اللعبة.
وأوضح ماثيو جونسون، كبير مهندسي البرمجيات المتخصص في برامج المنصة الذكية "ايه آي اكس"، إن هذا التطور "يسمح لك بأن يكون لديك ذكاء اصطناعي مثبت" داخل اللعبة.
برنامج ألفا غو من تصميم غوغل فاز في أول ثلاث منافسات للعبة غو من بين خمس منافسات ضد الكوري الجنوبي لي سي دول
وأضاف: "ولذا وبدلا من وجود موقف يرى فيه برنامج الذكاء الاصطناعي نفسه "كافاتار"، فإنه بالفعل يمكن أن يكون بداخل، ينظر من خلال عيون شيء حي في العالم."
وتابع: "إننا نعتقد أن هذا جزء أساسي لبناء هذا النوع من الذكاء العام."
وترى مايكروسوفت أن أشهر أنواع الأبحاث سيتعلق بتعزيز التعلم، وستهدف هذه الأبحاث إلى أن يتعلم وكيل الذكاء الاصطناعي أفضل السبل لتنفيذ مهمة معينة عبر مزيج من التجارب واستخدام معلومات مسبقة بدلا من تلقي تعليمات بشأن المهام التي يجب عليه القيام بها.
واستخدمت هذه العملية بالفعل مؤخرا من خلال برنامج "الفا غو" لشركة غوغل، إذ نجح هذا البرنامج الأسبوع الماضي في الفوز على أفضل لاعبين على الإطلاق في لعبة الألواح "غو" بعد أن لعب آلاف المرات ضد نفسه للتعرف على استراتيجياته الجديدة.
ورغم أن هذه كانت مهمة متخصصة، فإن مايكروسوفت تعتقد أن ماين كرافت ستوفر طريقة يتعلم من خلالها الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من المفاهيم.
مايكروسوفت وسعت من استخدامات ماين كرافت منذ شراء شركة موجانغ المطورة لهذه اللعبة مقابل 2.5 مليار دولار في عام 2014
وقالت هوفمان لبي بي سي :"يمكن للقائمين على التجارب تصميم مهمة بخصائص معينة مثل "الحمم"، التي قد تكون خطيرة جدا على الوكيل (الذكي في العالم الافتراضي)، ثم بعد ذلك تقييم مدى السرعة التي يتعرف من خلالها على البيئة (المحيطة) به."
وأضافت: "لكن هذه المنصة متاحة أيضا لأبحاث عامة للذكاء الإصطناعي مثل كيفية جعل الوكلاء يدمجون اللغة والرؤية. إننا نرى ذلك كنقطة انطلاق لتكنولوجيا ستطبق في نهاية المطاف على الروبوت، لكن يمكننا أولا الكشف عن بيئة أكثر أمنا يمكننا التحكم فيها تماما، وتكون إدارتها رخيصة جدا."
استخدامات للأطفال
ورغم أن المتخصصين في برمجيات الذكاء الاصطناعي يمكنهم تحقيق أفضل استفادة من هذه المنصة، فإن مايكروسوفت تؤكد أن "ايه آي اكس" ستدعم أيضا برامج بسيطة يمكن للأطفال تصميمها، ووعدت الشركة بتوفير مجموعة من المواد التعليمية في هذا المجال.
وقال جونسون: "نريد أن يشارك الأشخاص الذين لديهم مهارات مختلفة وينتمون لأعمار مختلفة" للاستفادة من هذه المنصة.
وأشاد البروفيسور هيرنانديز-اورالو بهذه الفكرة، قائلا "يمكن للأطفال ابتكار وكلاء (للذكاء الاصطناعي) في عالم مفتونون به بالفعل، ويلعبون معهم."
وأضاف: "هذا يمكن أن يعزز من اهتمام الصغار بالذكاء الاصطناعي، ونحن نتوقع أنه خلال العشرة إلى العشرين سنة المقبلة سنكون بحاجة إلى وجود المزيد من الأشخاص الذين يعملون في هذا المجال".