اطلس- عقد مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب بالتعاون مع مؤسسة (RESCATE) وبتمويل من الإتحاد الأوروبي الاثنين الموافق 12-12-2016 مؤتمر لمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان بعنوان "فلسطين.
خطوات على طريق مناهضة التعذيب: الواقع والآليات" وذلك ضمن مشروع "تعزيز تبني بنود اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أو العقوبة القاسية او اللاإنسانية أو المهينة والبروتوكول الإختياري الملحق بها في التشريعات الفلسطينية لبناء مجتمع يحترم حقوق الإنسان" والممول من الإتحاد الأوروبي، وذلك بمشاركة ثلة من ممثلي المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني.
وقد افتتح المؤتمر كل من الدكتور محمود سحويل رئيس مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب والسيدة ليزا تانتاري ممثلة الاتحاد الاوروبي والسيد سامر الشرقاوي الوكيل المساعد للشؤون الادارية ممثلا عن معالي وزير العدل الدكتور علي أبو دياك بالإضافة إلى السيد جوشين دي فايلدر نائب رئيس مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية ممثلا عن السيد جيمس هينان رئيس مكتب المفوضية السامية.
وبعد ترحيبه بالحضور واستعراضه للانتهاكات الاسرائيلية المتزايدة بحق الفلسطينيين أكد الدكتور سحويل على ضرورة التزام الحكومة الفلسطينية بمبادئ حقوق الإنسان في ظل الإنتهاكات المتزايدة لهذه الحقوق والمبادئ والعمل على موائمة التشريعات الفلسطينية مع المعاهدات الدولية التي انضمت اليها فلسطين، مبيناً الشراكة الإيجابية بين مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب ووزارتي العدل والداخلية في بناء الكوادر المختصة في مجال حقوق الإنسان ورفع التوعية المجتمعية في هذا الصدد.
فيما أعربت السيدة تانتاري على ان انضمام فلسطين للعديد من الإتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان يشكل خطوة ايجابية لتعزيز حقوق الإنسان وصونها، دون أن تنفي التحديات التي تواجهها فلسطين في هذا الصدد وأهمها الإلتزامات المترتبة عليها بموجب هذا الإنضمام وهو ما يستلزم تبني منهج جدي رسميا لإعمالها، ذلك ان التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية يقوض الاستقرار ويضعف شرعية المؤسسات، ويعمق من وجود الأصولية وتجذرها.
وكان السيد الشرقاوي ٌقد بين الدور المحوري الذي تضطلع به وزارة العدل بمراجعة القوانين الوطنية ذات الصلة بتلك الحقوق التي جاءت بها اتفاقية مناهضة التعذيب لصونها وأيضاً بصياغة التشريعات لتكريس مبادئ حقوق الانسان عامة وتلك التي نصت عليها اتفاقية مناهضة التعذيب بشكل خاص وذلك من خلال تشكيل فريق متخصص من مختلف الوحدات والادارات من وزارة العدل لغايات الإطلاع بالدور الإستثنائي الذي أنيط بالوزارة في ظل تعطل المجلس التشريعي الفلسطيني.
وعن زيارة مراكز الاعتقال كوسيلة وقائية لمنع التعذيب فقد بين السيد فايلدر أهميتها باعتبارها آداة وقائية لمنع التعذيب، ورقابية في الوقت ذاته لكشف انتهاكات حقوق الانسان من خلال تمكين المعتقلين بكشف الحقائق التي يتعرضون لها، بالاضافة الى اهمية بُعدها التوعوي بنشر الوعي بين المعتقلين وتعريفهم بحقوقهم خاصة تلك التي تسبق اجراءات المحاكمة. وعلى الرغم من هذا فقد اشار الى استمرارية التعذيب وهو الأمر الذي يؤكد اهمية الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب.
وكان الدكتور عمر عوض الله مدير ادارة الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة في وزارة الخارجية قد افاد إلى انه تم الانتهاء من اعداد المسودة الثانية من التقرير الاولي الرسمي الخاص باتفاقية مناهضة التعذيب وذلك من قبل وزارة الداخلية كما تمت مراجعته من قبل وزارة الخارجية على أنه سيتم تحديد مشاورات وطنية لتدارسه.
فيما سلط السيد حلمي الأعرج مدير مركز الحريات المدنية وحقوق الإنسان في كلمته عن الإئتلاف الفلسطيني لمناهضة التعذيب الضوء على تزايد أهمية دور الإئتلاف بعد انضمام فلسطين إلى العديد من المعاهدات الدولية في العام 2014، وفيما يتعلق بالجهود المبذولة لاعداد تقرير الظل لإتفاقية مناهضة التعذيب فقد أكد السيد الأعرج انه بمجرد انتهاء جلسات المشاورات الوطنية لمناقشة التقرير الأولي الرسمي لإتفاقية مناهضة التعذيب فسوف يعمل الإئتلاف على كتابة تقرير الظل لتقرير الحكومة لسد الثغرات والنقص المتضمن في التقرير الرسمي – ان وجدت-
وكان الأستاذ موسى ابو دهيم مدير دائرة التحقيقات والشكاوي في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان قد أشار إلى أن الهيئة قد وثقت في العام 2016 وتحديدا حتى 31 من نوفمبر 273 حالة تعذيب في الضفة الغربية و408 حالة تعذيب في قطاع غزة ليكون اجمالي عدد الحالات (681) فعلى الرغم من الجهود الرسمية المبذولة لمنع مثل هذه الحالات الا انها لم ترق بعد للمستوى المطلوب على حد وصفه.
بالمقابل بين السيد عصام العاروري مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان من خلال كلمته أن الأعوام (2014) الى (2016) هي اعوام تعذيب بحق الاطفال الفلسطينيين خاصة المقدسيين من قبل الاحتلال الاسرائيلي علما ان هذه الممارسات قد تزايدت بحقهم منذ 2015 في الهبة الشعبية الأخيرة مستعرضا اشكال هذه الانتهاكات.
وكان الدكتور وحيد جمعة مدير التخطيط الإستراتيجي في وزارة الداخلية قد بين أنه قد تم وضع مسودة لمدونة السلوك للعاملين في قوى الامن الفلسطين من خلال لجنة وطنية تم تشكيلها بقرار دولة رئيس الوزراء الفلسطيني والتي تمنع القيام بممارسة أي فعل من افعال التعذيب او الممارسات المهينة واللاإنسانية، فعلى الرغم من عدم الزاميتها قانونيا الا انها تحمل قوة القانون، مشيرا الى انه سيتم اجراء مشاورات وطنية واسعة لمناقشة المسودة المذكورة لضمان اوسع مشاركة مجتمعية فيها.
كما أكد قاضي محكمة بداية نابلس السيد فطين سيف ممثلا لمجلس القضاء الأعلى، أنه قد تم وضع مادة تدريبية بالتعاون مع مجلس القضاء الاعلى ووزارة العدل والنيابة العامة والتي سيتم نشرها قريبا وذلك كمحاولة لسد الفراغ المتمثل بعدم وضوح العلاقة ما بين التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية والتي تنعكس على التطبيق القضائي الفعال لهذه الاتفاقيات، ذلك ان القضاء الوطني لا زال متحفظا في هذا الصدد مع وجود بعض التطبيقات القضائية لهذه الحقوق.
وكان رئيس نيابة الإستئناف السيد أحمد حنون ممثلا للنيابة العامة قد أبرز دور النيابة العامة بصفتها ممثلة للحق العام في تحقيق العدالة الجنائية من خلال الدور المناط بها والمتمثل بالتفتيش الدائم والمستمر لجميع اماكن التوقيف والاحتجاز، والرقابة على اعمال الضابطية القضائية بكافة اجهزتها مشيرا الى انه في حال ارتكاب أي احد من قوات الامن لأي مخالفة بحق أي مواطن فان النيابة العامة العسكرية هي الجهة المختصة وليس النيابة العامة.
وقد أكد الدكتور توفيق سلمان رئيس جمعية الأطباء النفسيين خلال كلمته على أن التشخيص المبكر للشرائح التي تتعرض للتعذيب واهمها الشباب والاطفال من شأنه أن يحميهم ويعيد ادماجهم في المجتمع من خلال برامج التطوع والتدريب وتقديم انظمة الدعم لهم مبرزاً أهميتها في تعزيز مشاعر التضامن والأمل، مؤكدا على دور المؤسسات الرسمية المختصة لاحتواء ضحايا التعذيب محذرا من عواقبها المستقبلية الضارة.
وكانت السيدة منار عرار مسؤولة وحدة العلاج النفسي في مركز علاج وتاهيل ضحايا التعذيب قد استعرضت دور المركز المهم في تقديم الخدمات الشاملة والمتكاملة للضحايا من خلال تقديم خدمات العلاج النفسي والاجتماعي والطبي الدوائي والمهني بالاضافة الى نشاطات المركز الوقائية التي تهدف إلى تعزيز ونشر الوعي باهمية مناهضة التعذيب من خلال الدورات المختلفة.
وكانت أهم النتائج والتوصيات التي تم التوصل اليها خلال المؤتمر:
- موائمة التشريعات الفلسطينية مع المعاهدات والمواثيق الدولية وخاصة اتفاقية مناهضة التعذيب.
- تفعيل سيادة القانون ومسائلة مرتكبي جريمة التعذيب وضرورة تفعيل أجهزة الرقابة الداخلية في الأجهزة الامنية.
- سماح الأجهزة الأمنية بزيارات مستقلة وغير معلن عنها يتفق مع البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب والذي ندعو فخامة الرئيس بالتوقيع عليه.
- حث الجهاز القضائي والنيابة العامة على مزيد من الزيارات لأماكن الاحتجاز للحيلولة دون انتهاكات حقوق الانسان.
- ضرورة تفعيل الولاية الدولية لمسائلة مرتكبي الجرائم الجسيمة للتعذيب من الاحتلال الاسرائيلي.
- انصاف ضحايا التعذيب وضرورة انشاء صندوق وطني لذلك استناداً لما جاء في المادة (14) لاتفاقية مناهضة التعذيب
في ظل تزايد اعداد ضحايا التعذيب فإن المؤتمر يدعو الى تقديم المزيد من المساعدات المخصصة لتأهيل الضحايا حيث أن الحق في التأهيل حق مطلق ويشمل التأهيل النفسي والاجتماعي والقانوني والجسدي.