اطلس- تنفست الطبقة الفلسطينية الصعداء، حين جرت المكالمة بين الرئيس ترمب والرئيس محمود عباس، ومن خلال المعالجة الإعلامية "الغشيمة"، بدا كما لو أن المكالمة جددت الشرعية الفلسطينية.
لا يصح لأي سياسي ان ينكر أهمية الولايات المتحدة، وقوة تأثيرها في المعادلات السياسية، حتى لو تراجع نفوذها نسبيا في حروب الربيع العربي، غير أن قوة التأثير الأمريكي تتضائل كلما اقترب الامر من إسرائيل والفلسطينيين، فهنالك تسليم امريكي ان لم يكن علنيا فهو حقيقي، بأن الوضع الفلسطيني جزءٌ من الوضع الداخلي الإسرائيلي، وأقصى ما تستطيع اية إدارة أمريكية فعله هي الطلب من الإسرائيليين تخفيف قبضتهم على العنق الفلسطيني، وتطوير الخدمات والتسهيلات، تفادياً للانتقاد الدولي وحرصا على سمعة إسرائيل التي تتدعي انها الواحة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
في هذه الأيام وبعد الاحتفاء بمكالمة ترمب ودعوة الرئيس عباس للالتقاء به في البيت الأبيض، وقدوم مبعوث امريكي للبدء بمشاورات تحت عنوان تحقيق التسوية.
الان جاء وقت وضع النقاط على الحروف، ودراسة ارقام المعادلة بعناية، وتعزيز الأوراق الفلسطينية في لعبة القمار الدموية على مصير الشرق الأوسط.
وهنا ينبغي تحديد الرقم الأصعب الذي نواجهه على الأرض وسنواجه أذاه على موائد اللعب في امر التسويات، في هذا الشأن حكايتنا تبدأ مع الرقم الإسرائيلي، الذي خبرناه في الحرب والسلم، ويفترض ان نكون عارفين بما يفكر ويبيت وما هي وسائله في خدمة أهدافه التي قد لا تنتهي عند تحقيق رؤية نتنياهو للحل القائم على دعامتين ... الأولى سيطرة امنية كاملة لإسرائيل من النهر الى البحر ، والثانية لا دولة فلسطينية حقيقية وفي افضل الأحوال حكم ذاتي محسن. وما دامت إسرائيل تجمع على هذا يمينا ويساراً، صقوراً وحمائم، باستثناء نخب ضئيلة التأثير في القرار السياسي، فإن الحكاية تكون هنا وليس في مكان آخر.
وفي هذه الحالة يكون ترمب لاعبا ثانويا، ولعله افصح عن ذلك حين رمى الكرة في المرمى الفلسطيني الإسرائيلي قائلا.."ادعم ما يتفقون عليه".
هذا التصريح يلامس رضىً عند الإسرائيليين الذين لا يرون في أمريكا إلا داعما مغمض العينين لسياساتهم مهما كانت وكيفما مورست، وما على أمريكا العظمى الا ان تتكيف مع هذه السياسة، وتعمل على تكييف الاخرين معها، حتى في عهد ما كنا نعتبرها افضل الإدارات ، مثل إدارة بوش الاب وكلينتون واوباما-كيري، فقد كانت المعادلة الإسرائيلية هي المتحكمة بالدور الأمريكي، لقد كان هنالك اختلافا في اللغة والتصريحات، غير ان النتائج كانت واحدة، ولمن نبيع امتناع إدارة أوباما عن التصويت في مجلس الامن، والوعد بفيتو آخر اذا ما عرض الامر ثانية على المجلس.
المكالمة مهمة، والدعوة الى البيت الأبيض مهمة كذلك، فهذه أمريكا التي إن لم تكن قادرة على مساعدة الفلسطينيين كما يجب، فهي الأكثر قدرة على ايذائهم بحيادها الظاهري الذي هو اعمق أنواع الانحياز لإسرائيل.
المرحلة القادمة التي ربما تكون بدأت امس او قبل ذلك بقليل ستكون مرحلة الخيارات الصعبة بالنسبة للفلسطينيين، وحين نعرف الأفكار الجديدة التي قد يبلورها خبراء ترمب، سنعرف كم كنا متسرعين او موضوعيين في تقويم المكالمة والدعوة