اطلس- تسميها زميلاتها الأسيرات في سجن "هشارون"، "حسونة السجن"
، بينما تعتبرها والدتها الامل في الحياة، وتلقبها مديرة مدرستها ومعلماتها وزميلاتها بالفنانة الموهوبة، فما تتمتع به من روح وأخلاق وسمات ، منح الأسيرة الطالبة القاصر أمل جمال محمد قبها (17 عاما) مكانة مميزة ومحبة كبيرة لدى كل من عرفها والذين يشاركون عائلتها الدعاء لحريتها وعودتها من غياهب السجون الاسرائيلية التي حرمتها عائلتها ودراستها ، لكنها لم تتمكن من تكبيل يديها ، فما زالت تقبض على ريشتها وتمارس موهبتها في الرسم ، وبعدما كانت ترسم عن أحلام الطفولة وامنيات الطالبات أمثالها، وصور الجدار والحواجز ، تقضي ساعات طويلة من يوميات سجنها في رسم صور الظلم الذي يتعرض لها شعبها دون أن تنسى حكاية اعتقالها الظالمة، اضافة لواقع معاناة الأسيرات وأحلامهن في الحرية.
بسمة الامل
رغم صبرها وجلدها ومعنوياتها، تبكي الوالدة الاربعينية نوال قبها "أم سند "، كلما تردد إسم كريمتها " أمل "، خاصة مع افتتاح العام الدراسي الجديد بينما ما زالت تقبع خلف قضبان الحديد ، وتقول " ابنتي بسمة الامل و الامل في الحياة ، أكثر ابنائي حباً وقرباً لقلبي ، متميزة ومتواضعة وطموحة ، أمل ملتزمة دينياً وعالية الأخلاق فيها كل ما تتمناه أم صالحة بكريمتها ، مطيعة ومتعاونة وقلبها أبيض وكبير ، كما أنها متميزة في دراستها واجتماعية في علاقاتها في المدرسة مع معلماتها وزميلاتها ، فالجميع يحبها ويحترمها ويقدرها "، وتضيف " منذ صغرها ، امتلكت موهبة الرسم ، وكانت تعشق حصة الفن كثيراً ، وكلما كبرت تتميز برسوماتها التي تستوحيها من افكارها ، وحظيت بدعم وتشجيع كبير منا جميعاً اضافة للهيئة التدريسية في مدرستها ، وكلنا توقعنا لها مستقبل في مجال الفن وحفزناها على مواصلة موهبتها وتنميتها وتطويرها" .
يوم الاعتقال
تعتبر الأسيرة أمل ، الثالثة في عائلتها المكونة من 6 انفار ، ولدت ونشأت في طورة قضاء جنين ، تعلمت في مدارسها حتى الصف الرابع ، ثم انتقلت مع عائلتها لتستقر في قرية " ام الريحان " ، المحاصرة والمعزولة داخل جدار الفصل العنصري وبوابات الاحتلال ،وتقول والدتها " كانت تحب التعليم وتطمح لتحقيق معدلات عالية للانتساب للجامعة ومواصلة مسيرتها كفنانة ورسامة لانها كانت تعتبر ذلك جزء من حياتها، وتعبر عمن حولها بالرسم والريشة واللوحة والالوان "، وتضيف " تابعت دراستها حتى الصف العاشر بسبب اعتقال الاحتلال لها في مساء 14/8/2016 عن حاجز" 300" ، الواقع بين طورة وام الريحان ، فخلال عودتنا مساء ذلك اليوم في سيارتنا من بلدة يعبد لمنزلنا ، أوقف الجنود ابنتي للتفتيش واحتجزوها "، وتكمل " تعاملت مجندة اسرائيلية مع أمل بطريقة استفزازية ووجهت لها ألفاط وكلمات بذيئة دون سبب ، ولمعرفة ابنتي ببعض الكلمات العبرية ، فهمت ما قالت المجندة ، فردت عليها بغضب مستنكرة هذا التعامل الذي تطور لتعارك بالايدي بينهما ".
التهمة الباطلة
لم ينته المشهد ، وتقول الوالدة أم سند " استنفرت المجندة ، واستدعت الجنود ، زاعمة أن ابنتي تحمل سكين واتهمتها بمحاولة الطعن ، وخلال دقائق ، اغلق الحاجز وحضرت قوات خاصة من الجيش واعتقلونا أنا وزوجي وأمل ، حيث كنا ما زلنا ننتظر في احدى غرف التفتيش"، وتضيف " نقلونا لمعسكر مستوطنة " شاكيد " ، وتم التحقيق معنا وبعد ساعتين ونصف ، قال الضابط لوالدها: انت ووالدتها سيفرج عنكما، ولكن ابنتكم ستبقى معتقلة لدينا لحين محاكمتها "، وتكمل " تعرضت أمل للتحقيق في سجن الجلمة بتهمة باطلة ومفبركة ، فهي لم تنكر تعاركها مع المجندة دفاعاً عن كرامتها وضد شتائمها ، لكنها لم تكن تحمل سكين ولم تفكر مجرد تفكير بالطعن ، فهي مستقرة بحياتها الجميلة ، ناجحة ومتفوقة وطموحة وصاحبة موهبة وفن واحساس مرهف ، لكن الاحتلال رفض الافراج عنها ، وبعدما عقد لها 14 جلسة محكمة ، صدر بحقها الحكم القاسي والظالم بالسجن عام ونصف وغرامة مالية قيمتها 20 ألف شيكل ".
حسونة السجن....
رغم صغر سنها ، تأقلمت أمل مع الأسيرات اللواتي أطلقن عليها "حسونة السجن" ، وتقول والدتها:" بروحها واخلاقها وصمودها وبطولتها وفنها وموهبتها ، امتلك مساحة ومحبة كبيرة في قلوب الأسيرات ، وفي داخل السجن تقوم بالتعبير عن معاناتها و معاناة الاسيرات والاسرى عن طريق رسوماتها التي تجسد الالم والوجع الناجم عن ظلمىة السجن وظلم السجان الذي لايراعي حقوقهن "ـ وتضيف " لا تتوفر لديها أدوات الفن ، لكنها ترسم بيديها مسيرة حياتها في السجن وتحديها بريشتها وقلمها الذي تمسكه بيدها وتعتبره سلاحها الذي توصل من خلالها صرخات ونبض الحرية ".
اكمال التعليم
عاقب الاحتلال ، عائلة الأسيرة أمل بالمنع الامني ، ولا يسمح لها بزيارتها سوى مرة واحدة كل شهرين ـ ورغم ذلك ، ما زالت تتابع حياتها كباقي الأسيرات ، وتقول الوالدة أم سند " ابنتي معنوياتها عالية ، وتريد اكمال دراستها في الصف الحادي عشر ، حتى تتمكن عندما تتحرر من السجن ان تتابع دراسة الثانوية العامة ، ولا تتأخر عن ذلك العام . الذي تعتبره مصير حياتها ومشوار تعليمها "ـ وتضيف " تسود حالة من الحزن والكابة في منزلنا ، فالجميع يفتقدها خاصة في يوم الجمعة والمناسبات ، وتنهمر دموعي دون توقف عندما نستعيد ذكريات الماضي مع امل ونستذكر لها مواقف كثيرة ".
ووجهت أم سند ، رسالة لكريمتها أمل ، قالت فيها " لو منعونا ، انت معنا روحنا وحياتنا ، اصبري ونحن فخورين بك ، فقد كبرت واصبحت رغم وجعك تزرعين الصبر فينا ، فصبر جميل وبالله المستعان ، ولقاء الحرية قريب ".