اطلس-تحت رعاية الدكتور رامي الحمدالله رئيس الوزراء، أحيت مدينة بيت لحم، مهرجان قطف الزيتون السابع عشر تحت شعار: "باقون كشجر الزيتون
بتنظيم من بلدية بيت لحم، ومركز التعليم البيئي التابع للكنيسة الانجيلية اللوثرية، ومركز السلام، بالشراكة مع العديد من مؤسسات المجتمع المدني الشريكة، بحضور عدد كبير من ممثلي وفعاليات مؤسسات المجتمع المدني، وعشرات من مزارعي الزيتون، من مختلف المحافظات ومئات المواطنين من أهالي المحافظة.
وقال نائب رئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا: "لقد اهتمّ أجدادنا منذ آلاف السنين بشجرة الزيتون، وأضحَت مع مرور الوقت رمزاً للوجود الفلسطيني على أرضنا الفلسطينية، فكما هي جذور هذه الشجرة ثابتة في الأرض، فنحن كفلسطينيين نعلنها على الدوام إننا ثابتون في أرضنا، وجذورنا فيها ترجع إلى آلاف السنين، إلى ماضي أجدادنا وآبائنا، وسنورثها أيضاً لأبنائنا من بعدنا".
وأضاف:"إن هذه الشجرة تعتبر رمزاً للسلام على أرض السلام، حَمَلَ أغصانَها القائد الراحل ياسر عرفات أمام الأمم جميعها داعياً إلى السلام، وذات الغصن حمله الرئيس محمود عباس معه أيضاً، وكررها مرةً أخرى أمام العالم أجمع، داعياً إلى السلام على هذه الأرض المقدسة، السلام الحقيقي القائم على العدل والمساواة، لذلك في رحلة عبورنا نحو تجسيد دولتنا الفلسطينية، ترافقنا دوماً هذه الشجرة بخضارها وجذورها القوية، منها نستمد قوتنا وصمودنا".
وأكد حنانيا، أن شجرة الزيتون تعتبر أحد أهم أعمدة الاقتصاد الفلسطيني، فثمار الزيتون والزيت الناتج عنها تعتبر من أجود أنواع الزيوت في العالم، من حيث الرائحة والنكهة الخاصة بها، كما أنّ خشبها يُستخدَم في واحدة من أهم الصناعات البيتلحمية، ولكن لَم تَسلَم هذه الشجرة من ممارسات الاحتلال البشعة، إذ نشاهد يومياً قطعان المستوطنين وهم يقتلعون ويحرقون آلافاً من هذه الأشجار، ومصادرة الاحتلال آلاف الدونمات من أراضي المواطنين والكنائس والمؤسسات في المدينة، مانعاً أصحاب الأراضي من الوصول إليها، إلا أنه بإصرار المواطنين على الوصول لأراضيهم وبجهود بلدية بيت لحم والارتباط المدني الفلسطيني والصليب الأحمر الدولي استطاع المواطنون قبل يومين الوصول لأراضيهم، فوجدوها بعد أكثر من ستة عشر عاماً من غيابهم عنها قسراً بحاجة لعناية فائقة، وأشجار الزيتون لا تُعطي الثمار، ولكن ما يُهمنا من هذه الزيارة أنها تُثبت أننا موجودون، فإذا اعتبرنا الاحتلال بقوانينه غائبين، نؤكد للعالم أجمع أننا هنا، موجودون على أرضنا الفلسطينية، ولن نتوقف عن المطالبةِ بحقوقنا.
وقالت جوان عياد، في كلمة مركز التعليم البيئي، بالنيابة عن مديره سيمون عوض:"إننا في مركز التعليم البيئي، في الأردن والأراضي المقدسة ومركز السلام ببيت لحم، ومعنا الشركاء في مديرية الزراعة في مدينة المهد، عملنا هذا العام كفرقة عزف لإخراج مهرجان قطف الزيتون السابع عشر بأبهى حلة، ولنفخر بهذا الحدث، الذي صار واحدا من عناوين الأرض والبقاء ومنح سيدة الأشجار ما يليق بها."
وتابعت: "لقد انطلق مهرجاننا زيتوننا في ظروف صعبة، تزامنت مع عدوان احتلال طامع، وتصاعد مجنون لوتيرة الاستيطان، وتبعه تمدد جدار الفصل العنصري كسرطان في جسم غض، لكنه أصر على مقاومة المحتل وتسلح بالأمل، فكان فرصة لتكريم حراس الأرض وسواعدها، والوقف بجوارهم في حصاد أرادوا له أن يكون مراً."
ولفتت عياد، إلى أن شجرة باسقة في التاريخ لم تواجه حربًا شرسًة وعداءً مستحكماً، كما تواجهه شجرة الزيتون على أرض فلسطين بفعل الاحتلال، فهي منذ القدم من ركائز الاقتصاد الوطني، ودخلت في جوهر الصراع مع الاحتلال الذي عمد إلى محاربتها واقتلاعها، ورغم ذلك هي الاحتياط الأغلى لكل بيت وأسرة، وهي العماد في الاقتصاد الزراعي، وهي النفط بالنسبة لفلسطين، و"الذهب الأخضر" ورمز صمود ومقاومة، ومناسبة اجتماعية واقتصادية في موسمها.
وذكرت أن أشجار الزيتون تغطي ما يقارب 45% من مساحة الأراضي الزراعية، وتعتبر الأكثر انتشاراً بنحو80% من مساحة الأراضي المزروعة بالأشجار المُثمرة، وتمتد أشجارها على 938 ألف دونما ( وفق إحصاءات عام 2009)، فيما تحتضن حقول فلسطين وجبالها ومساحاتها نحو 11 مليون شجرة منها، ويصل معدل إنتاج الواحدة بين 1,8 كغم- 2,5 كغم. أما الدونم في الحقول القديمة فينتج 20 كغم بالمعدل، وفي الجديدة 28,5 كغم.
وبينت، أن عدد المعاصر يصل إلى 294، ويبلغ عدد العاملين في معاصر الزيتون عام 2010 نحو 1522، ومتوسط إنتاج السنة الماسية من زيت الزيتون إلى 33 ألف طن، تتراجع في السنة الشلتونية ( الرديئة الإنتاج) لتتراوح 4-7 آلاف طن. وتصل مساهمة الزيتون في السنوات الجيدة إلى حوالي 13%من قيمة الإنتاج الزراعي السنوي.
وأكد طارق أبو لبن، مدير التسويق الزراعي في وزارة الزراعة في كلمته، بالنيابة عن وزير الزراعة الدكتور سفيان، أن للزيتون أهمية خاصة في حياتنا منذ القدم، وما زال يشكل أحد أهم ركائز الاقتصاد الزراعي، فالسنة وفيرة الزيت ترتفع فيها مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي، وكلما زادت صادراتنا من زيت الزيتون ظهر ذلك جليا في المؤشرات الاقتصادية الكلية في فلسطين، وقد أظهرت الحكومة اهتماما خاصا بهذا القطاع وعملت بمفردها أحيانا ومع شركائها في أحيان أخرى للارتقاء بمستويات جودة زيت الزيتون وزيادة ربحية العاملين فيه، والتوسع العمودي والأفقي في إنتاجه، واختراق الأسواق العالمية كونه السفير الدائم للزراعة والثقافة الفلسطينية في العالم، فقادت الجهود لإنتاج أول إستراتيجية فرعية منبثقة عن إستراتيجية القطاع الزراعي والتي كانت الإستراتيجية الوطنية لقطاع الزيتون.
ولفت أبو لبن، رلى أن هذه الجهود تأتي، في ظل الهجمة البشعة التي يتعرض لها القطاع الزراعي عامة، وأشجار الزيتون بشكل خاص، لإجراءات احتلالية من مصادرة أراض، وتوسع وتجريف أراض، وإحراق لحقول الزيتون ومنع أصحابها من الوصول إليها، إضافة إلى ما يقوم به قطعان المستوطنين من اعتداءات على مزارعي الزيتون وسرقة محصولهم، كل ذلك يهدف إلى تدمير الزراعة الفلسطينية، واقتصادنا الوطني ورمزية شجرة الزيتون في تراثنا الثقافي.
مؤكدا على أهمية المحافظة على إقامة مهرجان الزيتون في بيت لحم، كتقليد سنوي في اطار تعزيز علاقة الأجيال الجديدة بزيت الزيتون ومنتجاته، ما يتطلب الحفاظ على هذا التقليد المهم وتوسيع قاعدة الشراكة بين جميع المؤسسات، وصولا إلى الشكل الذي يليق بعراقة هذه المدينة وزيتونها. مؤكدا دعم وزارة الزراعة لمثل هذه الأنشطة، التي تروج لمنتجاتنا الزراعية وتعزز من قدراتها التنافسية.
وقالت رانيا ملكي البندك، مديرة مركز السلام: "إن المركز يحرص في كل عام على تنظيم هذا المهرجان لأهميته في توفير الدعم لمزارعي الزيتون، وتعزيز صمودهم في مواجهة الإجراءات الاحتلالية، كما أن مهرجان قطف الزيتون السنوي يشكل فرصة مهمة لخلق سوق مركزي، مهم لتسويق المحاصيل الزراعية المتعلقة بالزيتون ودعم المزارعين والصناعات والحرف المختلفة".
وعلى هامش المهرجان أقام المنظمون معرضا في ساحة المهد، اشتمل على عشرات الأجنحة لمنتجات الزيتون من زيت وثمار زيتون والصابون، وتحف شرقية، وأخرى عرضت فيها المطرزات الفلسطينية، ومنتجات زراعية من ريف المحافظة.
وقدم الفنان قاسم النجار وصلات من الغناء الشعبي، فيما قدمت الفرق الفنية المشاركة العديد من العروض الفنية الفولكلورية.