اطلس- الزميلات الزملاء الأفاضل،
تحية الحق والعروبة وبعد،
ببالغ القلق والاستهجان تابع مجلس النقابة في جلسته المنعقدة في هذا اليوم الموافق 23/12/2017 الإنذار الخطي الموجه من مدير عام المنظمات غير الحكومية في وزارة الداخلية إلى جمعية نادي القضاة بتاريخ 26/11/2017 بشأن تصويب وضعها القانوني، والذي جاء كما ورد في متنه بناءً على شكوى من رئيس دائرة التفتيش القضائي عبر رئيس مجلس القضاء الأعلى، بادعاء تجاوز جمعية نادي القضاة للقانون ونظامها الأساسي بإعلان الجمعية لتعليق العمل في المحاكم احتجاجا على انتهاك حرمة محكمة صلح وبداية نابلس واختطاف الزميل محمد حسين من داخل قاعة المحكمة وتضامنا مع الفعاليات الاحتجاجية ضد الحكومة التي أعلن عنها مجلسنا من السابق.
وينظر مجلس النقابة بعين الخطورة لتداعيات هذا الإنذار على حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير عن الرأي المكفولة بالقانون الأساسي باعتباره انتهاك جسيم لأحكام المادة (26) من القانون الأساسي والمادة (22) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقعت وانضمت اليه دولة فلسطين، وكذلك ينتهك البند (8) و (9) من المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية التي تكفل الحق في حرية تكوين الجمعيات.
حيث نص البند (8) من مبادئ الامم المتحدة بشأن استقلال السلطة القضائية التي تم إقرارها في مؤتمر ميلانو لمنع الجريمة و معاملة المجرمين المنعقد لسنة 1985 أنه " وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان يحق لأعضاء السلطة القضائية كغيرهم من المواطنين التمتع بحرية التعبير و الاعتقاد و تكوين الجمعيات و التجمع.."، كما نص البند التاسع من ذات المبادئ (تكون للقضاة الحرية في تكوين جمعيات للقضاة أو غيرها من المنظمات لتمثيل مصالحهم والنهوض بتدريبهم المهني وحماية استقلالهم القضائي، وفى الانضمام إليها).
كما يؤكد المجلس على أن الأنشطة التي قامت بها جمعية نادي القضاة، المشار إليها في حيثيات الإنذار، والتي تسعى للدفاع عن استقلال القضاء وكرامة السادة القضاة، باعتباره حق للمجتمع، في مواجهة تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية ومنظومة العدالة، إنما تقع في صلب الأهداف المبينة في "المادة السادسة" من النظام الأساسي لجمعية نادي القضاة والتي أكدت على: تعزيز ثقافة احترام القضاء واستقلال السلطة القضائية، والدفاع عن حقوق القضاة وكرامتهم وحصانتهم، واستقلال المؤسسة القضائية الفردي والمؤسسي، وتعزيز دور القضاء في صيانة حقوق الإنسان والحريات العامة، وتعزيز انتمائهم للرسالة القضائية ومبادئ استقلال القضاء، وتعزيز قدراتهم الفردية والجماعية في الدفاع عن استقلالهم، وغيرها من الأهداف ذات الصلة.
ويرى مجلس النقابة أن الإنذار الموجه لجمعية نادي القضاء يأتي في سياق حالة التغول من قبل السلطة التنفيذية على العمل النقابي واستقلال السلطة القضائية بشكل مزدوج، ولا ينفصل عن منهج الحكومة في قمع حرية التعبير عن الرأي وإصدار القرار بقانون بشأن الجرائم الإلكترونية خلافا للمعايير الدولية وتكريس سياسة الإفلات من العقاب لمنتهكي الحريات العامة والاستقواء بضعف السلطة القضائية في لي عنق العدالة بقمع حرية العمل النقابي في السنوات الأخيرة بقرارات متتالية من محكمة العدل العليا أدت بالنتيجة إلى إجهاض العمل النقابي في ظل الحكومة الحالية، وفي المقابل، لا يقلل مجلس النقابة من خطورة الدور المنسوب لرئيس مجلس القضاء الأعلى ودائرة التفتيش القضائي كما ورد في متن الإنذار إن صح القول في الاستعانة بالسلطة التنفيذية لكبح عمل جمعية نادي القضاة في الدفاع عن استقلال القضاة وحماية قدسية حرمة المحاكم لما ينطوي عليه هذا الدور من انتهاك واضح للحق في حرية تكوين الجمعيات، ومساس باستقلال القضاء والقضاة، ويتيح للسلطة التنفيذية ممارسة المزيد من الهيمنة على القضاء ومنظومة العدالة، ويشكل تدخلاً صارخاً في شؤون العدالة خلافا للقانون الأساسي. ولا سيما أن مجلس القضاء الأعلى قد وقع مع جمعية نادي القضاة على اتفاق أنهى الخلاف بينهما بشأن الفعاليات المعلن عنها من الجمعية برعاية مجلس النقابة وذلك رأبا لأي صدع قد ينشأ داخل الجسم القضائي.
كما يؤكد مجلس النقابة على عدم دستورية المادة (4/6) من القرار بقانون رقم (11) لسنة 2017 بشأن تنظيم حق الإضراب في الوظيفة العمومية والتي تحظر الإضراب على القضاة ممارسة الإضراب. ذلك أن حق الإضراب وممارسته في حدود القانون مكفول في المادة (25) من القانون الأساسي، والمادة (22) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة (8) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن الحظر المطلق للإضراب والحالة تلك محظور في المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وأن أي قيد على الإضراب ينبغي ألا يُفرّغ هذا الحق من مضمونه، وألا يعرضه للخطر، وألا يجعل من ممارسته أمراً متعذراً، وبغير ذلك نكون أمام انتهاك مؤكد للحق في الإضراب.
وعليه، فإن مجلس النقابة يطالب وزارة الداخلية بسحب الإنذار الموجه إلى جمعية نادي القضاة باعتباره انتهاكا للقانون الأساسي ولمبادئ استقلال السلطة القضائية، كما قرر مجلس النقابة تكليف فريق من المحامين وأعضاء المجلس لتمثيل جمعية نادي القضاة واتخاذ كافة الإجراءات القانونية والقضائية الكفيلة بسحب وإبطال الإنذار المذكور.
تحريرا في 23/12/2017
مجلس النقابة
#القدس_عاصمة_دولة_فلسطين