القاهرة - أطلس - وجه الجيش المصري يوم الأحد تحذيرا قويا للفصائل السياسية المتناحرة ودعا الى التوصل لتوافق من أجل حل أزمة سياسية تتصاعد قائلا إنه قد يتدخل لفرض الأمن والنظام ولن يقف صامتا إذا تدهور الوضع وتحول إلى صراع خلال مظاهرات تدعو المعارضة لتنظيمها الأسبوع القادم.
جاء التحذير بعد تصاعد التوتر خلال اليومين الماضيين ومقتل رجلين وصفتهما جماعة الإخوان المسلمين بأنهما "شهيدان" في إشارة إلى أنهما من أنصار التيار الاسلامي.
ويوضح التحذير الذي أصدره وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي بجلاء أن القوات المسلحة في مصر قوة مستقلة بعد عام من قيام العسكريين بتسليم السلطة للرئيس محمد مرسي وحكومة مدنية.
وفاز مرسي في أول انتخابات رئاسية تلت انتفاضة شعبية أطاحت مطلع 2011 بالرئيس السابق حسني مبارك الذي جاء من صفوف الجيش.
وقال السيسي في تصريحات إنه لن يسمح "بالتعدي" على "ارادة الشعب المصري".
وأضاف أن السياسيين يجب أن يستغلوا الأسبوع المتبقي على موعد المظاهرات المناهضة للرئيس محمد مرسي يوم 30 يونيو حزيران للسعي لتسوية خلافاتهم.
وقال مصدر عسكري إن الاشتباكات والمشاحنات وتبادل تخريب الممتلكات في الأيام الماضية كان سببا في التحذير الذي أصدره الجيش.
واجتمع مرسي مع السيسي يوم الأحد في لقاء وصفه متحدث باسم الجيش بأنه يأتي ضمن المشاورات الدورية بينهما.
ولا يبدو أن هناك تهديدا مباشرا لمرسي من الجيش الذي يبدو أنه يقبل الوضع الدستوري الجديد للرئيس. ووصف مصدر رئاسي التصريحات بعد الاجتماع بأنها "إيجابية".
لكن تصريحات السيسي تمثل ضغطا إضافيا على مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها لقبول إدخال معارضين إلى عملية مواجهة مشاكل مصر الاقتصادية والاجتماعية.
ورحب ليبراليون بالتصريحات لكنها تمثل ضغطا عليهم للتخلي عن حملة للإطاحة بالرئيس المنتخب.
ولا يريد الإسلاميون أو منافسوهم العودة إلى حكم سانده الجيش استمر 60 عاما. ويحترم معظم المصريين الجيش.
وقال السيسي إنه سيدافع عن الديمقراطية ويعتقد محللون كثيرون أن الجيش الذي يحوز مصالح اقتصادية كبيرة راض بوضعه الجديد.
وقال ناثان براون وهو خبير في شؤون مصر بجامعة جورج واشنطن الأمريكية "الجيش يحاول إرسال إشارة إلى الجانبين."
وأضاف أن "هذا التصريح يرضي طرفا أكثر مما يرضي الآخر" لأن عناصر في المعارضة حبذت نزول الجيش ضد الإسلاميين.
ويقول النشطون والسياسيون الداعون للمظاهرات إنهم يطالبون مرسي بالاستقالة لفتح الطريق أمام انتخابات رئاسية مبكرة.
وقال السيسي في التصريحات التي نشرتها الصفحة الرسمية للمتحدث باسم القوات المسلحة "يخطيء من يعتقد أننا في معزل عن المخاطر التي تهدد الدولة المصرية ولن نظل صامتين أمام انزلاق البلاد في صراع يصعب السيطرة عليه."
وتعد تصريحات السيسي من أقوى ما أصدره الجيش من تحذيرات منذ سلم السلطة إلى مرسي وحكومة مدنية نهاية يونيو حزيران العام الماضي بعد أول انتخابات رئاسية تلت انتفاضة 2011 .
وقال السيسي "القوات المسلحة تدعو الجميع دون أي مزايدات إلى إيجاد صيغة تفاهم وتوافق ومصالحة حقيقية لحماية مصر وشعبها."
وأضاف "القوات المسلحة تجنبت الدخول في المعترك السياسي إلا أن مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية تجاه شعبها تحتم عليها التدخل لمنع انزلاق مصر إلى اقتتال داخلي."
وهناك مخاوف متزايدة من اندلاع عنف شوارع واسع حين يتدفق معارضو الرئيس المصري إلى الشوارع ربما قبل الموعد المحدد لبدء الاحتجاجات.
وقال السيسي مؤكدا المخاوف "ليس من المروءة أن نصمت أمام تخويف وترويع أهالينا المصريين. والموت أشرف لنا من أن يمس أحد من شعب مصر فى وجود جيشه."
وأثارت تصريحات السيسي ردود فعل سريعة توقع بعضها نزول الجيش إلى الشوارع والسيطرة على العمل السياسي إذا لاحت في الأفق دلائل اقتتال داخلي بينما قال آخرون إن إشارة السيسي إلى "ارادة الشعب" في التصريحات تعني أنه بعيد عن التفكير في انتزاع السلطة من الإسلاميين.
وقال عضو مجلس الشعب السابق مصطفى النجار في صفحته على تويتر إن تصريحات السيسي هي "مهلة واضحة ومحددة قبل التدخل المباشرالذي قد يكون مبكرا عما يتوقعه البعض... رسالة المؤسسة العسكرية: لن نسمح بتفكك الدولة وترك الأمور تسير للفوضى التي قد لا يمكن السيطرة عليها بعد ذلك."
وأضاف "المشهد يتغير بالكامل."
وقال عضو مجلس الشعب السابق مصطفى بكري القريب من المؤسسة العسكرية في صفحته على تويتر "الإخوان سيتآمرون ضد السيسي وعلى الشارع المصري أن يكون يقظا إلى جانب قواته المسلحة."
وأضاف "لو حاول الإخوان اللعب بالنار ولو حاول مرسي عزل السيسي ستنفجر الأوضاع في كل مصر فاحذروا."
والسيسي معين بقرار من مرسي وكان قبل تعيينه مديرا للمخابرات الحربية. ومرسي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وتعرض الجيش لانتقاد حاد خلال مظاهرة حاشدة نظمتها جماعة الإخوان المسلمين لمؤيدي مرسي يوم الجمعة. وكان تعرض لانتقادات حادة من نشطين ليبراليين ويساريين خلال الفترة الانتقالية التي أدار خلالها شؤون البلاد واستمرت نحو 17 شهرا.
وقال السيسي في تصريحاته "لن تقف القوات المسلحة صامته بعد الآن على أى إساءة قادمة توجه للجيش... وأرجو أن يدرك الجميع مخاطر ذلك على الأمن القومي المصري."
وقال جمال سلطان وهو محلل سياسي إن الجيش ربما اضطر للتحرك بعد الانتقادات الحادة التي وجهت له خلال مظاهرات يوم الجمعة من جانب العضو القيادي في جماعة الإخوان المسلمين محمد البلتاجي.
وأضاف أن هذا هو أقوى وأوضح تصريح من مسؤول عسكري بأن القوات المسلحة ستتدخل. وتابع أن الجيش يقترب بهذا التصريح من قلب الساحة السياسية.
وقال المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني التي تقود المعارضة خالد داود إن التصريحات معقولة للغاية وإنها المتوقع من جيش مصر.
وأضاف أن المعارضة تتعرض لتهديدات مباشرة من مؤيدي مرسي بإراقة دماء المعارضين لمجرد أنهم يقولون إنهم يمارسون حقهم الديمقراطي في المطالبة سلميا بانتخابات رئاسة مبكرة.
وقال متحدث باسم حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين إن الحزب لن يعلق على التصريحات قبل دراستها.
وقال المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد علي لرويترز إن تصريحات السيسي رسالة طمأنة يرسلها الجيش للشعب بعد أن لاحظ تزايد المخاوف الشعبية من العنف والنزاع الداخلي.
وطلبت محكمة مصرية يوم الاحد من النيابة العامة التحقيق مع أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين في قضية هروب مسجونين من سجن خارج القاهرة بينهم مرسي خلال الانتفاضة.
وكان مرسي من بين نزلاء سجن وادي النطرون شمال غربي القاهرة وهرب مع أعضاء قياديين آخرين في جماعة الإخوان المسلمين بينهم رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة سعد الكتاتني وعصام العريان نائب رئيس الحزب ورئيس كتلة نواب الجماعة في مجلس الشورى وسعد الحسيني محافظ كفر الشيخ.
وهرب الأعضاء القياديون في جماعة الإخوان من سجن وادي النطرون في خامس أيام الانتفاضة التي استمرت 18 يوما وفتحت الطريق أمام الإسلاميين لحكم مصر بعد أكثر من 80 عاما من تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مدينة الإسماعيلية شرقي القاهرة.
ووصفت جماعة الإخوان المسلمين إجراءات محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية بأنها "محاكمة سياسية".
ويتوقع أن يزيد قرار المحكمة الاستقطاب السياسي الحاد الذي تشهده مصر بين الإسلاميين من جهة والليبراليين واليساريين من الجهة الأخرى.
وحول وائل غنيم احد النشطاء البارزين في الانتفاضة ضد مبارك موقفه الداعم لمرسي وطالبه بالاستقالة قبل 30 يونيو حزيران.
وقال مخاطبا مرسي في كلمة مصورة نشرها عبر موقع يوتيوب "اوقف الفتنة التي نحن على اعتابها لله وللوطن واعلن استقالتك قبل 30 يونيو."
وكان إسلامي قتل بالرصاص في اشتباكات بمدينة المحلة الكبرى شمالي القاهرة الليلة الماضية. وقتل آخر بالرصاص ايضا في مدينة الفيوم جنوب غربي القاهرة قبل أيام بحسب مصادر أمنية.
وقالت جماعة الإخوان المسلمين إن قتيل المحلة ينتمي لحزب النور السلفي. وقالت إن مكتبها في المدينة هوجم أيضا من قبل من سمتهم ميليشيا تمرد في إشارة إلى النشطين الذين نظموا حملة بهذا الاسم وقالوا إنهم جمعوا نحو 15 مليون توقيع لتنحية مرسي.
وقال مراد علي وهو عضو بارز في حزب الحرية والعدالة لرويترز إن أعضاء تمرد فلول في إشارة إلى مؤيدي الرئيس السابق.