اطلس- تقترح ملخص المذكرة المذكورة في العنوان، إطلاق مبادرة دولية تركز بشكل مباشر على الشعبين، بدلا من الحكومتين.
والخطوة المقترحة بإعادة تشكيل لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين (الأنسكوب)، قد تصدر عن مجلس الأمن الدولي.
وبما أنه من غير المرجح أن تؤيدها الولايات المتحدة، يمكن متابعة هذه الخطوة بدون دعم الولايات المتحدة الأميركية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتتلخص الفكرة الرئيسية بأن تقوم الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعادة تشكيل "الأنسكوب" وبأن تقوم بإرسال وفودها الى المنطقة لفترة تمتد لعدة أشهر، على سبيل المثال، للانخراط في الحوار مع الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، والذي يعقبه تطوير مسودة معاهدة مفصلة تشكل الأساس لمفاوضات مستقبلية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقد يعرض عمل "الأنسكوب" كمرحلة ثانية من المبادرة العربية للسلام، بحيث تتخذ من المبادرة العربية مرجعية لها، وتسعى لصياغة مسودة اتفاق يكون مقبولا على أغلبية الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. وقد تقوم بذلك عبر عملية رفيعة المستوى تتضمن الاستماع إلى الشعبين من جميع أطراف المجتمع المدني، وبضمنهم اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين ومخيمات الشتات، إضافة إلى المجموعات الإسرائيلية التي لا يستمع لهم الساعون إلى السلام مثل اللاجئين الروس والمستوطنين ومؤيدي الحقوق الدينية. ولن تكتفي "الأنسكوب" بالاستماع فقط، بل ستقوم باستطلاع الرأي العام ودراسة سجل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية السابقة، وبخاصة التقدم الذي أحرز في طابا وفي جولة مفاوضات أولمرت - أبو مازن. كما ستستمع الى المفاوضين من الجانبين، في حال لم تقاطع الحكومة الإسرائيلية أعمالها.
وبعدها ستعود الى نيويورك لتطوير مسودة معاهدة مفصلة تعرض على الجمعية العامة للأمم المتحدة للمزيد من العمل المشروح أدناه.
خلفية حول لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين "الأنسكوب"
في آيار 1947، مررت الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة قرارا يدعو لإقامة لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين، وتم تشكيلها بسرعة وعقدت الجلسات في الشرق الأوسط، وتلقت شهادات من بن غوريون وحاييم وايزمن، لكن الفلسطينيين قاطعوها. وفي أيلول، رفعت "الأنسكوب" تقريرها الى الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة وفي تشرين ثاني 1947 تم تبني تقريرها بالأغلبية كقرار للجمعية العامة للأمم المتحدة خاص بالتقسيم رقم 181، والذي شكل في أيار 1948 القاعدة التي أنشئت على أساسها إسرائيل. كما شكل عام 1988 القاعدة التي أقيمت على أساسها الدولة الفلسطينية.
إيجابيات إعادة تشكيل "الأنسكوب":
1. وكعملية جديدة تستند الى الأمم المتحدة، ستملأ الفراغ الذي نجم منذ فشل جهود وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري عام 2014. وبذلك، فهي توفر البديل لاستئناف العنف واستمرار الجمود.
2. حتى لو قامت إسرائيل بمقاطعة "الأنسكوب - 2"، بسبب مركزية قرارها عام 1947 في إقامة إﺳﺮاﺋﻴﻞ، فإن "الأنسكوب - 2" ستحظى باهتمام كبير من قبل اﳉﻤﻬﻮر اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ والعديد من الشخصيات البارزة ستقدم شهاداتها في جلسات الاستماع التي تعقدها "الأنسكوب". ومن المحتمل أن تهز هذه العملية الواقع السياسي الراكد داخل إسرائيل.
3. ولا يمكن تجاهل فكرة الأنسكوب - 2 مثل بعض الجهود الفلسطينية في تجنب المفاوضات الجدية. وكانت الفكرة طرحت للمرة الأولى في مقال نشر بصحيفة "نيويورك تايمز" تحت عنوان "الذهاب مباشرة الى الإسرائيليين والفلسطينيين." وأشرف على كتابته د. جيروم سيغال وثلاثة من المفكرين البارزين هم وزير الخارجية الإسرائيلي السابق شلومو بن عامي والممثل السابق للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا والحائز على جائزة نوبل لجهوده في التفاعل الإستراتيجي الدولي الراحل ثوماس سي. شيلينغ.
4. وخلال عملها، ستعيد الأنسكوب تركيز الحوار الإسرائيلي / الفلسطيني على الوضع النهائي عوضا عن تمحوره حول القضايا العملية والعقبات التي تحول دون استئناف المفاوضات.
5. وعند البحث عن اتفاق مقبول للطرفين، ستأخذ الأنسكوب كمرجعية أساسية أحدث المفاوضات والتفاهمات الناجمة عن المفاوضات بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أولمرت.
6. ستشكل عملية الأنسكوب وسيلة تحديث التفكير بشأن الحلول للنزاع. ومن المحتمل جداً ظهور أفكار جديدة وبناءة لم تكن جزءاً من جهود المفاوضات السابقة. ومن المرجح أن تكون نتائج الأنسكوب مشروع معاهدة مكفولة دوليا تذهب الى أبعد ما كان مقترحا في الماضي. وبهذا، تكون لإدارة ترامب تفكير جديد حول كيفية حل الصراع، وأن تلك الأفكار ستؤخذ على محمل الجد.
7. وكمبادرة من الأمم المتحدة، قد تشكل الخطة الجديدة للأنسكوب الرافعة لمنظمة التحرير كي تقول "نعم" لاقتراح محدد لمعاهدة سلام، فضلا عن القول "نعم" لكل النقاط والإعلان عن استعدادها لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل على أن يشكل مشروع المعاهدة نقطة الانطلاق. وفي حال حدوث ذلك، فمن شأنه تحويل الأوضاع. ومع الانتخابات الإسرائيلية القادمة، ستشكل في الواقع استفتاء على التفاوض على أساس معاهدة مدعومة من قبل غالبية الرأي العام الإسرائيلي والفلسطيني.
سيناريو محتمل:
1. سيطرح قرار على الجمعية العامة للأمم المتحدة لتشكيل الإنسكوب - 2، بحيث سيقدم كمرحلة ثانية من مبادرة السلام العربية، وهو جهد التطوير التفصيلي الكامل لخطة إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. وسيتم اتخاذ مبادرة السلام العربية كمرجعية له، كما أن الاتفاقية المقترحة يجب أن تكون منسجمة مع المبادرة العربية.
2. وسيتم توجيه الإنسكوب لإجراء عملية تحقيق لإعداد خطة تحظى بدعم الأغلبية من الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني. وستقوم الإنسكوب بزيارة المنطقة لإجراء جلسات استماع واستطلاع للآراء، إضافة الى مراجعة سجل الـ25 عاما من المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية.
3. لا شك أن الولايات المتحدة ستواصل معارضتها استخدام الأمم المتحدة كبديل للمفاوضات الثنائية. ومع ذلك، يمكن كسب دعم الاتحاد الأوروبي إذا تم الاتفاق على استخدام الإنسكوب كمسار للعودة إلى المفاوضات الثنائية بدلا من أن تكون الأساس لقرار 181 جديد وحلول مفروضة.
4. ويؤمل قيام الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت بدلا من القول "لا" في الجمعية العامة للأمم المتحدة والقيام بدلا من ذلك بالتصويت على تأسيس الإنسكوب. وفي هذا السيناريو، ستقول الولايات المتحدة أنها اتبعت نهج "الانتظار والترقب" ما سيتيح لها القيام بدور هام في التأثير على تشكيلة وتفويض الأنسكوب.
5. ولحظة تشكيل الأنسكوب، واعتمادا على ولايتها وتشكيلها وشروطها المرجعية وطريقة عملها، ستقرر الولايات المتحدة فيما إذا كانت ستتعاون معها. ومن الناحية المثالية، سترأس الأنسكوب شخصية عامة أميركية تحظى باحترام واسع، أو شخصية مثل وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر.
6. وبعد ذلك بستة أشهر أو سنة، سينتقل الاهتمام من كيفية إنشاء الأنسكوب الى الغرض الذي قامت من أجله. ويؤمل أن يكون رد فعل الولايات المتحدة على توصيات الأنسكوب مستندا الى جدارتها. ويحتمل أن تدعم الولايات المتحدة مقترحات تجديد المفاوضات التي تأخذ بخطة الأنسكوب كنقطة انطلاق.
7. تتمثل إحدى مقاربات تجديد المفاوضات قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة (أو في حال موافقة الكونغرس الأميركي)، قيام مجلس الأمن الدولي بدعوة الجانبين للتفاوض لمدة ثلاثة أشهر للنظر إذا كانا سيتفقان على أية تحسينات مقبولة على مسودة المعاهدة. وسيتم التمديد في حال طلب الطرفان ذلك. وفي حال فشلهما في التوصل لاتفاق، ستدعو الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إخضاع المسودة لاستفتاء الشعبين لكن ذلك غير ملزم. ويحتمل أن ترفض إسرائيل القيام بذلك.
8. وفي حال نجاح الأنسكوب في تطوير مقترح متوازن يؤيده غالبية الإسرائيليون والفلسطينيون، ستشكل الانتخابات الإسرائيلية القادمة الاستفتاء على ما إذا كان ينبغي على إسرائيل الشروع في المفاوضات. وإذا صوت الإسرائيليون بـ"نعم" سيشكل ذلك تصويتا على تخليص أنفسهم من حكومة نتنياهو. أما إذا صوتوا بـ"لا" ستقوم إسرائيل بعزل نفسها، فيما سيضع الفلسطينيون الأساس لحملة لا عنف ناجحة لإنهاء الاحتلال، ولربما يكونوا مدعومين بقرار 181 جديد تصدره الجمعية العامة للأمم المتحدة.
أسئلة وأجوبة:
1. ماذا عن المطلب الفلسطيني بوقف النشاط الاستيطاني قبل استئناف المفاوضات؟
ج: من المؤكد أن إسرائيل لن توقف النشاط الاستيطاني لاستئناف المفاوضات على أساس مسودة معاهدة الأنسكوب.
2. لماذا ربط ذلك بالمبادرة العربية للسلام؟
ج: الربط مع ما تعرضه المبادرة العربية للسلام من تطبيع كامل بين إسرائيل والعالم العربي. كانت المبادرة العربية للسلام غير ناجحة كونها غامضة فيما يتعلق باللاجئين. وفسر الإسرائيليون الإشارة الى قرار الجمعية العامة رقم 194 كتهديد. أما مسودة معاهدة الأنسكوب فستقترح حلا مفصلا لقضية اللاجئين بناء على البحث الذي أجري خلال العقد الأخير وتم تكشفه خلال السنوات الأخيرة مع اللاجئين وكبار المسؤولين المقربين من إسرائيل ومنظمة التحرير والولايات المتحدة.
3. ألا يعني ذلك أن الدول العربية ستحول المبادرة العربية للسلام الى الأمم المتحدة لكي تشملها في المحتوى؟
ج: ليس حقا، حيث تدعو المبادرة العربية للسلام الى حل متفق عليه. وستلاحظ الجمعية العامة للأمم المتحدة أن جهود المفاوضات المعيارية فشلت في التوصل الى حل تفاوضي، وهذا بكل بساطة توجه بديل للمفاوضات المثمرة.
4. كيف سيحصل الفلسطينيون على أي ضمان بأن الناجم عن الأنسكوب لن يشمل المساومة على مواقفهم كما هي مكفولة في القانون الدولي؟
ج: على الأنسكوب تقديم تقريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي الهيئة التي أصدرت القرارات الهامة التي استدعاها الفلسطينيون.
5. هل سيتجنب هذا الاقتراح قطع التمويل الأمريكي للسلطة الفلسطينية؟
ج. لا، فعلى إدارة ترامب القيام بما ينبغي عليها القيام به، لكن مع وجود عملية سلام جديدة، وحتى وإن قاطعتها إسرائيل والولايات المتحدة، فلن يكون من السهل على إدارة ترامب كسب تأييد الحزب الديمقراطي لمثل تلك الخطوة. حيث أن انتخابات هذا العام وبخاصة في ماريلاند ستولي هذه القضية اهتماما خاصا.
6. ماذا عن دعم الاتحاد الأوروبي؟
ج: يشكل دعم الدول الأوروبية مفتاح إضفاء المصداقية على الأنسكوب. وجرت نقاشات أولية مع العديد من الوفود الأوروبية في الأمم المتحدة ما أوحى بوجود قبول لهذا التوجه. إضافة الى ذلك، فإن كاتبها هو خافيير سولانا الذي شغل منصب ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي لمدة 10 سنوات.
7. هل سيأخذ الأوروبيون زمام المبادرة في إدراج الأنسكوب؟
ج: من غير المرجح لكن ليس مستحيلا، فمن الواضح أنهم يفضلون قيام الفلسطينيين بالمبادرة لذلك. ومع ذلك، لو خاطبهم الفلسطينيون على أعلى المستويات، فمن الممكن إيجاد دولة أوروبية تقوم بتقديم القرار الذي يحتاج إليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد يستجيب الروس أيضا للطلب الفلسطيني.
8. ماذا يحدث إذا جرب ذلك ولم ينجح؟
ج: إذا انخرط الفلسطينيون بهذه العملية ودعموا خطة الوضع النهائي التي تتبناها معظم دول العالم، والمدرجة في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيكونون في موقف أقوى لحشد الدعم الدولي لإجراءات أخرى.
9. هل هذه هي الطريقة الوحيدة لتنفيذ مبادرة الأنسكوب؟
ج: لا، حيث أن العديد من المتغيرات لهذه الفكرة العامة ممكنة. فعلى سبيل المثال، قد يتشكل أحد البدائل من خلال قيام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتشكيل "هيئة استماع". وستزور تلك الهيئة إسرائيل وفلسطين لكي تسمع من الشعبين ولتحدد إمكانية أي حل شامل للنزاع مقبولا لدى الغالبية من الإسرائيليين والفلسطينيين. وبهذه الصياغة تكون الهيئة منفتحة أمام مجموعة واسعة من الحلول بخلاف حل الدولتين. وبالنتيجة، فإن تشكيلها لا يكون مرتبطا بالمبادرة العربية للسلام.
10. وبتوجه "لجنة الاستماع" هذه، فهل ستصدر الهيئة مسودة معاهدة لحل الصراع؟
ج: هذا أحد الاحتمالات. والبديل عن ذلك، أن القرار حول تطوير مسودة المعاهدة من عدمه سيعود للجمعية العامة للأمم المتحدة عند استلامها تقرير وتوصيات الهيئة.
11. ما هي مزايا وعيوب توجه "هيئة الاستماع"؟
ج: تشمل الإيجابيات احتمالية الدعم الأوسع على الصعيد الدولي، واحتمال المعارضة الأقل من قبل الكونغرس الأمريكي والحكومة الإسرائيلية، لأنه من غير المرجح أن ينظر إليها كخطوة نحو حل مفروض. كما أنه من خلال الانفتاح على أفكار مثل "حل الدولة الواحدة" سيكون من المصلحة الكبرى للإسرائيليين والفلسطينيين، الحصول على اهتمام أكبر. ومن جهة أخرى، بدلا من التركيز على كيفية عمل حل الدولتين، قد ينتقل التركيز إلى بدائل افتراضية يستحيل التفاوض بشأنها.
12. هل من الممكن البدء بهيئة استماع منفتحة على جميع الأفكار وتكون متضمنة في توجه الأنسكوب المفصل أعلاه؟
ج: من المؤكد أن يكون ذلك ممكنا إذا خلصت الهيئة إلى أن حل الدولتين فقط يمكن أن يحظى بدعم أغلبية الشعبين.
13. كيف يرتبط مقترح الأنسكوب بقضية الوحدة الوطنية؟
ج: لا يرتبط المقترح مباشرة بجهود المصالحة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس. ومع هذا، له العديد من الإرتباطات المهمة بالقضية الأعمق للوحدة الوطنية:
- ستتولى الأنسكوب الاستماع في الضفة الغربية وغزة. وهي مفوضة لإيجاد حل مقبول لغالبية أبناء الشعب الفلسطيني. وستتعامل مع الضفة والقطاع كأبناء شعب واحد تجتذبهم لحوار مشترك.
- وأظهرت مختلف استطلاعات الرأي بأن آراء الفلسطينيين في الضفة لا تختلف كثيرا عن آراء الفلسطينيين المقيمين في غزة. وبهذا، فإن مقترح السلام الذي تطرحه الأنسكوب والذي يحظى بتأييد واسع من غالبية الفلسطينيين سيحظى بالدعم أيضا من أغلبية الشعبين. وسيساهم هذا بدفع منظمة التحرير الفلسطينية وحماس باتجاه برنامج مشترك.
- وعلى سبيل المثال، وفقا لاتفاق مكة عام 2006 عقب اتفاق الأسرى، قررت حماس بأنها ستدعم أي اتفاق يصادق عليه باستفتاء الشعب الفلسطيني. ولحظة طرح الأنسكوب لمقترحها، سيكون عرضة لاستفتاء الشعب الفلسطيني، وهذا بدوره قد يساهم بتحول كبير في موقف حماس.