فهناك الاف النساء ، وربما الملايين ، يلبسن الحجاب او يخلغنه دون ان تثار حولهن كل هذه الضجة . وهذا لا يمنع بالطبع اننا من أمة دأبت على التدخل الحاد في خصوصيات افراد بعضها بعضا ، رجالا ونساء ، حتى في اللباس و غير اللباس ، كاللحية والشعر والسوالف والشوارب والجوارب ، ويذكر ابناء جيلي الضجة التي اثيرت في سبعينيات القرن الماضي عن بنطلونات الشارلستون، ثم بنطلونات الخصر الساحل، ووصل الامر بوزير لداخلية حماس ان يهدد الاولاد في غزة باعتقالهم وقص شعورهم ومن ثم ابعادهم كي تظل غزة نقية من ادرانهم ، وفي السودان شاهدنا رجال شرطة يجلدون امرأة بالسوط لانها تلبس بنطلون تحت الجلباب .
إن حرية الناس، لا يمكن ان تستقيم دون ان يكونوا احرارا في لبسهم، وهي ابسط انواع الحرية ، اذا ما قورنت بحريات معتقداتهم وافكارهم وارائهم وابداعاتهم، عملا بالقول الخالد لعمر بن الخطاب قبل حوالي الف وخمسماية سنة : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا . وكيف يمكن لأمة ان تنتج وتبدع ويكون لها مكانتها بين الامم دون ان تحظى بحرية التفكير وتنوعه وتعدده ، وما الذي يعنيه مفهوم "قبول الآخر" وانت لا تحتمل لباسه .
سر بسيط بخلع حلا شيحة حجابها ، معتقدين انها بذلك تعمق مبدأ حرية الناس في هذا الوطن الممدد على دكة غسل الموتى ، وغضب متزمتون ازاءها ، لانها تمردت على الدين معتقدين انهم خلفاء الله على الارض ، وفي الحقيقة ان حلا شيحة في الحالتين – حالة الارتداء وحالة الخلع ، وبينهما حوالي عشر سنوات – لم تمارس قناعتها الشخصية ، في الاولى ارادت ان تتزوج من رجل متدين فنزلت عند شرطه او رغبته ، وفي الحالة الثانية ارادت ان تعود للتمثيل ، وبالتالي فرصتها ستكون اقل بكثير مع الابقاء على حجابها .
ولا ضير من ابداء الرأي في اي شأن من شؤون حلا شيحة، كونها شخصية مجتمعية عامة ، لكن ليس "صفيحة زبالة" ولا احكام سلفية بتحديد مصيرها في نار جهنم ، فهذه ليست اراء ولا وجهات نظر ، وقد ردت عليهم على حسابها ، انه عندما تعرضت نساء سوريا والعراق للقتل والاغتصاب باسم الدين ، لم تر مثل هذه الحملة لوقف ذلك ، وانه لا احد على ما يبدو يريد كشف غطاء البكابورت (بالوعة الصرف الصحفي اسفل البناية) . وهو بدون شك تطور من الدخول الى الحمّام بالقدم اليمين ، الى حلا شيحة لبست حلا شيحة خلعت .