القاهرة - أطلس - هدأ الغضب الشعبي الذي أخرج يوم الأحد ملايين المصريين إلى الشوارع في أنحاء البلاد، غير أنه لم تبد بادرة تنم عن اقتراب انتهاء الأزمة السياسية التي دفعت البعض للتطلع إلى الجيش لإنهائها.
ولا تزال جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي تواجه غضبا من ليبراليين وآخرين يريدون أن يترك مرسي مقعد الرئاسة. حتى أن بعض رفاقه الإسلاميين يقولون إن عليه أن يقدم تنازلات.
واقتحم شبان المقر الرئيسي لمكتب الإرشاد التابع للإخوان المسلمين بالقاهرة يوم الإثنين ونهبوا محتوياته بعد أن غادره من كانوا به إثر ليلة شهدت أحداث عنف خلفت قتلى وجرحى.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط نقلا عن مصدر أمني رفيع أن ثمانية أشخاص لقوا حتفهم وأصيب 45 بينهم ضابط بالشرطة خلال الأحداث التي شهدها مقر الإخوان بضاحية المقطم في القاهرة.
ونقل التلفزيون المصري عن وزارة الصحة أن عدد ضحايا العنف في أنحاء البلاد بلغ 16 قتيلا و713 مصابا منذ يوم الأحد.
وصباح يوم الإثنين ساد الهدوء ميدان التحرير الذي شهد يوم الأحد احتجاجات هي الأكبر منذ انتفاضة عام 2011. وظل بضع مئات معتصمين بالميدان كما اعتصم آخرون في أنحاء أخرى بالبلاد.
وفيما يتعلق بالأحداث عند مقر الجماعة في المقطم اشتكى زعماء الإخوان من غياب الشرطة لحماية المقر مما يشير إلى الصعوبات التي تواجهها الجماعة في السيطرة على أجهزة الأمن منذ تنصيب مرسي كأول رئيس مدني منتخب قبل عام.
واحتشد الملايين يوم الأحد في ميدان التحرير وفي محيط قصر الاتحادية الرئاسي بالقاهرة وفي مدينة الإسكندرية ومحافظات أخرى في أكبر تجمع احتجاجي تشهده مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك عام 2011.
ولم يظهر مرسي لكنه اعترف من خلال متحدث باسمه بحدوث أخطاء وقال إنه يعكف على إصلاحها وإنه مستعد لبدء حوار مع المعارضين. لكنه لم يبد استعدادا للتنحي.
وقال عصام العريان القيادي البارز في جماعة الاخوان في صفحته على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي "لم تقع حرب أهلية كما روج الكاذبون. ولن يحدث عصيان مدني كما يتمنى الواهمون. ولن يكون هناك انقلاب عسكري كما يريد الفاشلون. سيتحد المصريون جميعا للخروج من حالة الاحتقان الشديدة وسيعلم كل المحتشدون في كل الميادين بكل المحافظات أنه ليس هناك بديل عن حوار حر غير مشروط للتفاهم حول الانتخابات البرلمانية القادمة."
وأشار عصام الحداد مساعد الرئيس للشؤون الخارجية إلى وجود ثلاثة طرق للمضي قدما أولها إجراء انتخابات برلمانية وهو ما وصفه بأنه الطريق "الاكثر وضوحا" وثانيها إجراء حوار وطني وهو طريق قال إن المعارضة رفضت أن تسلكه مرارا وثالثها إجراء اتنخابات رئاسية مبكرة كما يطالب المحتجون لكنه قال إن هذا "يدمر ديمقراطيتنا."
وأظهرت الاحتجاجات الحاشدة أن جماعة الإخوان المسلمين لم تثر غضب الليبراليين والعلمانيين وحسب وإنما اغضبت أيضا ملايين المواطنين العاديين لسوء إدارة الاقتصاد.
وتقلصت عائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية بشدة وأفلت زمام التضخم وشح البنزين والسولار وتتالى انقطاع الكهرباء في ذروة حرارة الصيف.
ودعا منظمو الاحتجاجات المصريين إلى الاعتصام في الميادين في نطاق حملة عصيان مدني لإجبار مرسي على التنحي. ويخطط المعارضون لتنظيم مسيرة إلى قصر القبة الذي يوجد فيه مرسي مساء غد الثلاثاء وذلك ما لم يتنح مرسي عن الحكم بحلول الساعة الخامسة مساء غد (1500 بتوقيت جرينتش).
وإذا واصل المحتجون ضغوطهم وعادوا للاحتشاد في المساء فستسلط دائرة الضوء على الجيش.
وينتهج الجيش نهجا حياديا حتى الآن وأظهر بوادر تنم عن حسن النية عندما حث التيارات السياسية المختلفة الأسبوع الماضي على التعاون لحل مشاكل البلاد.
وسار ضباط شرطة بالزي الرسمي وسط المتظاهرين في القاهرة والإسكندرية مرددين هتافا يقول "الشعب والشرطة إيد واحدة" واعتلى ضباط منصة في التحرير وتحدثوا إلى الحشود.
وألقى ذلك بالشك في إمكانية اعتماد مرسي على قوات الأمن في فض المظاهرات إذا اتخذ قرارا بذلك.
وقال دبلوماسيون إن الجيش الذي أدار شؤون البلاد في الفترة الانتقالية التي تلت الإطاحة بمبارك إلى أن تولى مرسي الرئاسة أبدى عزوفا شديدا عن اتخاذ تلك الخطوة مرة أخرى إلا إذا خرج العنف عن نطاق السيطرة وصار الأمن القومي في خطر.
ورغم أن المظاهرات كانت سلمية واحتفالية في معظمها سقط قتلى وجرحى في مناطق متفرقة. وقالت ناشطات إن 43 امرأة على الأقل من بينهن صحفية أجنبية تعرضن لاعتداءات جنسية منظمة خلال المظاهرات في التحرير.
وأعلنت جبهة الانقاذ الوطني المعارضة التي تضم أحزابا ليبرالية ومدنية ويسارية انتصارها قائلة إن الجماهير أكدت سقوط نظام مرسي والإخوان المسلمين.
وسيجتمع زعماء المعارضة بعد ظهر اليوم الإثنين لبحث الخطوة التالية.
وحثت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مرسي على إشراك المعارضة في الحكم وقالا إن التوافق الوطني وحده هو الذي سيساعد مصر في التغلب على أزمتها الاقتصادية الطاحنة وبناء مؤسسات ديمقراطية.