اطلس-قالت وزارة الخارجية الأميركية بأن "الأسبوع الجاري قد يشهد تحقيق انفراج حقيقي في تسوية الأزمة السورية أو سيشهد فشلا ذريعا في هذه العملية" بحسب قول المبعوث الخاص للولايات المتحدة
المعني بشؤون سوريا، السفير جيمس جيفري، كما ذكر في كلمة ألقاها الاثنين، 17 كانون الأول 2018 في "المجلس الأطلسي" بواشنطن.
وقال جيفري "نعتقد بأن هناك فرصة لتحقيق انفراجة فيما يخص اللجنة الدستورية التي من شأنها أن تجتمع في أوائل كانون الثاني (2019 المقبل)" مشيرا إلى أن قوائم المشاركين في اللجنة لم يتم بعد الاتفاق عليها نهائيا، حيث أن الولايات المتحدة بمحادثاتها مع المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا "لم نصل حتى الآن إلى هذه النقطة".
وتابع جيفري موضحا "إننا في هذا الأسبوع قريبين للغاية من تحقيق انفراجة محتملة أو مواجهة الفشل، وسنعلم ذلك يوم الخميس (20/12) خلال جلسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يشارك فيها المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا".
وأوضح جيفري "الروس والأتراك قالوا لنا بأن المرشحين للجنة يناسبون معايير الأمم المتحدة، لكن المعارضة بقيادة هيئة التفاوض السورية أعلنت رفضها للقائمة في الوقت الحالي، وهذا يمثل مشكلة هائلة بالنسبة إلى دي ميستورا، الذي يجب عليه أن يقدم تقريرا للأمين العام للأمم المتحدة".
وشدد جيفري مع ذلك على أن "سلاما وهدوءا نسبيين استقرا في كامل أراضي سوريا"، مضيفا أن "فرصة ملائمة ووجيزة تتوفر حاليا لنجاح الدبلوماسية".
وتعود مبادرة تشكيل اللجنة الدستورية إلى مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي انعقد في 30 كانون الثاني (2018) بمدينة سوتشي الروسية ليوافق عليها لاحقا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا.
وتصر الولايات المتحدة على ضرورة تشكيل اللجنة في أسرع وقت، لبدء ما تصفه بعملية التحول السياسي، في إشارة إلى انتقال السلطة من حكومة الرئيس السوري بشار الأسد إلى جهة أخرى.
من جهته أكد المبعوث الدولي دي ميستورا، أن العمل على تشكيل اللجنة الدستورية السورية لم يستكمل بعد، مشيدا بجهود روسيا وتركيا وإيران لإنجاح هذه العملية.
وقال دي ميستورا، في مؤتمر صحفي عقده اليوم الثلاثاء (18/12) عقب لقائه وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران في جنيف "أعتقد مع الأمين العام للأمم المتحدة أن علينا قطع ميل إضافي بخطوات ماراثونية في سبيل تشكيل لجنة دستورية شاملة وموثوق بها ومتوازنة".
وأضاف دي ميستورا بأنه سيجري مشاورات جديدة مع الأمين العام للامم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في نيوريوك، وسيقدم تقريرا حول سير هذه العملية لمجلس الأمن الدولي يوم 20 كانون الأول 2018 الجاري . كما أكد في هذا السياق أن الدول الضامنة لعملية أستانا، روسيا وتركيا وإيران، قدمت إسهاما ملموسا في الجهود الرامية لتشكيل اللجنة الدستورية.
ولكن الخبراء في الشأن السوري في العاصمة الأميركية الذين طالما دقوا طبول الحرب وحرضوا من أجل تدخل عسكري أميركي قوي ضد قوات الجيش السوري والإطاحة بحكومة الرئيس السوري بشار الأسد باتو يقرون بأن "الحرب السورية ستنتهي بقوة السلاح وليس بالحوار" بحسب قول دانيال ديبتريس، وهو زميل في "منظمة أولويات الدفاع للسياسة الخارجية.
ويحتج ديبتريس بألم ملحوظ في مقال نشره في موقع "ذي ناشيونال إنترست" أن سنوات الدبلوماسية الأربعة التي قادها دي ميستورا كانت متعثرة ولم تسفر عن الكثير من النتائج في سوريا التي يقول أن الحرب دمرتها وان حقيقة أن "العنف في سوريا يتراجع ببطء وأن الخطوط الأمامية مستقرة الآن كثيراً ليس بسبب عملية السلام التابعة للأمم المتحدة، وإنما بواقع أن بشار الأسد ينتصر في الصراع باستخدام القوة وحرب الحصار التي لا ترحم".
ويدعي ديبيتريس انه "عندما عرض الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون لأول مرة على دي ميستورا منصب المبعوث الخاص في تموز 2014، أصيب الدبلوماسي الإيطالي السويدي (دي مستورا ) بالحيرة. فمن الخارج، بدت حرب سوريا وكأنها نيران مشتعلة دائماً تحرق كل شيء في طريقها، وكان كل من كوفي أنان والأخضر الإبراهيمي قد فشلا بالفعل في مهمتهما كرجال إطفاء"
ويضيف "لقد استقال أنان بعد أن بات واضحاً أن مجلس الأمن منقسم بشكل منهجي حول مستقبل الأسد، في حين استقال الإبراهيمي بسبب إحباطه من عدم تعاون النظام السوري، لكن ستفان دي ميستورا لم يستطع رفض المنصب والعيش بضمير مرتاح، وهو يعلم أن الآلاف من السوريين يموتون كل شهر. وقد جرّب دي ميستورا كل ما يمكنه أن يفكر به من عمليات تجميد مؤقتة للأعمال العدائية لبناء الثقة بين المقاتلين الذين في طريقهم إلى المفاوضات؛ وجعل مجلس الأمن أكثر انخراطاً في المسار السياسي؛ والضغط على الأطراف لزيادة وصول المساعدات الإنسانية؛ وإنشاء لجنة دستورية حيث يمكن للسوريين من جميع مناحي الحياة أن يجتمعوا ويصوغوا دستوراً جديداً، لكن ايا من ذلك لم ينجح. وكان وقف إطلاق النار الوحيد الذي استمر بالفعل لفترة من الزمن نتيجة لمبادرة مشتركة بين تركيا وروسيا، وهما أكثر اهتماماً بمصالحهما الوطنية من إيجاد طريقة لوقف القصف وإطلاق النار لصالح الشعب السوري.
يشار إلى أن اللجنة الدستورية التي أنشأها دي ميستورا قبل قرابة العام شهدت تأخيرات لا نهاية لها، مع مقاومة الحكومة السورية لفكرة إلغاء الدستور القديم والبدء من جديد.
ويقول دي بيتريس "لا تُعتبر عملية السلام التي تتوسط فيها الأمم المتحدة في الواقع عملية سلام على الإطلاق، بل هي وسيلة لإبطاء الانتصار العسكري الحتمي الذي سعى إليه نظام الأسد منذ اليوم الأول الذي رفع فيه الأسلحة في وجه المتظاهرين غير المسلحين. فقد كانت مفاوضات السلام السورية سراباً منذ وقت طويل، وهي عملية يمكن للمجتمع الدولي أن يستمر في التذرع بها ليخدع نفسه بأن الحرب ستنتهي عن طريق التسوية السلمية".
ويدعي الكاتب ان "دي ميستورا سيغادر منصبه كما كان عندما تسلمه، متفائل، ولكن مع كون السلام بعيد المنال. ولا يقع الخطأ عليه بالكامل في ذلك؛ فأي دبلوماسي، بغض النظر عن خبرته، كان سيكتشف بسرعة أن صنع السلام في سورية هو مهمة مستحيلة تقريباً، ولا يمكن لأي وسيط فعل الكثير، إذا كان أحد الأطراف (نظام الأسد) غير مهتم بأي تسوية سياسية من أي نوع، والآخر (المعارضة) منقسم في كثير من الأحيان بين نفسه".