جاء ذلك خلال ورشة عمل نظمتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اليوم الأحد، في مدينة رام الله، بعنوان "المعتقلين المرضى في السجون الاسرائيلية..الأبعاد القانونية والانسانية"، حيث قدم المشاركون في الورشة أوراق عمل تخصصية حول أوضاع الأسرى المرضى القابعين في سجون الاحتلال.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، إن الأسرى داخل سجون الاحتلال يواجهون أبشع الانتهاكات والتنكيل بحقهم، سواء من خلال ادارة مصلحة السجون، أو من خلال سياسة الاحتلال والقوانين التي تقدم في الكنيست ضدهم، وضد عائلاتهم، بهدف التنكيل بهم والتضييق عليهم.
وأشار أبو بكر الى أن عدد الأسرى المرضى داخل السجون حوالي 700 مريض، منهم المصاب بالسرطان، والشلل النصفي، والفشل الكلوي...الخ، مؤكدا أن الحالات تزداد يوما بعد يوم، كالأسيرة اسراء الجعابيص، وفؤاد الشوبكي، والمريض سامي أبو دياك، الذي نجهد للإفراج عنه، ولكن حكومة الاحتلال ترفض ذلك.
واشتملت الورشة على جلستين، حيث قدم مدير دائرة التدريب والتوعية والمناصرة في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان اسلام التميمي في الجلسة الأولى ورقته بعنوان "الإطار القانوني الناظم لحق الأسرى في الصحة". وقال التميمي إن مفهوم الحق في الصحة هو أن يعطى اهتماما وايلاء ورعاية اضافية للمريض، ولكن المفهوم لا يشمل فقط الأسرى المرضى، وإنما يشمل أيضا الأسرى الأصحاء، حيث من الممكن ان يصابوا بأمراض نتيجة عدم تهيئة المباني والمرافق، من ناحية الاضاءة، والتهوية، والظروف، والمرافق الصحية داخل السجون، الأمر الذي يضاعف من معاناتهم، ويزيد وضعهم سوءا.
وأوضح التميمي أن العناصر التي يرتكز عليها مفهوم الحق في الصحة، يشمل امكانية الوصول الى المرافق الصحية، بحيث أن تكون أماكن العلاج والمستشفيات والخدمات الطبية قريبة ويمكن الوصول اليها بأسرع وقت. إضافة الى تحسين نوعية الخدمات الطبية المقدمة لهم، وأن يكون هناك احترام لقواعد واخلاقيات آداب مهنة الطب للإنسان، وخاصة للسجناء، ولكن ما نراه هو أن الاسير يقدم له العلاج وهو مقيد بسلاسل حديدية، ولا يعطى له العلاج اللازم والكافي.
وقدم مدير مركز الدفاع عن الحريات حلمي الأعرج خلال الجلسة ايضا ورقة عمل بعنوان "الأوضاع الصحية في سجون الاحتلال"، موضحا أن مصلحة السجون تنتهج سلسلة من الاجراءات اللاإنسانية، تنفيذا لقرارات الحكومة الاسرائيلية وقوانين الكنيست التي تهدف للنيل من ارادة الأسرى وإضعاف عزيمتهم.
واعتبر أن أخطر وأبشع السياسات هي سياسة الاهمال الطبي التي أدت الى وفاة 62 أسيرا، أربعة منهم توفوا خلال العام 2013.
وقال إن هناك استهتار لدى حكومة الاحتلال بحقوق الاسير، وانتهاكاها لأحكام القانون الدولي، وحرمان الأسرى المرضى من الحقوق التي منحتها لهم الصكوك الدولية، خاصة القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء لعام 1957 الصادرة عن الأمم المتحدة، حيث نصت المادتين 22 و 25 منها على ضرورة توفير طبيب على الأقل مؤهل لكل سجن يكون على معرفة معقولة بالطب النفسي، كما أشارت اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 85) واتفاقية جنيف الثالثة ( المادة 29) الى أهمية توفير موافق صحية تستوفى فيها الشروط الصحية وتراعى فيها النظافة الدائمة.
وبين أن سياسة مصلحة السجون لا تراعي هذه الأحكام القانونية، ولا توفر الحد الأدنى من ظروف الاعتقال الملائمة والانسانية، فالعيادات تفتقر لأطباء مختصين وأدوات وأجهزة طبية، وعيادة سجن الرملة وهو المكان الوحيد المخصص لإقامة الأسرى المرضى، تمارس فيها سياسة المماطلة والتسويف في اجراء العمليات الجراحية اللازمة لهم، إضافة لرحلة العذاب التي يلاقيها الأسرى المرضى أثناء نقلهم في البوسطة، مشيرا الى أن هذا الواقع يفسر الزيادة الملحوظة في عدد الأسرى المرضى وتسارع وتيرة تردي الوضع الصحي.
وقالت المحامية من الهيئة رقية كراجة خلال مناقشتها للورقة بعنوان "الاهمال الطبي في سجون الاحتلال جريمة منظمة لقتل الأسرى ببطئ" إن اسرائيل تضرب بعرض الحائط كافة الاتفاقيات الدولية، من خلال اجراءاتها بحق الأسرى، وهو ما يشكل خرقا واضحا لاتفاقية جنيف، وخاصة المواد (29، 30، 31) والتي تؤكد على أن تلتزم الدولة باتخاذ التدابير لتأمين نظافة المعسكرات وملائمتها للصحة والوقاية من الاوبئة، وتوفير العيادات في كل معسكر، واجراء فحوص طبية لأسرى الحرب مرة واحدة على الأقل كل شهر.
وأوصت كراجة بضرورة توفير أطباء مختصين، وتفعيل دور المنظمات الدولية الحقوقية والانسانية تجاه ممارسات الاحتلال لمخالفتها للقوانين الدولية بحق الأسرى، وتكثيف التعاون ما بين مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني لخدمة الأسرى واهالي الأسرى.
وفي الجلسة الثانية، استعرض مدير وحده العلاقات الدولية في الهيئة أكرم العيسة عدد من الحالات المرضية لأسرى، وأسرى محررين تعرضوا لسياسه الاهمال الطبي المتعمد، والانتهاك الطبي المتواصل، أدى الى تدهور حالتهم الصحية، ومنهم من اصيب بعجز طبي كفقدان البصر كحسان التميمي، وعبلة العدم وغيرهم.
من جهته، تحدث الأسير المحرر محمد التاج عن طبيعة الاهمال الطبي الذي مورس بحقه بشكل متعمد، حتى وصل الى لحظة الموت بسبب اصابته بتلف الرئتين، وعدم اعطائه العلاج اللازم، وكيف تم عدم تشخيص حالته خلال الاعتقال، وعدم اعطاءه اي علاجات، وعدم نقله للمستشفى.
وقال إنه وبعد التحرر نقلت الى الهند، وتم اجراء عملية زراعة رئتين وقلب.