هل نتفاخر بنصوص القانون الأساسي الفلسطيني (2003) المعدّل، ونتطرق لنصوص المواد (10،13،11،32) والتي كفلت الحرية الشخصية ومنعت الاعتداء عليها وتناولت حرية الإنسان وحقوقه، واستنكرت كل أشكال التعنيف! هنا نتحدث عن القانون الأساسي الفلسطيني أعلى القوانين وحاضنها.
أم نعود ونتحدث مراراً وتكراراً عن قانون العقوبات الأردني المطبق على أراضي دولة فلسطين، ولن أستاء كونه قانون قديم منذ العام 1960وتعديلاته، والذي لا يتوافق مع تطورات الحياة ولا مواكبته للمستجدات في المجتمع، حيث أن سؤالي هنا، هل لو دخل مشروع قانون العقوبات الفلسطيني إلى حيّز التنفيذ، فسوف يتم تطبيقه حرفياً وفقاً لنصوصه! هنا نتحدث عن أهم القوانين كون أهميته تتخطى نطاق القواعد المكتوبة لتصل إلى كونها دعائم المجتمع، الأمر الذي يفرض أن تكون هذه القواعد مواكبة للتطور المجتمعي.
أم ما رأيكم بأن نحّلق بأجنحتنا إلى المواثيق والاعلانات والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها القيادة الفلسطينية ولا سيما اتفاقية سيداو الخاصة بالمرأة (اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ضد المرأة)! والتي ما زلنا نواجه تحديات كبيرة لجهة تنفيذها. والتي أوجبت على جميع الدول الأطراف اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات لحظر كل تمييز ضد المرأة؛ وفرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد.
الجريمة موجودة في كل مكان في العالم ككل وفي الوطن العربي كجزء، الجريمة في الولايات المتحدة الامريكية واوروبا وجنوب افريقيا وكل مكان! ولكن هل فلسطين الدولة التي تعيش ويلات ونكبات الاحتلال سنوات سنوات تستوعب نكبات أخرى مثل نكبة مقتل فتاة صغيرة في مقتبل العمر ولاقت ضجة إعلامية وأصبحت حديث الساعة! أم نكبة تعيين وزير انتهت مهامه قبل أشهر قليلة ليصبح بعدها سفيراً!
هل النكبات التي المت فلسطين تحتاج لنكبات أخرى لنصبح محط أقاويل هنا وهناك!
هل فلسطين ستصمد امام الانتقادات المحلية والاقليمية والدولية من جرّاء استمرار تفشي الفساد!
اسراء غريب فتاة بسيطة قتلت بأبشع الطرق فمن قتلها هم من أقرب الناس لها ومع ذلك ماذا حدث بعد شهر من مقتلها! أطّل علينا النائب العام بمؤتمر اعلامي وشدد وكرر مسالة سرية التحقيق واكتفى بأنه ومن خلال البينات والأدلة الثابتة تم تلاوة الاتهام لثلاثة متهمين بتهمة القتل خلافاً لأحكام المادة (330) من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 والمتعارف عليها بجريمة الضرب المفضي للموت وهنا الف علامة استفهام حول هذا التكييف، فكل انسان قانوني يدرك تماما ما هي جريمة الضرب المفضي للموت والتي تفتقر لنية القاتل، فهل أنت برأيك أن من قتل اسراء لم تكن نيته قتلها، دخلت المستشفى مرتين جرّاء تعنيف وعلى مدى أسابيع الفتاة عانت وبشدة إلى أن وصلت في نهاية المطاف إلى القبر بسبب اخفاق كثيرون(المستشفى، حماية الاسرة، الشرطة) مع احترامي للجميع. ما حدث مع اسراء قتل مع سبق الاصرار والترصد وبخطط محكمة حتّى.
اسراء قتلت ولا ذنب لها، وعبير عودة وزيرة الاقتصاد الفلسطيني السابقة عينت سفيرة لنا في ايطاليا، ولاقت هجوما شرسا على وسائل التواصل الاجتماعي، وتم توجيه اتهامات مسيئة لها بالرغم من انها تبلغ من العمر ما يزيد عن الخمسين عاماً.
ومن هنا أقول، أنا شخصياً ضد تعيينها سفيرة لنا في ايطاليا وخاصة بعد انتهاء مسؤولياتها كوزيرة في حكومة الحمدالله بفترة وجيزة، حيث أنني أرى أن هناك المئات أو حتى الالوف لديهم الامكانيات والكفاءات والخبرات لتولي موقع يصحبه صنع قرار، وكل ذلك بهدف واحد الا وهو خدمة الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها.
ولكن ومع كل هذا، أستنكر ما هوجمت به عودة حول تعيينها كسفيرة، والحرب بسبب أنها كانت وزيرة سابقة ومديرة لسوق رأس المال الفلسطينية، ولكن لم أر مثل هذا الهجوم على كثير من الرجال الذين تولوا العديد من المناصب (فالمناصب لدينا كما تعلمون دائرية-يعني نفسهم بلفوا- وليست دورية)، فعلى سبيل المثال لم أر أي هجوم حينما عين المستشار علي مهنا مستشاراً قانونياً للرئيس محمود عباّس، فقد شغل مناصب اكثر من عودة، فقد كان نقيباً للمحامين ووزيراً للعدل ورئيساً للمحكمة العليا ومجلس القضاء الأعلى وبعد ذلك عين مستشاراً.
الاستاذ مهنا رجل قانون وقامة علمية لها بالتأكيد الاحترام، ولكن هل لا يوجد محام أو مستشار قانوني يفهم بالقانون سواه ومع ذلك لم نسمع كلمة حول تعيينه، وغيره كثيرون. هل لأنهم رجال!
هل لأن عبير عودة امرأة تهاجم على مواقع التواصل الاجتماعي!! لو تمت مهاجمة واستنكار تعيينات الجميع نكون بصدد الحديث عن الفساد الذي ينخر بمجتمعنا-وخاصة ان مجموعة من تتناوب على تولي المناصب في بلدنا-، ولكن حينما نتحدث عن امرأة واحدة دون الحديث عن الاخرون فهنا نرى أن الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية لدى المجتمع الذكوري ما زالت قائمة، وهنا نحن أمام مأزق كبير، عبير عودة وفقاً لمعلوماتي بأنها صاحبة كفاءة وخبرات.
أكرر أني لست مع تعيينها سفيرة لنا، حيث أن هناك كثرا يستحقون بأن يأخذوا فرصتهم، ونرى ان القيادة الفلسطينية في تعيين عودة التزمت بنصوص اتفاقية سيداو حرفياً دون النظر لأبعد من النص حتى نكون كالدول المتقدمة التي تمنح الجميع الفرصة للتغيير والإبداع والاندماج بالمجتمع وتحقيق المساواة والنزاهة والشفافية، ولكن في قضية اسراء لم تلتزم القيادة الفلسطينية في نصوص اتفاقية سيداو وخاصة في نص المادة (2) منها. وأهمها الفقرات (ه،و،ز) والتي نصت على ما يلي:
(هـ) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة. (و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة. (ز) إلغاء جميع الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة.
اسراء غريب ظلمت من القانون وعبير عودة ظلمت من المجتمع
في النهاية أقول: لم تكن النيابة العامة موفقة في تلاوة الاتهام، لان اسراء قتلت مع سبق الاصرار والترصد، وبالتالي غضب الشارع الفلسطيني، ولم تكن القيادة الفلسطينية موفقة بتعيين الوزيرة السابقة عودة، والذي أدى إلى فوضى وإساءات على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة أصحاب الكفاءات من فئة الشباب خريجي ايطاليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.