اطلس- تبدو مزارع التفاح المكتظة في الشطر الهندي من إقليم كشمير موحشة، والأسواق مقفرة، وقد هجرها التجار والمزارعون الذين كانت عادة ما تعج بهم في هذا الوقت من العام.
وقد تضرر محصول التفاح، وهو الفاكهة الأكثر شهرة في الإقليم، جراء قرار الحكومة الهندية أوائل شهر آب/أغسطس الماضي بنزع وضع الحكم الذاتي الخاص الذي كانت تتمتع به هذه المنطقة ذات الأغلبية المسلمة.
وقال شاكور أحمد، عضو جمعية مزارعي الفاكهة، إن موسم حصاد التفاح، الذي يمتد من آب/أغسطس وحتى تشرين أول/أكتوبر، اقترب من نهايته، وقد تم قطف أقل من ثلث المحصول.
وفي العديد من المزارع في أنحاء مناطق زراعة التفاح في "سوبور" و"بولواما" و"شوبيان"، أصاب العفن الثمار على أشجارها.
وتشكل تجارة التفاح في ولاية "جامو وكشمير" حوالي 20 في المئة من اقتصاد المنطقة، وتوفر سبل العيش لحوالي 3.5 ملايين شخص. ولكن الإضراب الفعال من قبل العديد من السكان له أثره الواضح.
وقال عبد الرشيد، من منطقة "شوبيان": "ورثت مهنة زراعة التفاح عن الجد. هذا هو الوقت من العام الذي أكون فيه أكثر انشغالا داخل بستاني،" مضيفا، "أنظر يوما بعد يوم إلى ثمار التفاح وقد نضجت ووجب قطفها، ولكني لا أريد أن اقطفها."
وأضاف عبد الرشيد: "أعلم أني اتكبد خسارة، ولكني لن أقف ضد الإرادة الجماعية... ما من تجارة تعدل حياتنا، لماذا نخاطر بأنفسنا؟"
وتعكس كلمات عبد الرشيد المأزق الذي تواجهه تجارة التفاح في كشمير منذ الخامس من آب/أغسطس الماضي.
وفي ذلك اليوم، انتزعت الحكومة الهندية ذات الأغلبية الهندوسية عن الولاية وضع الحكم الذاتي الخاص الذي تمتعت به لفترة طويلة، وفرضت قيودا على الاتصالات وحرية الحركة. وقالت نيودلهي آنذاك إن القيود ضرورية للحيلولة دون اندلاع أي محاولة للعنف.
وقد ألغت الهند مادتين بالدستور كانت إحداهما تمنح الحكم الذاتي لـ "جامو وكشمير،" وكانت الأخرى تعطي سكان الإقليم وحدهم في الولاية حق الإقامة الدائمة، فضلا عن حق التوظيف في الدوائر الحكومية والتملك والحصول على منح تعليمية.
وعلى مدار الأسابيع الأخيرة، جرى إعادة خدمة الهواتف، وتخفيف القيود المفروضة على حرية التنقل. ورغم ذلك، تفتح المتاجر والشركات أبوابها ساعات قليلة يوميا، كما أن نسبة الحضور في المدارس والجامعات ضعيفة للغاية.
وأعرب سكان "وادي كشمير" عن استيائهم ورفضهم قرار نيودلهي، عبر ما أطلق عليه أكاديميون وناشطون "عصيانا مدنيا."
وفي الصدارة من هذه المقاومة الجماعية التي يشعر مزارعو التفاح بأن عليهم الانضمام إليها، كانت هناك تهديدات وهجمات من مسلحين.
وشهد الشطر الهندي من كشمير، والذي يتاخم حدود دولة باكستان ذات الأغلبية المسلمة، حركة انفصالية منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 45 الف شخص.
وبدأ مزارعو التفاح في "جامو وكشمير" حصاد المحصول وبيعه في أيلول/سبتمبر بعدما خففت الحكومة من قيودها، ولكن ملصقات ظهرت في العديد من قرى الولاية تحذر من مواصلة التجارة.
ووقع عدد من الهجمات المتناثرة، حيث أطلق أشخاص يعتقد أنهم مسلحون النار على أحد التجار البارزين وأفراد أسرته في منطقة "سوبور" الشهر الماضي، وأصيب التاجر وأربعة من أفراد الأسرة.
وخلال الأسابيع التالية، لقي تاجر تفاح آخر حتفه، وقُتِلَ عامل مهاجر بالرصاص، كما تعرض سائق شاحنة كان يحمل شحنة تفاح للهجوم ثم القتل، وأضرمت النيران في شاحنته.
وفي أحدث هجوم، وقع يوم الخميس الماضي، قتل مسلحون سائقي شاحنتين بالرصاص في منطقة "شوبيان"، وأصيب ثالث وهو الآن في حالة خطيرة، بحسب ما ذكرته الشرطة.
ووفرت الإدارة المحلية إجراءات إضافية لتجارة التفاح، ولكن طُلِبَ من المزارعين إحضار شحنات محصولهم إلى مراكز تجميع على الطرق الرئيسية من المزارع.
وطُلِبَ إلى سائقي الشاحنات تحميل المحصول من هذه المراكز وسط إجراءات أمن مشددة، وإلى التجار وسائقي الشاحنات القادمين من خارج الولاية البقاء داخل منازل آمنة تخضع لحراسة مشددة.
وكان جاجديش كومار ضمن مجموعة السائقين الذين ذهبوا إلى المزارع لتحميل محصول التفاح.
وقال كومار: "وصلت قوات الأمن ورافقتنا إلى الخارج، وقالت إنه يتعين علينا تحميل المحصول من المراكز على الطرق الرئيسية. كان أمرا مرعبا."
ويقول أحمد، عضو جمعية مزارعي الفاكهة، إن مما زاد من أوجاع المزارعين أن سائقي الشاحنات رفعوا أسعار النقل. وكان من المفترض أن ينتهي موسم الحصاد منتصف تشرين أول/أكتوبر الجاري ولكن الوكالات الحكومية تشتري المحصول أملا في إنقاذ الموقف.
ويقول المزارعون إن الأسعار التي تعرضها الحكومة زهيدة، وقد تلقى العديد منهم بالفعل مبالغ مسبقة من تجار آخرين.
وكان من المعتاد في يوم عادي خلال ذروة موسم التفاح، أن يخرج من "شوبيان" وحدها أكثر من 300 شاحنة محملة بالثمار، غير أن المزارعين يقولون إنه لم يتم تحميل شاحنة واحدة في هذه المنطقة منذ آب/ أغسطس الماضي.
وقال أحمد إن العفن قد أصاب جزءا من المحصول، مما أجبر المزارعين على بيع ثمارهم بابخس الأسعار في الأسواق المحلية. ويقوم أصحاب القدرة المالية بتخزين المحصول في مبردات ضخمة.
ويقول محمد أسلم، وهو مزارع من "شوبيان": "في فترات اضطرابات سابقة في عامي 2016 و2018، حصدنا المحصول وأرسلناه إلى أسواق مختلفة في أنحاء الهند ... الأمر مختلف هذه المرة."
وأضاف: "نشعر بالدهشة للربط بين التفاح والسياسة. نشعر أنها محاولة متعمدة لإعاقة اقتصادنا