سؤال صراحة .. إحترت في الاجابة عليه ... بل وربما يخرج عن نطاق حدود معرفتي أنا المواطن العادي غير الضليع بالسياسة.
لا أستطيع أن أفهم في السياسة كيف يغتال كيان إنسانا بين أفراد أسرته بدعوى أنه يشكل خطرا على الكيان ويقبل في ذات الوقت أن يلتحف مواطنيه الأرض بشكل مخز يعبر عن خسة وجبن خوفا من رد فعل المقاومة.
لا أستطيع أن أستوعب كيف ينمي يوما بعد يوم هذا الاحتلال الغاصب الكراهية له، ليس فقط بين أبناء الشعب الفلسطيني، بل العالم العربي والاسلامي وشعوب العالم المناصرة للقضية الفلسطينية.
لا أستطيع أن أفهم صدقا، كيف لا يستوعب هذا الكيان الغاصب معادلة المياه المتجمعة خلف السد، إذا ما أحدثت إختراقا ... ثقبا في السد ... فسوف تندفع كميات كبيرة من المياه لتغرق الأخضر واليابس ... فإن كنتم تعولون على حكومات الدول ... فسوف ترونها تولي الأدبار أمام حراك الشعوب. سيأتي يوما يكون إنفجار السد ... يكون البركان .. يكون الزحف ... وأنتم المحاصرون من كافة الحدود البرية بالشعوب العربية التي رفضت كل ما يسمى بمعاهدات سلام حكوماتها معكم.
سيبقى لكم الجو والبحر .. فلن يظهر بينكم طارق بن زياد ليحثكم أيها الجبناء .. ولن تستوعب كل طائراتكم جموع الفارين آنذاك. أولا تعرفون هدير الشعوب؟
ستعيشون طوال سني حياتكم وعلى إمتداد عمر كيانكم تحت فزاعة " الأمن"، فالذي إنتصر في هذه الجولة كما في غيرها من الجولات ... هو توازن الرعب .... ستترقبون كل لحظة ضربة ... كيف سيكتب لكيان غاصب أن يعيش بهدوء؟ رغم كافة المظاهر الحياتية ومظاهر التطور والرخاء والتحضر .. فكل ذلك ظاهري .. كيان جوهره عسكرة مجتمعه على مدار الساعة.
وصلت الأمور مع هذا الكيان .... الى مرحلة .. اللارجعة ... اللاعودة .. فليس لهم من خيار إلا مواصلة ذات النهج التوسعي الاحتلالي المغتصب. كيان يشكل أحد أطول إحتلال في تاريخ البشرية المعاصر، كيان لا يستطيع أن يحيا إقتصاديا إلا من بوابة الأرض المحتلة، يتحكم بالمعابر والاستيراد والتصدير ويجعل من الاراضي المحتلة منظومة تابعة إقتصاديا، لتصبح سياساتهم تعبيرا عن إقتصادهم وآلتهم العسكرية تعبيرا عن سياساتهم.
على إمتداد ها الصراع، لم يحقق الشعب العربي الفلسطيني أي تحرير لشبر واحد من أرضه .. وهذه حقيقة ... لكنه إستطاع أن يوقف زحف الكيان الصهيوني وأن يجهض والى الأبد مقولة الدولة العبرية من المحيط الى الخليج .. ذلك يسجل للشعب الفلسطيني ولكل من ناصره وإشترك معه في النضال. وكان من الطبيعي أن من يناضل مع الشعب الفلسطيني لا يناضل فقط ضد الاحتلال، بل وضد الرجعية العربية والامبريالية.
ولو قمنا بعملية رصد لما يسمى بإتفاقيات السلام التي وقعتها حكومات بعض الدول العربية مع هذا الكيان الغاصب، لوجدنا أنها حبر على ورق ... فلم ترق هذه الاتفاقيات لشعوب تلك الدول مطلقا وأعلنت صراحة رفضها التعاطي من دولة الاحتلال ومواطنيها.
إن كل محاولات التطبيع هنا وهناك .. تحظى بالفشل، ولا يغرنكم بعض الأفواه النشاز التي تطلق التصريحات .. فهي أصوات منفردة، لا تمثل إلا نفسها .. ويلفظها الشارع العربي.
تذكروا دوما ... مقولة الشاعر محمود درويش بأن التطبيع " هو القبول برواية الآخر عن التاريخ " .. فإحذروا ترويج الرواية الاسرائيلية صغيرها وكبيرها.
المنتصر يا صديقي غسان ... هو توازن الرعب.