وقد جاء نص الدعوة بالآتي "يهديكم برنامج سواسية أطيب أمنياته، وبالشراكة مع مجلس القضاء الأعلى الانتقالي يتشرف بدعوتكم للمشاركة في جلسة المشاورات حول تعديل قانون السلطة القضائية المزمع عقدها يوم الأحد الموافق 1/12/2019 من الساعة الثامنة والنصف صباحاً وحتى الساعة الثالثة والنصف ظهراً في مقر الهلال الأحمر الفلسطيني. تجدون طيه مرفق برنامج جلسة المشاورات".
ما يثير الاهتمام، أن "الشركاء" كما يظهر في نص الدعوة، قرروا سلفاً أن قانون السلطة القضائية يحتاج إلى تعديل مجدداً ودون توضيح "المغزى" من وراء هذا التعديل؟ الذي يأتي بعد أربعة شهور ونصف من تعديل سابق استهدف قانون السلطة القضائية من خلال قرارين بقانون أصدرهما الرئيس بتاريخ 15/7/2019 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية وتشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي، ونشرا في اليوم التالي في الجريدة الرسمية، وما رافقهما من اعتراضات من قبل مؤسسات المجتمع المدني في الضفة الغربية وقطاع غزة، لانتهاكهما أحكام القانون الأساسي المعدل (إرادة المشرّع الدستوري) والمبادىء والقيم الدستورية وأحكام القضاء، وحق المجتمع في إصلاح النظام السياسي بما يشمل القضاء.
رافق ذلك، أيضاً، ممارسات عملية من رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي، مسَّت بشكل خطير بمبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات واستقلال القضاة والقضاء، وخالفت الاتفاقيات والمعايير الدولية ذات الصلة بشأن استقلال السلطة القضائية، ولا تعدو كونها امتدادا لنهج ساد على مدار السنوات السابقة، وما زال يعكس تآزر السلطة التنفيذية ورؤساء الإدارات القضائية وأعوانهم للمساس بسيادة القانون واستقلال القضاء وتغييب التكوين والأداء المؤسسي للسلطة القضائية؛ أمام عقلية الشخوص، وهذا ما يفسر غياب المجلس الانتقالي (الإدارة القضائية) كسابقيه من الإدارات القضائية عن المشهد مقابل الهيمنة والتفرد والاستقواء من خارج وداخل القضاء من قبل رؤساء المجالس.
وما يثير الاهتمام، أيضاً، أن "الشركاء" قرروا كما يتضح من عنوان وسقف تلك المشاورات مع المجتمع المدني، أن الخلل البنيوي المزمن في القضاء ومنظومة العدلة، يتمثل في قانون السلطة القضائية في ذاته، وليس في انتهاك قانون السلطة القضائية ومبدأ سيادة القانون.
ودون أيّ اكتراث بأن المجالس القضائية المتعاقبة (الإدارات القضائية) التي شُكلت في الأعوام 2000 (قبل قانون السلطة القضائية) و2002 و2003 و2019 قد انتهكت قانون السلطة القضائية وسيادة القانون، وأن رؤساء المحكمة العليا منذ نشأتها ولغاية الآن، جرى تعيينهم خلافاً لقانون السلطة القضائية وسيادة القانون، وأن اللوائح التنفيذية التي أُقرت في عهد رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي الحالي في العام 2006، خالفت قانون السلطة القضائية وسيادة القانون، وأن التعامل الانتقائي من قبل رؤساء المجالس القضائية في إحالة قضاة مستقلين للتحقيق والتأديب وغض النظر عن آخرين وتحويل دائرة التفتيش القضائي - كما التشكيلات القضائية- إلى وسيلة لتصفية الحسابات مع القضاة، خالفت قانون السلطة القضائية وسيادة القانون، وأن السماح بتغول السلطة التنفيذية ومتنفذين وبعض الأعوان في شؤون العدالة ينتهك قانون السلطة القضائية وسيادة القانون، وأن التعميمات التي صدرت عن رئيس المجلس الانتقالي كما الرؤساء السابقين لتكميم أفواه السادة القضاة تنتهك قانون السلطة القضائية وسيادة القانون، وأن عزل القضاة على النحو الذي جرى مخالف لقانون السلطة القضائية وسيادة القانون.
وأن إحالة قضاة للتقاعد، في ظل وجود شبهات قوية على تورطهم بالفساد، ومنحهم صكوك غفران من خلال التقاعد بدل التحقيق والسجن؛ ينتهك قانون السلطة القضائية وسيادة القانون.
وأن جلوس رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي على منصة القضاء بعد إحالته للتقاعد ينتهك قانون السلطة القضائية وسيادة القانون، وأن انفراد السلطة التنفيذية بتعيين المجلس الانتقالي لمدة عام والتمديد له نصف عام بقرار رئاسي وصرف مكافآت شهرية غير محددة لرئيس المجلس الانتقالي وغيره من المتقاعدين في المجلس بقرار رئاسي ينتهك قانون السلطة القضائية وسيادة القانون.
وأن منح المجلس الانتقالي المغيب ورئيسه الحاضر صلاحيات هائلة على القضاء ودون ضوابط ومعايير مقابل رفع الحماية الدستورية عن السادة القضاء الضامنة لاستقلالهم الذاتي الذي يعد حجر الأساس في استقلال القضاء ينتهك قانون السلطة القضائية وسيادة القانون، وأن اعتقال أي مواطن وحجز حريته دون أمر قضائي والاعتقالات على ذمة المحافظين والامتناع عن تنفيذ قرارات القضاء أو تعطيل تنفيذها ينتهك قانون السلطة القضائية وسيادة القانون، والقائمة طويلة، فهل نحن أمام مشكلة قانون (قانون السلطة القضائية) أم انتهاكات لا تتوقف لمبدأ سيادة القانون؟
واللافت أيضاً، أن يضع "الشركاء" في نص وأجندة الدعوة للمشاورات مع المجتمع المدني عنواناً بارزاً (تعديل قانون السلطة القضائية) ويُشار بذات الوقت في أجندة جلسات المشاورات إلى أهمية مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء! وأن يختفي "المغزى" من وراء تعديل قانون السلطة القضائية مجدداً في أجندة مصممة فيما يبدو لبحث تقليدي في القضاء وليس لتعديل على قانون السلطة القضائية؟ وأن لا يتم توزيع التعديل الجاهز على المجتمع المدني قبل اللقاء؟
واللافت كذلك، أن يتعدى مجلس القضاء الأعلى الانتقالي - بافتراض أنه مشكل وفق الدستور والقانون- حدود صلاحياته الدستورية الواردة في المادة (100) من القانون الأساسي المعدل في "إبداء الرأي" بمشروعات القوانين التي تنظم شؤون العدالة ويقتحم تخوم الصناعة التشريعية التي هي من اختصاص المشرّع الأصيل (السلطة التشريعية) في شأن يطال السلطة القضائية والقانون الأساسي خلافاً لإرادة المشرّع الدستوري، بما يخلق بيئة خصبة لتضارب المصالح، وأن يتجاوز برنامج سواسية أيضاً الذي نكن له الاحترام أهدافه وغاياته ويقتحم كشريك تخوم صناعة التشريع الوطني!
لا شك عندي، أننا أمام اعتداءات صارخة على مبدأ سيادة القانون كأساس للحكم الصالح، وعلى إرادة المشرّع الدستوري، وعلى السلطة القضائية بأكملها، وعلى حق المجتمع في إصلاح النظام السياسي بما يشمل الإصلاح القضائي ومنهج الإصلاح، وتكرار لتجارب عقيمة ثبت فشلها ماضياً وحاضراً، وعمّقت التدهور والنزيف الحاصل في القضاء؛ ولا أدل على ذلك من القرار الرئاسي بتاريخ 6/9/2017 بتشكيل اللجنة الرئاسية لتطوير قطاع العدالة التي عملت داخل غرف مغلقة وتجاهلت حق المجتمع في الإصلاح القضائي وتجاهلت غزة من توحيد وإصلاح القضاء وتجاهلت المحكمة الدستورية العليا التي تخلت عن حراسة القانون الأساسي وحماية الحقوق والحريات الدستورية وفرضت وصاية على النظام السياسي والقانون الأساسي وحلّت السلطة التشريعية بقرار تفسيري، وتعديل قانون السلطة القضائية بقرارين بقانون في 15/7/2019 وما أدى إليه من مزيد من التدهور في القضاء، ومحاولات عديدة لتعديل قانون السلطة القضائية بقرارات بقانون داخل غرف مغلقة يديرها "أوصياء" على السلطة القضائية، بلا تفويض من الناس مصدر السلطات، وصولاً لمشروع القرار بقانون الذي اتفق عليه "الشركاء" ومَن خلفهم كسقف للحوار مع المجتمع المدني.
لا يبدو واضحاً مفهوم الشركاء (سواسية والمجلس الانتقالي) للشراكة مع المجتمع المدني في الشأن القضائي؟ ومَن الذي فوضهما بتحديد طريق وأدوات وسقف المشاورات مع المجتمع المدني تحت عنوان "تعديل قانون السلطة القضائية" ودون توضيح مغزى ومضمون التعديل؟ ومَن وراء التعديل؟ وماذا عن التعديلات السابقة التي استهدفت قانون السلطة القضائية وزادت من التدهور والنزيف الحاصل في القضاء ومنظومة العدالة؟ وهل مفهوم الشراكة يقوم على تحديد الطريق والأدوات والسقف وصياغة القرار بقانون المعدل للسلطة القضائية وتوزيعه على الحضور في يوم المشاورات؟
وهل يمكن تصور شراكة في ظل غياب النزاهة والشفافية؟ ومع تضارب المصالح؟ وانتهاك المبادىء والقيم الدستورية؟ وأين حق المجتمع في إصلاح السلطات العامة بما يشمل السلطة القضائية من تلك الشراكة؟ وهل الحال البائس للقضاء ومنظومة العدالة في قطاع غزة يقع في دائرة تلك الشراكة؟ وأين موقع الذراع القوية للسلطة التنفيذية (المحكمة الدستورية) من الإصلاح وتلك الشراكة؟ وهل نحن أمام ذات النمط من الشراكة التي أعقبها تعديلات رديئة على قانون السلطة القضائية من خلال القرارين بقانون بتاريخ 15/7/2019 بعد بضع أيام من "المؤتمر الشعبي" لإصلاح القضاء بتاريخ 8/7/2019؟ وهل هناك شراكات أخرى بذات النهج تحت عناوين تعديل التشريعات القضائية بقرارات بقانون؟ وهل هناك أساس أخلاقي ودستوري يسمح باقتحام تخوم السلطة القضائية وإرادة المشرّع الدستوري على هذا النحو؟
ولأن الشيء بالشيء يُذكر، والحكمُ على الشيء فرعٌ عن تصوُّره، فقد أكدنا في مقال سابق بعنوان "مذبحة القضاة بين الماضي والحاضر" على موقف تاريخي للمستشار يحيى الرفاعي رحمه الله في العام 1969، الذي سُمي وقتئذ بعام "مذبحة القضاة" في مصر بفعل الاعتداء الصارخ الذي شنه النظام الحاكم في ذلك الوقت على السلطة القضائية ونادي قضاة مصر، بقرارات بقوانين استهدفت تعديلات واسعة في السلطة القضائية عبر إنشاء المجلس الأعلى للهيئات القضائية وإنشاء المحكمة العليا وإعادة تشكيل الهيئات القضائية وحل نادي قضاة مصر ومنح رئيس الجمهورية سلطة تعيين ونقل القضاة بقرار جمهوري.
وقد تمكن المستشار الرفاعي من تقديم طعن قضائي أمام محكمة النقض المصرية، وطالب بإلغاء تلك القرارات بقانون التي صدرت عن رئيس الجمهورية؛ لأنها مشوبة بعيب اغتصاب السلطة، وتنحدر إلى مرتبة الانعدام، ولأنه لا يحق لها أن تُعيد تنظيم السلطة القضائية أو السلطة التشريعية بذريعة صفة الاستعجال والضرورة وغياب مجلس الشعب، ولأن تلك القرارات بقانون تتعلق بمبدأ دستوري (الفصل بين السلطات) ولا تحمل صفة الاستعجال والضرورة وإنما يجب صدورها على شكل قوانين عن طريق السلطة التشريعية احتراماً للمبادىء الدستورية، وقد حكمت محكمة النقض المصرية بعد ثلاث سنوات من تاريخ تقديم الطعن القضائي بانعدام تلك القرارات بقانون.
هنالك حاجة للتذكير بالقرار بقانون رقم (2) لسنة 2006 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 الذي صدر عن الرئيس ونُشر في الوقائع الفلسطينية في شباط/ فبراير 2006 في عهد رئيس مجلس القضاء الأعلى الانتقالي الحالي، وكاد، إلى جانب مشاريع قوانين طالت الشأن القضائي، في ذلك الوقت، أن يُطيح بالسلطة القضائية عبر نصوص شكلت انتهاكات صارخة للقانون الأساسي وقانون السلطة القضائية من خلال منح رئيس مجلس القضاء الأعلى صلاحيات هائلة للهيمنة على القضاء، والاستمرار بنهج تقويض "التكوين والأداء المؤسسي" للإدارات القضائية (مجلس القضاء الأعلى) وإطلاق العنان لعزل القضاة بأشكال مختلفة والاستغناء عن خدماتهم وتنزيل درجاتهم والإحالة على الاستيداع، واستباحة القضاة والقضاء، ما أدى لاستنفار السلطة التشريعية ومستشاريها في ذلك الوقت، إلى أن تمكن "التشريعي" من صدّ هذا التغول الخطير، ونجح، وبقي القضاء تحت حماية القانون الأساسي وقانون السلطة القضائية.
ما أشبه اليوم بالأمس، قرار بقانون بشأن تعديل قانون السلطة القضائية لعام 2006 الذي فشل في تحدي إرادة المشرّع، ومحاولة تعديل قانون السلطة القضائية من خلال "القرار بقانون لسنة 2019 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 وتعديلاته" (20 مادة) الذي جاء بعد تعديل قانون السلطة القضائية ومذبحة القضاة الفلسطينيين وتوقّف في اللحظة الأخيرة لأسباب يعلمها "الأوصياء" على السلطة القضائية، والقرار بقانون المنوي عرضه على المشاورات - إن جاز التعبير- مع المجتمع المدني يوم الأحد بتاريخ 1/12/2019، تعكس ذات النهج الذي لم يغادر عقلية الوصاية على القضاء، ونصوصهم تخاطب شخص رئيس مجلس القضاء الأعلى وتكرس المزيد من هيمنته وسطوته على القضاة، وتهدم التكوين والأداء المؤسسي في القضاء، وبذلك يتم النيل من السلطة القضائية، من الداخل والخارج.3
وبيت القصيد في تلك المعادلة هم "رؤساء المجالس القضائية" وسطوتهم داخل القضاء وتحالفاتهم خارج القضاء، وهنا يمكن تفسير "الاستقالات المسبقة" المقدمة للسلطة التنفيذية من قبل العديد من رؤساء المجالس القضائية قبل توليهم مهام منصبهم في إدارة القضاء، وبالنتيجة، تتحول إدارة القضاء إلى إدارة تابعة للسلطة التنفيذية وأجهزتها وأعوانها.
القانون الأساسي، وقانون السلطة القضائية، كلٌ لا يتجزأ، إنهما بحق درّة التاج وفخر صناعة المشرّع الفلسطيني الأصيل، كم كانت ولادتهما صعبة وعسيرة تحت قبة البرلمان، لكنها نجحت بعد مشوار طويل ومعقد داخل حرم "التشريعي" أنتج في نهاية المطاف هذين العملاقين، قلَّ نظيرهما في تجارب الدول، وهذا ما يفسر صعوبة كسرهما رغم كثرة المحاولات بعد غياب "التشريعي".
وما يدمي القلب؛ أن مَن لا يعرف عن مسيرة القانون الأـساسي وقانون السلطة القضائية من ألفها إلى يائها، وعمق وقوة المضامين، والأبعاد والدلالات، بات يتحدى بخفة إرادة المشرّع الدستوري، ولا يتردد في التطاول عليها، من خلال محاولات عديدة لتعديل قانون السلطة القضائية الأصيل بقرارات بقانون، يعقبها تعديلات على منظومة التشريعات القضائية بذات النهج، وعلى الأرجح أن نشهد مستقبلاً محاولات أيضاً لتعديل "القانون الأساسي" على غرار ما ما جرى عام 2007 في ظل غياب احترام المبادىء والقيم الدستورية وسيادة القانون وإرادة المشرّع الفلسطيني الأصيل.
أنصح، إن كان للنصيحة مكان، بالتوقف عن العبث الحاصل في السلطة القضائية، الذي جلب الويلات على القضاء ومنظومة العدالة، وحق الناس في العدالة الناجزة، وحيث أنه جرى الإعلان مؤخراً عن انتخابات عامة رئاسية وتشريعية، وهناك جهود تبذلها لجنة الانتخابات المركزية على هذا الصعيد في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن تلك المؤشرات كافية لنزع حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير عن أي تعديل على قانون السلطة القضائية بقرار بقانون، وتوحيد وتكثيف الجهود باتجاه تحديد موعد لإجراء الانتخابات العامة بأسرع وقت ممكن.
وحيث أن التجربة العملية أثبتت أن هذا النهج قد زاد من المرض المستفحل في القضاء ومنظومة العدالة وطغيان السلطة التنفيذية وأعوانها، وحيث أن الاستمرار بهذا النهج محل خلاف على أقل تقدير، فإن احترام سيادة القانون وإرادة المشرّع الدستوري تقتضي تأجيل أي تعديل مقترح على قانون السلطة القضائية، يخرج عن تلك المشاورات، إلى ما بعد الانتخابات العامة، وإعادة الأمانة للبرلمان المنتخب.
أشعر بحجم الألم والمرارة، في وجدان قضاة فلسطينيين مستقلين، من جراء كل ما يجري من عبث وتدخلات فجة في استقلالهم وشؤون العدالة، وتكميم للأفواه وإحالات للتحقيق والتأديب، واستباحة للقضاة والقضاء، وحصار جمعية نادي القضاة الفلسطينيين، ومنعها من أداء دور ريادي منتظر كدرع حامي لاستقلال القضاة والقضاء وشؤون العدالة، ووقع كل ما يجري على نفوس السادة القضاة وسلطانهم واستقلالهم، ويعتصرني الألم والمرارة، وأملي، أن لا يسيطر الإحباط عليهم أبداً، وأن يفكروا جيداً في خياراتهم، وهم بلا شك يعلمون أن مَن نصّبوا أنفسهم أوصياء على السلطة القضائية بغير وجه حق أضعفُ بكثير من أن ينالوا من إرادتهم وعزيمتهم في الدفاع عن استقلالهم وكرامة القضاء وحقوق الناس.
الأوصياء، يعملون دوماً في الخفاء، يخافون من أشعة الشمس، وأنتم النور والغد المشرق وحماة منظومة حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، لم ولن تكونوا وحدكم، أبداً، سادتي القضاة المستقلين، وإن غداً لناظره قريب.