اطلس- منذ وعي جيلنا على القضية الفلسطينية ، و خصوصاً بعد عام 1967 ، و الأدارات الامريكية المتتالية لا تتوقف عن طرح مبادرات لحل الصراع مع أسرائيل، فالرئيس جونسون و من ثم الرئيس نيكسون و مبعوثه سيسكو الذي جال في المنطقة لسنوات ، ثم الوزير هنري كسينجر في أدارتي نيكسون و فورد
الذي ملأ الدنيا صخباً ، مبشراً بحل يرضي الجميع . الى كارتر مهندس كامب ديفيد و صاحب مصطلح " الحكم الذاتي " ، فريغن و وزيره شولتز و مبادرتهم لحل الصراع التي تبدأ بكنفدرالية أردنية فلسطينية ، و من ثم جورج بوش الأب و مؤتمر مدريد، ف كلنتون راعي أتفاقية اوسلو و أتفاقية السلام الأردنية الأسرائيلية، وبروز مصطلح " وديعة رابين " ، الجولان . حتى جورج بوش الأبن ، والذي ادخل مصطلح " الدولة الفلسطينية " في السياسة الأسرائيلية، حتى وصل الأمر الى أوباما ، ومشاهده الأستعراضية كمسرحية فاشلة لا يعلقُ ي شئ منها في الذاكرة ..
أن كل تلك الأفكار و المقترحات و المبادرات الأميريكية كانت تُفضي الى لا شئ ... والسبب يكمن في أن المشروع الصهيوني التلمودي التوسعي ، لايوجد في قاموسه كلمة سلام، ولا يُقر عملياً بأية حقوق للشعب العربي الفلسطيني ..
والحقيقة التي يجب أن تُقال أن رئيس الوزراء " المغتال " أسحق رابين ربما تبلورت لديه توجهات نحو السلام .. و أذكر أن الملك حسين رحمه الله ، أبلغني شخصياً في العقبة ، بعد أغتيال رابين بقليل وكنا نتحضر بمعيته للقاء الرئيس مُبارك .. " أن عملية السلام ذهبت الى أجيال قادمة بعد أغتيال رابين ..."
"2"
والآن .. ونحن ننتظر خطة الرئيس ترامب الذي من المتوقع أن تعلن اليوم ، أجزم بأن تلك الخطة التي سوف تُماثل سابقاتها من حيث النتائج ، ألا أنها الأكثر سوءاً بينها ذلك أنها خطة منحازة بشكل سافر و قدمت للمشروع الصهيوني كل ما يتمناه ، فأنهت الاعتراف عملياً ب م. ت. ف. بعد أغلاق مكاتبها في واشنطن و أيقاف الدعم عنها .. و أعادة تعريف اللاجئين بمضمون يُنهي حق العودة ، أضافة الى الأعتراف بيهودية الدولة و بقانونها العنصري و في القدس كعاصمة لأسرائيل و بشرعنة الأستيطان و حق أسرائيل بضم الغور الفلسطيني و شمال البحر الميت ، وهدية على " البيعة " بالأعتراف بضم أسرائيلي لهضبة الجولان السورية .. وهو الأمر الذي لم يبقى عملياً في الجعبة الأمريكية أي شئ للشعب الفلسطيني ، اللهم الأ حكم ذاتي حتى لو سمي " دولة " ..
أذن هي خطة بائسة كشفت عن الوجه الحقيقي للأدارة الأمريكية تذكرنا بالفلم الأميركي " الأميركي البشع " و التي لا تختلف أبداً عن عقيدة اليمين الأسرائيلي العنصري الفاشي القابض على القرار في الدولة العبرية و المتغلغل حد السيطرة على أدارة الرئيس ترامب .
"3"
ما الجديد أذن !! .. وما الذي يميز خطة الرئيس ترامب عن سابقاتها ؟
لا شئ .. أنها خطة أحادية الجانب ، لم تكن نتيجة لمفاوضات أو تشاور مع أصحاب العلاقة / قيادة الشعب الفلسطيني ، بل أنها تأتي بعد أن قطعت الولايات المتحدة كل أتصال مع القيادة الفلسطينية بسبب أفعالها المعادية و التي لا تقدم و لو الحد الأدنى من تطلعات الشعب الفلسطيني في أنهاء الاحتلال و قيام الدولة الفلسطينية ، بل و أن هذه الأدارة تطرح " صفقتها " بعد أن توقفت عن دعم السلطة الفلسطينية و بالتالي ليس لها من أثر مباشر ضاغط على القيادة الفلسطينية . فأذا كانت الخطط الأميريكية السابقة قد ماتت بعد ولادتها ، فأن هذه الخطة قد ماتت وهي في طور الجنين ..
فأن القيادة الفلسطينية التي رفضت تلك الصفقة قبل أعلانها على قاعدة أن المكتوب يُقرأ من عنوانه هي محقة في ذلك و أن ما سيردُ من بنود في هذه الصفقة أنما هي لا تختلف عن الأجراءات التي يتخذها الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني يومياً ، أجراءات من طرف واحد لن تأخذ أدنى شرعية لا بمفاهيم القانون الدولي ولا بالمعايير الأخلاقية و الأنسانية.
فالصفقة هي تأكيد على واقع الأحتلال القائم المرفوض فلسطينياً و دولياً .
*****
وبعد / عليه فلا تغيير على الواقع الراهن فالشعب الفلسطيني باقٍ على أرضه ، متشبث بوجوده التاريخي والحضاري يبني ويزرع و يتوالد كما لو أن الأحتلال غير موجود .
صحيح أن المعاناه كبيرة وسوف تزداد شراسة من قٍبل أحتلال عنصري مدجج مدعوم من أكبر قوة في التاريخ وأن تلك حالة أعتاد عليها الشعب الفلسطيني ، و أن أجيال فلسطينية تزداد أصراراً و قوة و تجربة مع الأيام ، و أن أختلال في موازين القوى الدولية والأقليمية ، لابد قادم .. سوف تُغير من معطيات الواقع المر الحالي .. " وتلك أيام نداولها بين الناس " .. و هي دعوة الى الشعب الفلسطيني أن ينهي أنقسامه فوراً بلا شروط متبادلة و أن يعضد من قوة مؤسساته الكفاحية أنتظاراً لأيام مختلفة .
و أن حال العرب البائس اليوم ، لابد أن يتبدل ويكون لهذه الأمة في المستقبل .. كلمة أخرى ..
والله و الوطن من وراء القصد ..