مع تصاعد الأزمة المالية تكشفت عدم قدرة المواطنين على سداد أقساطهم ودخلت البلاد في دائرة الاقتراض من فرنسا وألمانيا حتى أجبرت اليونان على تحمل أعباء ديون في أغلب الأحوال لن تقوى على سدادها.
تسهيل السياسات المالية وآليات الاقراض ضرورية لنمو أية اقتصاد عندما يتم تسخيرها في الاستثمار. وتصبح القروض لعنة عندما يتم توجيهها لشراء كماليات باهظة الثمن مستوردة من الخارج فتذهب الأموال المقترضة للشركة الأجنبية. السيارة أصبحت ضرورة والماركة عبء على المجتمع ككل.
الحالة الفلسطينية أشبه ما تكون بحال جارتها المتوسطية اليونان. حصل الأفراد على "أموال سهلة" من خلال تسهيل إجراءات الاقتراض من البنوك. في فلسطين تقريبا كل موظف أعرفه لديه قرض. كما يقول شاعرنا درويش: فكر بغيرك. لكن هذه المرة فكر بمن لديه قرض أو عليه شيك وأنا منهم.
إن انتشار ظاهرة الشيكات هي بسبب التخمة التي حصلت في القروض. فالموظف أو التاجر الذي أخذ حصته من القروض انتقل إلى الشيكات. حسب الوضع الحالي فإن بإمكاني تحميل نفسي قروض وشيكات أعلى من قيمة راتبي الشهري. جميعنا نعلم الى أين سيؤدي بنا هذا الوضع. كان الأجدر بنا أن نتعلم من جيراننا. الآن نحن في مرحلة اللاعودة. ما يقارب 750 ألف شيك مرتجعة في سنة 2019 بقيمة 1 مليار دولار. هذا يعادل ربع موازنة الحكومة في سنة كاملة.
المثير أن أكثر ما أراه يعبر عن هذه الأزمة التي نعيشها هو جيب الرينج روڤر. حتى الآن يصعب علي فهم العدد الكبير من هذه السيارات المنتشرة في فلسطين وخصوصا في مدينة رام الله حتى أنني في بعض الأحيان أقوم مع أصدقائي بعد سيارات الرينج التي تمر بنا كل ربع ساعة. بالتأكيد سيارات الرينج ليست الوحيدة بين كل السيارات التي تتعدى اسعارها مئات الآلاف. فمثلا سيارات تيسلا الكهربائية تعتبر باهظة الثمن في الولايات المتحدة بتكلفة ما بين 40,000$ - 0,0007$ بينما هذا المبلغ في فلسطين أصبح غير كاف لشراء سيارة تنافس في رفاهيتها ما هو موجود في شوارعنا. أتساءل كم من مالك لهذه السيارات اشتراها بقرض أو شيكات؟..الكثير جدا.
أنا لا أتساءل هنا لماذا يريد شخص ما شراء سيارة بهذا الثمن الباهظ في وقت لا يملك ثمنها فهو حر؟ وكثيرا ما نسمع عن ملاك سيارات مرتفعة الثمن يجدون صعوبة في تصليح السيارة أو دفع ثمن البنزين. لكن قريبا وعند أول أزمة مالية سوف تتحول سيارة الرينج من رمز للثراء إلى رمز للسقوط المالي في فلسطين. لكن وحتى ذلك الوقت لنستمتع بما لدينا.