اطلس: هلوساتي .. هي مجرد هلوسات لمواطن عادي لا يفقه لا بالسياسية ولا بالاقتصاد ولا بالعلوم الاجتماعية والمجتمعية ولا حتى بالرياضة أو الفن أو الموسيقى.
هلوساتي تحاول أن تحاكي المستجدات وتسعى الى إعمال العقل والفكر وجس نبض المتغيرات ولا أدعي مطلقا أنني أصيب بذلك كبد الحقيقة.
كورونا ... وما أدراكم ما كورونا ... لسنا بصدد - في هذة المرحلة - أن نتتبع مصدر كورونا ولا البحث إذا ما كانت هناك دولة تقف وراء كورونا أو أي من أرباب الاقتصاد العالمي. ما يهمنا في الوقت الحالي العلاج .. علاج المرضى ... وقف إنتشار الوباء .. التعاطي مع تداعيات المستجدات التي فرضتها كورونا وأيضا ضمان عدم عودة الوباء بعد شفاء المرضى والمعطيات العالمية تشير الى إمكانية عودة إنتشار الوباء بعد القضاء عليه.
نحن الان في مرحلة علاج المرضى والتعاطي مع مستجدات فرضها هذا الوباء على كافة الأصعدة.
أولا علينا الإجابة على سؤال هام ... أيها يسمو ... حياة الإنسان أم إقتصادياته؟ فإن أجبنا على هذا السؤال بالشق الأول ألا وهو حياة الإنسان نواصل إجراءات السيطرة على الوباء وإذا أجبنا على السؤال بالقول الاقتصاد، فإننا بذلك نعود الى ممارسة أوجه النشاط الإقتصادي كما كنا في السابق ولا يهمنا مطلقا إرتفاع عدد ضحايا هذا الوباء الى عشرات الالاف كما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من البلدان.
في بلدنا فلسطين، وقد فقدنا الأرض، ولم نحرر شبرا واحدا حتى الان، تمسكنا بالإنسان الفلسطيني وتمسكنا بمكون أساسي لديه ألا وهو التعلم والعلم، وكما هي العائلات التي ذاقت شظف العيش كي تعلم إبنها أو بنتها.
وطالما أن الانسان لدينا هو القيمة العظمى، وطالما أننا نعي أن التنمية التي نريدها دوما هي التنمية من أجل الصمود حتى دحر الاحتلال، فعلينا أن نعمل بمقولة " لا يموت الديب ولا يفنوا الغنمات" والديب في حالتنا هو عجلة الاقتصاد والغنمات هي نحن الكل الفلسطيني.
إذا نحن بحاجة الى معادلة موزونة بل موزونة جدا، بين إجراءات التسهيل في مناحي الحياة، وبين الحفاظ على الفرد والكل الفلسطيني من تفشي الوباء، وأعان الله صانعي القرار بهذا الخصوص.
حتى الان، نجحت سلطة الكيان الوطني الفلسطيني في ضبط إنتشار الوباء والسيطرة على الأعداد وتخفيف حدة التوتر النفسي والهلع الداخلي وثمّن الجميع عاليا إجراءات الحد من الحركة والنشاط الاقتصادي بغية تخفيف المخالطة وتعاملت الجهات الرسمية بكل حنكة ومرونة مع المستجدات وبكل الحزم في بعض المناطق، لكن لا يعني إأنحسار عدد المصابين بهذا الوباء أن ترضخ الجهات الرسمية للضغوطات التي تمارس عليها لإعادة عجلة الاقتصاد الى ما كانت عليه قبل كورونا.
إن أي تسهيل في إجراءات المخالطة قد يؤدي الى إعادة المجتمع الفلسطيني برمته الى المربع الأول و " كأنك يا أبو زيد .. ما غزيت" وقد يزيد من أعداد المصابين على نحو لا نستطيع السيطرة عليه ما يؤدي الى إتخاذ أجراءات حجر صحي أكثر شدة مما هي عليه الان.
لا أحد يتمنى أن يستمر الوضع وحالة الخمول والجمود الحياتية على ما هي عليه الان والى أمد أطول، لكن ذلك هو " أهون الشرين" كما يقولون و " أحد أفضل أسوأ الحلول" تماما كما كان قرار عصبة الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين أنذاك.
من وجهة نظري المتواضعة، مع التأكيد على أنني لست خبيرا في أي مجال من المجالات التي تتعلق بحالات الطوارىء والكوارث، فإن تقديراتي تقول أنه لو سجلنا يوميا وعلى مدار شهر بأكمله ... صفر حالات كورونا .. وسجلنا تعافيا تاما لكافة المصابين، فإن بلدنا تحتاج الى 18 شهرا على الأقل للتعافي والعودة الى ما كانت عليه مناحي الحياة قبل إنتشار كورونا.
ولكن لماذا؟
لأنه ببساطة لو بقيت حالة كورونا واحدة في أي من دول الجوار الحدودية ( مصر والأردن) وفي الداخل الفلسطيني فلن نكون في مأمن أبدا، ولن نستطيع فتح الحدود والسماح بحرية الحركة وغض النظر عن عمل عمالنا في الداخل. ولو بقيت حالة كورونا واحدة في أي بلد من بلدان العالم، فلن نسمح لأي قادم ( سائحا كان أو مواطنا) أن يدخل البلاد دون إجراءات حجر صحي. وينطبق ذات الأمر مع حركة الإستيراد والتصدير التي تحتاج الى إجراءات تعقيم صارمة.
نحن إذا بحاجة الى معادلة موزونة بين ضبط إنتشار الوباء من أجل الحفاظ على حياة ابناء الشعب وبين تأمين قوته من خلال عجلة الانتاج والإقتصاد، دون الإستجابة الى دعوات تشريع الأبواب على مصراعيها أو دعوات سد هذه الأبواب كليا.
وعلى صعيد آخر، فإن حاجة المواطن الفلسطيني تتعدى " كرتونة الغذاء" أو " السلة الغذائية" ولا تقتصر عليها فقط. لو أجرى أي مواطن بسيط عملية حسابية لوجد أن نسبة لا بأس بها من مصاريفه الشهرية تتعلق بدفع الفواتير، ونحن هنا لا نتحدث عن فواتير خدمات ترفيهية، بل خدمات أساسية كالكهرباء والماء والوقود، بالاضافة الى تلك الخدمات التي أصبحت متطلبات حياتية لكن ربما نستطيع تصنيفها من ضمن الصف الثاني من الخدمات كخدمات الاتصالات والمعلوماتية. المواطن أيضا يحتاج الى أدويته التي لا يغطي التأمين الصحي الحكومي كافة أنواعها ما يجد المواطن نفسه مضطرا الى شرائها وذلك يشكل عبئا ماديا شهريا منتظما له ولعائلته، هذا ناهيكم عن ضرورة إيلاء المزيد من الإهتمام بالقطاع الصحي وتعزيز قدراته على المدى القصير والأمد البعيد.
شخصيا فإنني لن أشعر مطلقا بالراحة إذا ما تم إيقاع تخفيف دراماتيكي سريع على إجراءات الحجر الصحي قبل بدء شهر رمضان الفضيل، وأفضل أن تستمر الحالة على ما هي عليه مع مراعاة مستجدات إنتشار الوباء وأرقامها الى ما بعد عيد الفطر السعيد، وإلا فإنني أخشى فيما أخشاه أن نعود الى المربع الأول في مواجهة كورونا لا بل وأن نصل الى درجات ما تحت الصفر ونفقد السيطرة على مجريات الوباء. الغلطة هنا ... تاريخية .. وقد تكلف حياة كثير من البشر.
حماكم الخالق المولى.