اطلس:  الشقيقان أحمد ومحمود فضل جدعون ضحايا الاحتلال الجدد، حيث هاجمت وحداته الخاصة في الساعة السابعة من صبيحة السبت الماضي منزلهما، الواقع قبالة مكتب هيئة الامم المتحدة في مخيم جنين، وبلمح البصر، تحولت ساحته لبركة دماء،

 فبوابة المنزل وجدارنهما لم تحيمها من قنبلة هزت المنزل وصنعت جرحاً وألماً جديداً للعائلة التي لطالما عانت من الاحتلال.

صدمة وذهول ..

وسط بركة الدماء التي غمرت الفراش الذي كان يناما عليه أحمد ومحمود، وقف الوالد السبعيني فضل جدعون في حالة ذهول وصدمة وهو يصرخ "الله أكبر .. انظر للدماء والاشلاء.. ماذا فعل ابنائي ليرتكب الاحتلال بحقهم هذه الجريمة"؟ .. وتابع "أريد معرفة مصيرهما.. هل هما أحياء أم شهداء؟"، وبينما كان واقفا بين جموع الاهالي الذين تدفقوا لمنزل العائلة لمؤازرتها، كانت عمتهما تصرخ وتبكي من شدة الخوف والقلق على مصير أحمد ومحمود، بعدما شوهدا على الحمالات بين الجنود وسط حراسة مشددة، ليتم نقلهما الى جهة مجهولة.

دماء واشلاء ..

لأكثر من ساعة، لازمت ثورة الغضب والهلع الوالد جدعون، الذي فقد السيطرة على نفسه، فالمشهد المؤلم أثر على نفسيته كثيراً، لكن الجيران، أفادوا،أن الوحدات الاسرائيلية الخاصة استخدمت مركبات تحمل لوحة ترخيص فلسطينية في العملية التي استهدفت المنزل، وعندما كان يغص بنوم عميق مع افراد عائلته، كانت تلك الوحدات، أكملت حصار المنزل المكون من طابقين والمحاط بعدة منازل متلاصقة، سيطرت عليها ونصبت فرق القناصة، وبعدما أكملت مهمتها في إطباق الحصار على المنزل، دوى صوت انفجار قوي، هز المنطقة، ويقول المواطن جدعون "لم نلاحظ أي حركة حول وقرب منزلنا، فالوقت متأخر، وكنا جميعا نيام بما فينا أبنائي أحمد ومحمود، فكلاهما يعيشان حياة طبيعية وغير مطلوبان للاحتلال".

تفاصيل الحادث ..

يروي الوالد جدعون، انه استيقظ على صوت الانفجار، ويقول "قفزت من فراشي كالمجنون بشعور أن التفجير بمنزلي، وركضت من الطابق الثاني، فوجدت أبنائي ملطخين بالدماء وحولهم العشرات من افراد الوحدات والجنود، لم احتمل المنظر، فبدأت اصرخ من اعماقي لكنهم منعوني من الاقتراب منهما"، ويضيف "الجنود حولوا منزلي لثكنة عسكرية، احتجزوني وأنا في حالة ذهول، فقد كان أحمد ومحمود ينزفان بشدة والدماء تغطي جسدهما بشكل كامل، ومنعوني من مساعدتهما، وبعدما قدم الجنود لهم الاسعاف الاولية، وضعوهما على الحمالات واعتقلوهما دون مراعاة لمشاعري وصرخاتي".

الجريمة الخطيرة

ويؤكد جدعون، أن اصابة ولديه نجمت عن تفجير بوابة المنزل الرئيسية، ويقول "لم يطرق الجنود منزلنا، فجروا البوابة بمواد متفجرة من العيارة الثقيل، تطايرت شظاياها لعدم وجود حماية أو جدار خلف البوابة، واصابت أحمد ومحمود وهما في فراشهما"، ويضيف "عندما اقتحم الجنود المنزل، لم يقو ولداي على النهوض من اثار الشظايا التي أصابتهما بشكل مباشر، والدماء التي سالت والاشلاء التي عثرنا عليها، شاهد على هذه الجريمة غير المبررة"، ويكمل "أي قانون وشريعة تجيز هذه الممارسات؟ لا يوجد حرمة للمنازل، ولو كان عدد أكبر من افراد عائلتي ينامون في نفس المكان، لكان حجم الفاجعة والمصيبة أكبر".

لحظات مروعة ..

بعد التفجير، ساند العشرات من جنود الاحتلال الوحدات الخاصة، واقتحموا المخيم واغلقوا المنطقة المؤدية لمسرح الجريمة، لكن الوالد جدعون، خرج للشوارع حافي القدمين، يركض خلف الجنود، غير آبه بالجنود واسلحتهم، مطالباً بعلاجه ولديه ومعرفة مصيرهما، ويقول "لم أحتمل عندما شاهدت الجنود يحملونهما على الحمالات، ركضت خلفهما وأنا أصرخ اتركوهما.. لا تقتلوهما.. اعطوني أولادي .. وتجمع حولي عشرات الجنود وفصلوا بيننا وفي قلبي غصة ووجع كبير، لعجزي عن انقاذهما وخوفي على مصيرهما".

وأفاد شهود العيان لمراسلنا، أن الجنود نقلوا الشقيقين للدوريات المرابطة على مدخل جنين، وسمعوا صراخ أحدهما من شدة الوجع، وشاهدوا الدماء تغطي جسده، بينما الشقيق الآخر، لف الجنود جسده بشريطة بيضاء، مما زاد من مشاعر الخوف والقلق على حياتهما.

استهداف مستمر ..

ما حدث في الأمس، أعاد لأذهان عائلة الجدعون، ما تعرض له نجلها محمد، عندما هاجمته الكلاب البوليسية لدى اعتقاله قبل سنوات، ويقول والده " كان محمد بعمر 16 عاماً، عندما هاجم الجنود منزلنا واطلقوا الكلاب البوليسية التي نهشته وتمكنوا من اعتقاله، وزجه دون علاج خلف القضبان، ليعاني الكثير من المضاعفات"، ويكمل "لم يتوقف الاحتلال عن استهداف أبنائي، فاعتقل أحمد مرتين، وأفرج عنه قبل شهرين، وكذلك ابني عمر عاش نفس التجربة وفرق الاحتلال شملنا ومررنا بظروف مؤلمة وصعبة خاصة وفاة والدتهما في 13-1-2020، وهما خلف القضبان، بعد معاناة مع المرض دون رؤيتهما ووداعها"، ويتابع "حالياً، ابني عمر معتقل ادارياً في سجن النقب الصحراوي للمرة الثانية، فالى متى سنبقى نعاني وندفع ثمن ظلم الاحتلال؟".

لحظات صعبة ..

لم تجف دموع شقيقات وقريبات أحمد ومحمود، فقد تجمعن في ساحة المنزل بانتظار أي أخبار عنهما، لكن ورغم التواصل مع كافة المؤسسات والجهات القانونية والانسانية والتي تعنى بالأسرى، بقي مصيرهما مجهولاً حتى ساعات المساء، الى أن افاد محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين، خالد محاجنة، أن الأسيران الجريحان الشقيقان، يقبعان في وحدة العناية المكثفة بمشفى العفولة بوضع صحي خطير ومقلق.

وذكر محاجنة بعيد زيارته للمشفى امس، أن الجريح محمد جدعون فاقد للوعي، لأنه فقد كميات كبيرة من الدماء بسبب إصابته البليغة والخطيرة بالقدم اليسرى، حيث أجريت له عملية جراحية لإزالة بعض الشظايا، وستجرى له عملية أخرى قريبا.

وأوضح، أن شقيقه الجريح أحمد تم نقله لوحدة العناية المكثفة عصرا، وهو تحت تأثير المخدر، بسبب إصابته البالغة بالوجه والرقبة والتي صنفت على أنها بين المستقرة والصعبة، حيث أجريت له عمليتين جراحيتين ظهراً وستجرى له أخرى خلال الأيام المقبلة في منطقة الرقبة.

وحملت الهيئة، سلطات الاحتلال الإسرائيلية والوحدة التي اقتحمت منزلهما، المسؤولية الكاملة عن حياة الشقيقين جدعون، مؤكدة على أن ما حصل هو محاولة اغتيال حقيقية بصورة بشعة ومتعمدة لقتلهما وتقطع أجسادهما، كما ناشد والدهما كافة المؤسسات والجهات التدخل والتحرك لانقاذهما، محملا َالاحتلال كامل المسؤولية عن حياتهما