غزة - أطلس - حذر الدكتور عدنان الوحيدي، المدير التنفيذي لجمعية أرض الإنسان الفلسطينية الخيرية بغزة، والخبير في صحة الطفل، من وجود معاناة حقيقية من استفحال ظاهرة قصر القامة التغذوي الناجم عن سوء التغذية المزمن بين الأطفال في قطاع غزة. موضحاً أننا لم نعد نعاني كثيرا من مشاكل سوء التغذية من فئة النحول، كما أن مشكلة سوء التغذية بنقص الوزن أضحت أقل مما كان في العقدين الماضيين.
جاء ذلك في تقرير النتائج الأولية لدراسة علمية أعدتها جمعيته للعام 2013، وزع نسخة منه لوسائل الإعلام، وأفاد الوحيدي أن الدراسة شملت عينة عشوائية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في عمر دون خمس سنوات، شملت 310 من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و36 شهرا بمركزي غزة وخان يونس التابعين لجمعية أرض الإنسان، وتم فحص عينات الدم الوريدية التي سحبت أثناء الإجراءات المبدئية عند دخول هؤلاء الأطفال للمتابعة حسب معايير القبول لدى الجمعية.
حيث أُجري فحص معدلات الحديد والزنك لهم في حين تم فحص معدلات فيتامينات (أ)و (د) في عينة الدم لـ 198 طفلا من ضمن تلك المجموعة باستخدام نظام الفحص بجهاز الــ HLPC بمختبرات الجامعة الإسلامية بغزة حيث قامت مؤسسة العون الطبي للفلسطينيين بالمملكة المتحدة- بريطانيا (MAP-UK) بتغطية التكلفة المالية لهذه الفحوص ضمن تمويلها لأحد المشاريع بالجمعية.
وتابع الوحيدي انه تم اختيار هذه العينة من بين الأطفال المصابين بسوء التغذية من فئة النحول (انخفاض معدل الوزن بالنسبة للطول بقيمة تقل عن -2 بمقياس الإنحراف المعياري)، وانتكاس النمو الذي يتلازم فيه انخفاض الوزن بالنسبة للعمر (أقل من-2 انحراف معياري) ونقص معدل الطول بالنسبة للعمر (أقل من -1 انحراف معياري).
وأظهرت النتائج المبدئية حسب الوحيدي بأن هناك معدلات منخفضة لهذه المواد الغذائية الدقيقة مما يشكل أساسا لحدوث المشاكل التراكمية في نطاق الصحة والتغذية والنمو على المدى القريب والبعيد وتؤدي لمضاعفات مستقبلية قد يصعب تلافي حدوثها. وكانت النتائج على النحو التالي: يعاني 41 من بين الـ 198 طفلا من نقص فيتامين (أ) بمعدل (20.7%) باعتبار القيمة أقل من dL/gµ/316.
وتبين أيضاً أن معدل نقص فيتامين (د) بين أطفال المجموعة ذاتها يقدر % 5.6 باعتبار أن القيمة تقل عن dL/n.mol/25 وهي غير بعيد عن النتيجة التي تم الوصول إليها خلال البحث الذي قامت بتنفيذه جمعية أرض الإنسان عام 2006 بمشاركة وزارة الصحة الفلسطينية وتمويل من منظمة الصحة العالمية والتي أظهرت أن 4.1% من أطفال قطاع غزة بين 6-36 شهرا من العمر يعانون من مرض لين العظام الناجم عن نقص فيتامين (د).
وتبين في النتائج أيضا أن 121 (ما يعادل 39%) من بين 310 طفلا يعانون من نقص الحديد في الدم بمعدل يقل عن من dL/gµ/60 في حين أن 39 من بين الــ 310 طفلاً (ما يعادل 12.6%) يعانون من نقص الزنك باعتبار أن معدل النقص في الدم أدنى من dL/gµ/60.
ويربط الأخصائيون بجمعية أرض الإنسان ما بين ارتفاع معدل النقص في هذه العناصر الدقيقة في الدم وبين استمرار ظاهرة قصر القامة التغذوي وسوء التغذية المزمن.
وشدد الوحيدي في ختام التقرير والذي أشرف على هذه الدراسة، أن هناك ضرورة قصوى لتفعيل الاهتمام بهذه الحالة والتحري عن أسباب الخطر الكامنة خلف استمرارها ووجودها بهذه المعدلات العالية والخطوات الواجب اتباعها من أجل تفادي حدوث هذه المشكلة واجتناب أو تقليل مضاعفاتها المستقبلية.
وقد أكد الوحيدي أنه لابد من البحث عن العلاقة مابين نقص الحديد ونقص فيتامين (أ) بهذه المعدلات الكبيرة.
وأضاف أن ذلك من شأنه أن يطرح المزيد من علامات الاستفهام حول زيادة معدلات حدوث المشاكل الطبية في الأجهزة الجسدية ونقص المناعة والأمراض غير المنقولة وارتباطها بهذه الحالة ناهيك عن مشاكل سوء التغذية وفشل النمو أو انتكاسه وما يحمله ذلك من تبعات ثقيلة في المستقبل يصعب تلافي حدوث المضاعفات الناجمة عنها وما تؤدي إليه من تكلفة باهظة بلا طائل في أغلب الأحيان.
وأشار : إننا في غزة لم نعد نعاني كثيرا من مشاكل سوء التغذية من فئة النحول، كما أن مشكلة سوء التغذية بنقص الوزن أضحت أقل مما كان في العقدين الماضيين ، ولكن هناك معاناة حقيقية من استفحال ظاهرة قصر القامة التغذوي الناجم عن سوء التغذية المزمن بين الاطفال. كما أن هناك علاقة ما تربط هذا الأمر بنقص العناصر الغذائية الدقيقة التي تم بحثها، بل ضرورة بحث علاقة نقص عناصر غذائية دقيقة أخرى بهذا الأمر بغية إيجاد مزيد من الحلول عند التعرف على أسباب المشاكل بدقة مهنية تساهم في إنجاح برامج التدخل الوقائي والعلاجي.
وينصح د. الوحيدي بضرورة تفعيل برامج المكافحة من خلال الاهتمام على صعيد الرعاية الأولية عبر تقديم خدمة صحية نوعية وإعطاء المكملات الغذائية ومكافحة التهابات الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي والرضاعة الطبيعية والتغذية السليمة وتقديم منهج راقٍ من التثقيف الصحي وتقديم المشورة والتوعية الصحية المكثفة باستمرار.
وأكد الوحيدي أهمية دور كل مقدمي الخدمات الصحية بوزارة الصحة ووكالة الغوث ومؤسسات المجتمع المدني وغيرها.