اطلس:الكومبارس كلمة إيطالية (Comparsa) وهم أشخاص عاديون يؤدون أدوارا أو مشاهد هامشية وثانوية في مشهد سينمائي أو مسرحية لقاء مبلغ زهيد من المال، وفي العادة يكون الكومبارس من بسطاء الناس المحتاج لأي مبلغ من النقود حيث يتجمع مع آخرين
كي يهتف أو يسير في حشد أو ما شابه وكثيرا ما نرى مثلهم. ففي مسرحية "ريّة وسكينة" مثلا وفي مشهد السوق نجد أناس يتحركون جيئة وذهابا كما لو أنهم يتسوقون وجميعهم نطلق عليهم "كومبرس" فالهدف من وجودهم هو ترك إنطباع عن سوق ومتسوقين ليس أكثر يشكلون في ذهن المشاهد مشهدا عاما تلقائيا يعطيه إنطباعا بالواقعية ويخلق جوا يساعد في الوصول الى الفكرة الرئيسية أو المشهد الأساسي في عمل درامي سينمائي أو مسرحي أو غير ذلك لتكتمل الرواية.
لم يعد ثمة مجال في الحياة السياسية في أي بلد من بلدان العالم إلا للكومبارس ( من علّية القوم ميسوري الحال). إنتهى زمن المأثرة الفردية وكل شخص حاول أن لا يكون "كومبارس" في مشهد سياسي ما أو " لوى ديلو" كان مصيره الإغتيال وفي أحسن الأحوال الغياب مدى الحياة في غياهب السجون. أصبحت السياسة "مهنة" تدر المال الوفير والجاه والمكانة وكذلك السطوة ... كل في محيطه، حتى في فصائل المعارضة، تحول أعضاء الفصل الى كومبارس، وغاب الفكر وغابت الأيديلوجيا.
في الخامس والعشرين من آب عام 1978 سافر الإمام موسى صدر الدين الصدر عالم الدين والفيلسوف والسياسي الللبناني / مؤسس حركة أمل الشيعية مع إثنين من مساعديه الى ليبيا للإجتماع مع المسؤولين الحكوميين بدعوة من الرئيس معمر القذافي وإختفت آثارهم الى يومنا هذا ختى بعد رحيل القذافي.
يعتبر أبو جهاد ناصر آل سعيد الشمري أول معارض سعودي معاصر وقد تم إختطافه في السابع عشر من كانون أول عام 1979 في بيروت وما زال مصيره مجهولا الى يومنا هذا.
أما عبد الله اوجلان " آپو" مؤسس حزب العمال الكردستاني فقد تم إختطافه " في عملية لوجستية معقدة " عندما وصل في شباط 1999 الى مبنى السفارة اليونانية في نيروبي وأرسل بطائرة الى تركيا وحكم عليه بالإعدام وإستبدلت تركيا عام 2002 حكم الإعدام بالسجن المؤبد ليس حبا في أوجلان وإنما سعيا للإنضمام الاتحاد ألأوروبي.
ثلاثتهم وكثيرون غيرهم حاولوا أن لا يكونوا كومبارس فغابوا عن المشهد الحياتي برمته، كل من يحاول أن يكون "رقما صعبا" يجري تصفيته بطريقة أو بأخرى.
حتى الرؤساء في هذه الدولة أو تلك، من يغرد خارج السرب، يشذ عن "الكومبارس" فلا مجال لبقاءه، وإن بقى، وكان ثمة حاجة لتبديل الحرس القديم بحرس جديد .... يجري تغيبه تحت مسمى كبر السن أو الإطاحة به في إنقلاب أبيض داخل الأسرة الحاكمة أو في أسوأ الأحوال تركه لقمة سائغة في عبارة صرف صحي ليلقى مصيره من أبناء شعبه الذين عاشوا الذل والقهر تحت حكم العسكر.
جميعهم أيها ألأحبة كومبارس ... بلا إستثناء ... يؤدون أدوارا ثانوية ليكتمل المشهد الأساسي حيث اللاعبون الأساسيون ... آباطرة السلاح والدواء وكرتيلات المخدرات المتربعون على عرش الإقتصاد العالمي، المقتنعون تمام القناعة بأن " السياسة تعبير مكثف عن الإقتصاد".
يتقاسمون الغنائم، والسيطرة على مقدرات المعمورة، يتحكمون حتى بالهواء الذي نتنفسه، ويصنعون الدمى السياسية كي تقود هذا البلد أو ذاك .... وإياك ثم إياك أيها الزعيم ... أن " تلوي ذنبك".
يسمحون بهامش الديمقراطية، يسمحون أيضا بإختلاف بسيط ثانوي غير جوهري وحتى بـ "عنفصة" هناك وهناك. يرفعون " الأنا" أمام "نحن" يؤلهون بعض الأشخاص ويحركونهم كالدمى وما هم سوى فقاقيع وبلالين إختبار ليس أكثر.
يسمحون بالقتل والتدمير ويؤججون الصراعات. فالصراعات تحتاج الى أسلحة وهم صانعوها، والأسحلة تسبب إصابات بحاجة الى أدوية وعلاجات ، وهم أصحابها، وعندما تعصف الأيام والأحداث بالشعوب، يلجأ البعض الى المخدرات وهم من يروجها.
جميعهم كومبارس .... وخيول الروم نعرفها ... وإن تبدل الميدان.