ويشكل القرار نصراً لجهود الحركة الصيهونية حيث اقيمت الدولة اليهودية ولم تقم الدولة العربية، فالجمعية العامة تجاوزت اختصاصها فبدلا من بحث مدى وفاء سلطات الانتداب البريطاني بالتزاماتها المنبثقة من المادة 22 من عهد عصبة الأمم ومن صك الانتداب، قامت بإنشاء الدولة اليهودية من خلال قرار التقسيم الذي جاء مخالفاً لمعايير العدل والانصاف، ورغم ذلك، لم يفقد الفلسطينيون سيادتهم لأنّ الغزو ليس سنداً شرعياً للسيادة أو امتلاك الاقليم.
وفي عام 1975 أصدرت الجمعية العامة لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف وفق القرار 3376 لتمكين هذا الشعب من ممارسة حقه في تقرير المصير دون تدخل خارجي.
إذ اللجنة الوحيدة التي تعنى حصراً داخل الأمم المتحدة بقضية فلسطين وتجدد ولايتها سنويا من قبل الجمعية العامة وسبق لهذه اللجنة أن رفعت تقريرها الأول وتوصياتها لمجلس الأمن فيما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلتها عام 1967 ووقف بناء المستوطنات والإقرار بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والسيادة والاستقلال، ولكن لم يتم اعتمادها بسبب الفيتو.
وفي 29 نوفمبر عام 1977 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة من كل عام إلى الاحتفال باليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وفق القرار (40-32 أ و ب) للتأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف بما فيها الحق في العودة والحق في الاستقلال الوطني والسيادة الوطنية في فلسطين.
وفي مثل هذا اليوم، 29 نوفمبر2012 وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 19/67 تم منح فلسطين صفة دولة غير عضو في الأمم المتحدة، أي يرقي القرار مرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو بالأمم المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أنه تم إدراج قضية فلسطين على جدول أعمال الأمم المتحدة، إذ دعت الجمعية العامة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلة للشعب الفلسطيني بالاشتراك في مداولاتها بشأن قضية فلسطين، القرار 3210(د-29) لعام 1974 وكما تم التأكيد أيضا على حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف في القرار 3236 (د-29) المؤرخ في 22 تشرين الثاني /نوفمبر 1974.
ويأتي الاحتفال بيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني في الوقت الذي تتصاعد فيه الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق المواطنين الفلسطينيين وعلى وجه الخصوص الهجمة الاستيطانية المسعورة لضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، وبدعم غير متناهي من قبل الولايات المتحدة الامريكية لإسرائيل بدأتها بالاعتراف باسرائيل عاصمة للقدس، من لا يملك لمن لا يستحق كوعد بلفور، ونقل السفارة الأمريكية للقدس المحتلة، وتضفي الشرعية على بناء المستوطنات على خلاف عدم شرعيتها وفقا للقانون الدولي وعدم قانونيتها، إذ تحظر اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الدولة المحتلة من نقل مواطنيها إلى المناطق التي قامت باحتلالها، بالإضافة إلى أنّ اتفاقية لاهاي لعام 1907 تحظر على دولة الاحتلال من إجراء تغييرات دائمة في الأراضي المحتلة، باسثتناء تغييرات تتعلق لصالح السكان المحليين أو ضرورية لحاجات عسكرية.
وبالتالي، ومنذ عام 1947 وإسرائيل مستمرة في بناء المستوطنات وفق استراتيجتها السياسية العنصرية التوسعية، لا قانون دولي يردعها ولا اتفاقيات سلام تلتزم فيها، لأنها دولة فوق القانون. فعدد المستوطين زاد وبناء المستوطنات منذ توقيع اتفاقية اوسلو ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993 بأربع أضعاف وفق احصائيات نشرتها دائرة الاحصاء المركزية الاسرائيلية، ويتضح أنّ هذه الاتفاقية ساهمت في قضم الأرض الفلسطينية وأثرت بشكل مباشر على حق تقرير المصير هذا الحق الجماعي القانوني الآمر الذي لا يسقط بالتقادم. وبالمقابل الاستيطان مجرم وفق نص المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 والمادة 85 من البروتوكول الأول المكمل لاتفاقيات جنيف لعام 1977 والمادة الثامنة من ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 باعتباره جريمة حرب.