اطلس: منذ سنوات والأسير معتصم طالب داود رداد (38 عامًا) يواجه سياسة القتل البطيء في سجن عيادة الرملة، حيث رفض الاحتلال
جميع مطالب الإفراج المبكر عنه نظرًا لخطورة وضعه الصحي وفقدانه 25 كيلو من وزنه ويتناول يوميًا 50 حبة دواء دون أدنى تحسن على حالته الصحية. ورغم وضعه إلا أن الأسير رداد يحرص دومًا على الاهتمام برفاقه الأسرى المرضى.
يتمنى شقيق معتصم، عمر رداد، أن لا يواجه أخوه نفس مصير رفاقه بأن يقتله الإهمال الطبي المتعمد من إدارة السجون، قائلًا، "هناك تقصير بحق شقيقي وأخوانه المرضى الذين يحتاجون إلى وقفة وحراك جدي وفاعل للضغط على الاحتلال لإطلاق سراحهم وعدم تركهم رهائن بقبضته حتى يعدمهم ببطء، ونتمنى أن تتحمل كافة الجهات والمؤسسات المحلية والدولية مسؤولياتها وإنقاذهم قبل فوات الأوان".
نريده حياً..
يقول عمر، "إن مناعة معتصم صفر، فهو لا يحتمل أي مرض أو مضاعفات جديدة في ظل المخاطر التي يشكلها انتشار فيروس كورونا في السجون، الأمراض اجتاحت جسده، ولم يعد قادرًا على النوم سوى ساعتين خلال اليوم بسبب شدة الألم والأوجاع، ويرفض الاحتلال الإفراج عنه رغم اعتبار معتصم من أخطر الحالات المرضية داخل السجون".
ويضيف، "عاش معتصم مع جميع الأسرى الذين استشهدوا جراء الإهمال الطبي آخرهم كمال أبو وعر، وزهير لبادة، وفادي الدربي، وبسام السايح وجعفر عوض وغيرهم، كان يقف بجانبهم ويرعاهم بأمل إنقاذهم، لكنه ودعم شهداء ويتوقع أن يواجه نفس مصيرهم".
ويكمل "عندما أجرى الشهيد أبو وعر عملية في الحلق بسبب إصابته بالسرطان، وقف معتصم معه، يرعاه، ونتمنى أن يعود إلينا حيًا مهما كانت حالته الصحية، ففي كل رسالة لمعتصم يؤكد لنا أنه لا يخشى الموت لكنه يريد الشهادة في منزله ووسط عائلته".
حياة معتصم
هو الثاني من أسرة مكونة من 6 أفراد، ولد وعاش في قرية صيدا بطولكرم، ومنع الاحتلال من إكمال تعليمه بعد نجاحه بالثانوية العامة، وذلك باعتقاله في 15/2/2002.
ويروي شقيقه، أن معتصم شارك في انتفاضة الأقصى، فقد كان متميزًا بالشجاعة والبطولة والاقدام، مضيفًا، "اقتحم الاحتلال منزل العائلة واعتقل معتصم، ليقضي 20 شهرًا في سجون بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي والمقاومة، وقد حرم الاحتلال عائلتي من زيارته بحجة المنع الأمني".
تحرر معتصم في نهاية شهر حزيران عام 2003، وعاد لممارسة حياته. ويقول شقيقه، "كان معتصم رياضيا ويعشق هذه الهواية كثيراً حتى أصبح حكما رياضيا، وحقق المرتبة الأولى على مستوى الضفة الغربية".
ويضيف عمر، "أثرت ظروف الإغلاق والحصار على تعليم معتصم، حيث حول من جامعة خضوري تخصص رياضة إلى جامعة القدس المفتوحة تخصص شريعة"، موضحًا أن شقيقه قسم حياته بين الدراسة والعمل في مجال الزراعة حتى يساعد العائلة، وبعدما أنهى الفصل الدراسي الأول، أدرج الاحتلال اسمه على قائمة المطلوبين.
مطاردة واعتقال
تمرد معتصم ورفض تسليم نفسه. ويقول رفاقه، إن معتصم انضم لسرايا القدس وأصبح مقاتلًا ومقاومًا للاحتلال، فتكررت حملات الدهم لمنزل العائلة والتهديدات باغتياله، لكنه أكمل المشوار ببطولة حتى حوصر في المنطقة الصناعية بمدينة جنين فجر تاريخ 12/1/2006.
ويقول عمر، "فرض الاحتلال حظر التجول على جنين، وحاصر المنطقة التي تحصن فيها معتصم ورفاقه بعشرات الدبابات والدوريات، لكنهم رفضوا الاستسلام وخاضوا اشتباكاً مسلحاً ومعركة بطولية، استشهد خلالها معتز أبو خليل وعلي أبو خزنة".
ويضيف، "رفض معتصم تسليم نفسه واستمر في المواجهة حتى نفذت ذخيرته، فقام الاحتلال بهدم المنزل وقصفه، وبعدما أصيب بشظايا في كافة أنحاء جسده، اعتقل، فاحتجزه الاحتلال في شقة مجاورة عاريًا في البرد حتى ظهر اليوم الثاني".
ويكمل، "رغم إصابته تعرض للتحقيق والتعذيب ثم نقل لزنازين سجن الجلمة، حيث قضى هناك شهرًا كاملًا وسط الضغوط والتعذيب النفسي والجسدي".
الحكم والمرض
بعد 8 جلسات محاكمة، حكم على معتصم بالسجن الفعلي لمدة 20 عامًا، وقد انضم للأسرى في معاركهم اليومية حتى بدأت رحلة المرض بعد عامين من اعتقاله.
ويوضح عمر، "لم يكن يعاني معتصم من أية أمرض، وفجأة أصبح يشتكي من ألم في الأمعاء، حيث تبين بعد نقله للمستشفى إصابته بتهتك في الأمعاء بنسبة 80%، وقد وصف الأطباء وضعه بأنه سرطان في الامعاء". مضيفًا، "رغم حاجته للرعاية وفحوصات وعلاج مستمر، نقل معتصم لعيادة الرملة فازدادت حالته سوءًا، فقد تعرض لنزيف بالدم حتى أصبحت نسبته 8، ويعاني من هشاشة في العظام، وعدم انتظام في دقات القلب وقصر في قفص العامود الصدري، إضافة لذلك كله أصيب بمرض الربو".
مضاعفات خطيرة
لم تكترث إدارة السجون بأوضاع معتصم. ويقول شقيقه "المأساة الكبرى إن إدارة السجون لم تعرض شقيقي على أطباء مختصين، وقد رفضت إجراء الفحوصات اللازمة له واستمرت في المماطلة حتى تدهورت صحته أكثر".
ويضيف، "بعد جهود أجريت الفحوصات لكن حتى اليوم لم يبلغ بالنتجية وحقيقة مرضه، وما زال يتناول 50 حبة دواء يوميًا مع حقنة علاج كيماوي، لكن دون جدوى، ومؤخرًا بدأت تتساقط أظافر قدميه ويعاني من انتشار الفطريات وحبيبات على جلده الخارجي وأصبح وزنه 50 كيلو بعدما كان 75".
ويكمل، "خلال 2013 و2014، قدمنا طللبات لعقد محكمة للإفراج المبكر عنه، ولكن المحكمة رفضت بشكل قاطع، بناءً على تعليمات المخابرات التي لم تتمكن من اغتياله خلال مطاردته واعتقاله، وتحاول تنفيذ ذلك اليوم".
صور آخرى
تميز الأسير المعتصم، بامتلاكه صوتًا جميلًا وجهورًا، خاصة في تلاوة القرآن، فهو كما يفيد شقيقه حافظ لأجزاء كبيرة من القرآن، فقد كان يفرح قلوب الأسرى بتلاوة وترتيل القرآن خلال الصلاة أو جلسات الوعي والذكر، كما كان إمامًا للأسرى في السجن رغم حالته الصعبة، موضحًا أن معتصم سعى لإكمال دراسته الجامعية لكن استمرار احتجازه في عيادة الرملة حرمه من ذلك.
رحيل الوالد
طوال سنوات اعتقاله ، لم يتمكن والد معتصم من زيارته سوى مرتين، وقبل أسبوع من زيارته الثالثة توفي. ويقول عمر إن والده كان يعتبر تصريح الزيارة "عيد"، مضيفًا "عندما حصل على تصريح جديد، فرح وكان يحدث العائلة والأصدقاء عن مدى سعادته لحصوله على تصريح ليرى شقيقي، لكنه توفي ولم يحقق حلمه".
ويكمل، "لم نشعر بطعم الفرح منذ اعتقاله، فقد لازمت الدعمة والدتي التي أصبحت جدة لـ30 حفيدًا لكن فرحتها مؤجلة حتى تراه بيننا وتحقق حلمها وحلم أبي".
الزيارات
بعد ألم وقلق منذ انتشار فيروس كورونا ومنع الزيارات، استعادت الوالدة السبعينية آمنة "أم عاهد"، الفرح عندما تمكنت من زيارة معتصم قبل 20 يومًا في عيادة الرملة، ويقول عمر "عانت والدتي من عقوبات المنع الأمني وسحب التصريح عدة مرات، رغم كبر سنها ومعاناتها من أمراض مزمنة، لكنها فرحت عندما حصلت على أول تصريح بعد كورونا، وكانت سعيدة جدًا عندما اطمأنت عليه وعدم إصابته بالفيروس".
ويضيف "رؤيتها لمعتصم وتحديه للمرض وصبره، رفع معنوياتها، وعادت للمنزل بمشاعر السعادة رغم قلقها الذي لا يتوقف على حياته".