اطلس: على مدى تاريخ البشرية ... منذ القدم وحتى أيامنا هذه وأيضا من دون أدنى شك .. في المستقبل، ستبقى الجعجعة.
المجعجون هم طابور ازعاج مؤقت ينتهي بعاملي التناسي والزمن وحدوث ما يستوجب جعجعة جديدة. اشخاص يتسلون اكثر مما يؤسسون للمستقبل، يريدون القول نحن هنا ليس اكثر، وهم يدركون في قرارة انفسهم انهم هامشيون ... "عطاؤهم" يتوقف عندما يصل الامر الى ذواتهم او افراد عائلاتهم او نقود جيوبهم.
المجعجون يظنون انفسهم انهم اهل الحق وهم اهل الباطل. اصبحوا معروفين ... ورد الفعل الرسمي على افعالهم ... اتركهم للزمن .. دعهم ينبحون، وفي احسن الاحوال يقول رموز النظام عنهم ... كلب يعوي معنا ولا كلب يعوي علينا.
لا نرى طحينا بعد جعجعتهم، ينشطون لحظيا عند حدوث أية حادثة، يستنكون ويشجبون ويعبرون عن سخطهم بل ويمعنون في إستخدام العبارات الرنانة من مصطلحات العصر الدارجة والمتعلقة بالمجتمع المدني وسيادة القانون والشفافية ويقولون دوما " لو لم يكن كذا .... لما حصل كذا" ويغدقون علينا بالنصح والإرشاد بالقول " من المفروض أن يحصل كذا .. وأن يتم الضرب بيد من حديد "، وفي كثير من الحالات ينصبون أنفسهم جهاز العدالة برمته وتتعالى صيحاتهم المطالبة إما بإنزال العقوبة أو بالإفراج تحت شعار " الحرية لفلان".
لولا أن قصة " قابيل وهابيل " قد ذكرت في الديانات السماوية .. لما تذكرها أحد. وكم هي الوقائع التي قتل فيها شقيق شقيقه على خلاف تاف جدا، فثارت القرية أو المدينة أو المخيم ثورانا مؤقتا وطالب من طالب بالإقتصاص بينما برر آخرون ما حدث ثم طويت الحادثة بعنصر الزمن أو بحدوث حادثة جديدة غيبت أضواء الحادثة الأولى وهكذا دواليك.
في الأردن مثلا ... قليلون يذكرون قضية "الأداب" المعروفة بإسم " رهيجة" ثمانينات القرن المنصرم، فقد طوتها الكثير من الأحداث اللاحقة وخطفت بريقها الإعلامي الجماهيري آنذاك.
الجعجة ليست مسألة "رأي عام" ... أن نجعل من واقعة .. واقعة رأي عام يختلف كثيرا عن "الجعجعة" ... أن نتنادى لنعطي توصيفا دقيقا للواقعة ونقدم حلولا ونعمل عن إيجاد رأي عام ضاغط للإصلاح ... يختلف كليا عن النشر على صفحات التواصل الإجتماعي والقول " ينبغي أن يحصل كذا ... وكذا".
الجعجعة ... تفرعن الشخص ... سياسيون ونقابيون يتربعون لسنوات وسنوات على قمة الهرم السياسي والنقابي، نجعجع منتقدين عدم ضخ الدماء الشابة والتجديد بينما نجدد البيعة لهم ونبارك لهم ونتغنى بإنتصاراتنا لبقاءهم في مواقعهم. يستغلون هذا التناقض ويلعبون عليه، ويلجاون الى عامل الزمن الذي سينهي صخب الجعجعة المؤقت.
أسوأ أنواع الجعجعة هي تلك التي يمارسها الفصيل السياسي الذي يوهمك أنه "معارضة" بينما يقبع في " جلباب" الفصيل الحاكم، فنرى قادته "يجعجون" مكثرين من البيانات وإصدار المواقف، بينما هم في أروقة الحياة السياسية لا يعارضون ولا يطالبون ولا ينسحبون ولا يستقيلون، فهم تحت جناح الفصيل الحاكم الذي " يفتح أو يغلق" حنفية التمويل.
ستبقى الجعجعة والمجعجون، سيستمر الطحن دون أن نرى طحينا، ستستمر حالة " القيل والقال" طالما أنه لا يوجد منظومة متكاملة وأطر تعمل بنفس أستراتيجي طويل الأمد لإحداث التغيير تلك المنظومة التي تستدعي نهوضا فكريا وعلميا وثقافيا حقيقيا يؤسس للمستقبل.