مي (وهو إسم مجازي إخترته) أرسلت الى أحمد ( وهو إسم مجازي أيضا) تقول له " ريتا ( أيضا إسم مجازي) صار لها زمان مصابة، 10 أيام أقل شي".
فرد أحمد مستفسرا " شو عرفك ".
فردت مي قائلة " له له يا أحمد فحوصات البلد كلها تحت إيدي".
تلك الحوارية البسيطة بين طالبة وطالب مدرسة يتحدثان من خلالها عن إصابة زميلة لهما بفايروس كورونا، وقد وصلت المحادثة الى هذه الصبية (ريتا) من خلال أصدقاء بعد أن تم تعميم المحادثة.
قد يبدو الأمر عاديا حيث من المفترض أن يتم التصريح عن مريض كورونا كي يتخذ من خالطه إجراءات الحجر المتبعة في هكذا حالات.
لكن السؤال الأهم ..... من الذي يعلن؟
هل يحق لأي كان أن يمسك بمكبر الصوت ليعلن عن ذلك؟ أم أن الشخص نفسه هو من يصرح أو يخول آخرين بالتصريح أو أن تعلن وزارة الصحة نفسها.
وكيف هي طريقة الإعلان؟
بهذه الطريقة على صفحات التواصل الإجتماعي بحيث تتأثر نفسية المريض المتأثرة أصلا بوقع خبر إصابته بالفايروس وبطريقة " النميمة".
والأخطر ... من الذي أعطى المعلومة من بين كادر وزارة الصحة، فمن المفترض أن هذه المعلومة تتعلق بالمريض نفسه وتعطى له، وأحد أهم أخلاقيات المهنة تقضي بإحترام خصوصية المريض.
والأخطر من الأخطر، كيف لصبية في مقتبل العمر أن يتكون لديها ويتأصل داخلها قناعة أنها تملك كل المعلومات بمعنى أنها "واصلة".
نحن هنا نتحدث عن منظومة كاملة في البلد تعتبر نفسها "النخبة" وأنها من تملك زمام الأمور. نحن نتحدث عن إبتعاد أكثر فأكثر عن ترسيخ القيم الإنسانية في نفوسنا فبدلا من أن يتصل كافة زملاء وزميلات ريتا بها ويتواصلوا معها لتشجيعها ورفع معنوياتها لمقاومة الفايروس، نرى البعض منهم يوزع الخبر للتسلية كحد أدنى من التوصيف.
لريتا أقول ... أنا الذي أعرفك طفلة عندما كان والدك في بداية سنوات إعتقاله الممتدة الى الان، ولم نلتق بعدها، أقول لك يا صغيرتي، حمد لله على سلامتك، لقد قاومت الفايروس وتخطيت مراحله وخضت التجربة وتركت داخلك الكثير الكثير من الدروس والعبر، واصلي يا صغيرتي أنت وشقيقك الطريق، فوالدكما القابع خلف قضبان سجون الإحتلال لا يقبع إلا لأجلكما ولأجلنا جميعا كي تبقى الضحكة للأطفال .. وكي يبقى البيدر للمنجل .
ولزملاء ريتا أقول ... أنتظر منكم أن تراجعوا أنفسكم وتعتذروا تعميقا لثقافة الإعتذار وتساندوا بعضكم بعضا.