اطلس: أصاب ذلك الفتى اليهودي الذي ظهر مرعوبا على صفحات التواصل الإجتماعي ويقول باللغة الروسية بما معناه مخاطبا أبناء جلدته ممن ينوون الهجرة الى "أرض الميعاد" ... لا تحضروا .. إبقوا هناك"... وذلك أثناء معايشته لقصف الصواريخ من قطاع غزة.
لقد إختصر هذا الفتى المرعوب "كل الحكاية". فقد ضحكت الصهيونية عليكم، أولا بإيهامكم أنكم شعب وليس معتنقي ديانة، وثانيا بإيهامكم بأنكم شعب بلا أرض وأنتم لستم كذلك، فجذور كل منكم في بلده، اليهودي المغربي في المغرب، واليهودي اليمني في اليمن، واليهودي الأوكراني في أوكرانيا وهكذا دواليك. كنتم هناك، كل في مسقط رأسه، يملك الذكريات والتاريخ والإحترام، وثالثا بإيهامكم أنكم بوصفكم شعب بلا أرض، قد حضرتم الى أرض بلا شعب، فتفاجأتكم بوجود هذا الشعب الذي يسمونه الفلسطيني يقضّ مضاجعكم ليلا ونهارا.
أذكر في المعتقل مطلع سبعينات القرن المنصرم، وفي سجن رام الله تحديدا، كان يحرسنا يهودي مصري "لقبه لعلوش" يتذكر أيام "العز" في مصر وأصدقاء طفولته من المصريين المسلمين والمسيحيين ويتمنى أن يعود هناك فها هو هنا يخدم في الجيش ... جنديا بلا رتبة وبعيدا عن عائلته وفي ظروف معاملة سيئة لليهود الشرقيين. وكان يسيء معاملتنا إنتقاما لما هو عليه آنذاك. وأذكر في المعتقل أيضا عام 1985 عندما أغمي علي جراء التعذيب وحضر الطبيب، أصيب بالدهشة عندما تحدثت معه باللغة الروسية حيث أنه يهودي من مدينة "ليننغراد" ( سان بطرس بيرغ حاليا) درس الطب في جامعاتها وكان معه طلاب من العرب والفلسطينيين يملك وإياهم ذكريات جميلة، كان أيضا نادما لأنه حضر الى هذه البلاد، وأبلغني أنه والده قد شارك في دحر النازية عندما كان جنديا في الجيش الأحمر، وأنه الان يخدم في الخدمات الطبية العسكرية ويرى بأم عينه التعذيب والتنكيل تماما كما روى له والده الجندي المقاتل ضد النازية.
ماذا أقول لكم أيها المغرر بكم، إستخدمتكم الصهيونية درعا بشريا لها، أوهموكم بأن كيانكم سيمتد من النيل الى الفرات، فقد كان اليهودي العراقي في العراق .. وكان اليهودي المصري في مصر، فلماذا حضروا الى هنا؟ ..... أليعودوا على ظهر دبابة الى الفرات والنيل؟
ما هو وضعكم الان .... تسيرون وتتلفتون خلفكم ومن على يمينكم ويساركم رعبا ... تعيشون خلف جدار، وليس لكم أي منفذ بري بل بحري ضيق ( قبرص أو اليونان) ومطارات تؤمن لكم مخرجا جويا محفوفا بالمخاطر يتغير من خلاله خط سير الطائرات أو توقف حركة الطيران وفقا للغطاء الجوي غير الأمن.
أهذه هي "أرض الميعاد" ... يسير معظمكم حاملا سلاحه حتى عندما يريد الإستجمام على شاطىء البحر... أوتظنون أنكم ستحظون بالأمن والأمان وأنتم تشاركون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في قمع الشعب الفلسطيني والإستيلاء على أرضه وممتلكاته، كيف ينام أي منكم في "منزله" الذي إغتصبه من فلسطيني كان يسكنه ويقوم هذا الفلسطيني بزيارة المنزل والوقوف عند مدخله وأنتم تطردونه أو تنظرون إليه وفي أحسن الأحوال تبررون له أنكم تقطنون المنزل بقرار من السلطات المختصة.
أهذه هي أرض الميعاد ... أهذا هو العيش الرغيد الذي كنتم به توعدون تحت قعقعة السلاح ... أين كنتم وأين أصبحتم؟
أنتم تعلمون تمام العلم، أن لا عداء لليهود وللدين اليهودي، وإنما العداء للصهيونية التي وظّفت الدين لمصالحها، والتي جعلتكم وقودا لأهدافها، وبإمكانكم التحقق من أقاربكم اليهود القاطنين حاليا في الدول العربية، قد يشعرون بأنهم أقلية وأستطيع أن أتفهم ذلك، وقد يسمعون بعض عبارات الكراهية من أبناء بلدهم وعليهم أن يتفهموا ذلك فالصهيونية وظّفت اليهودية لأهدافها، لكنهم يعرفون تمام المعرفة أن بقاءهم في البلدان العربية أفضل لهم من القدوم الى "المجهول".
مررتم قبل قترة بثورة اليهود الإثيوبيين الذين تسمونهم "الفلاشا" .. وهم محقون في مطالبهم، حيث أنكم تعلمون أكثر من غيركم بأن دولتكم تصنفكم تصنيفات، فالدرجة الأولى هي لليهود من الأصول الأوروبية والبيضاء، والدرجة الثانية لليهود القادمين من الدول الإشتراكية السابقة والدرجة الثالثة لليهود الشرقيين والدرجة الرابعة لليهود من أصول إفريقية، رغم كل التشدقات والتصريحات الرسمية التي تؤكد أنكم متساوون لدى الكيان الصهيوني في الحقوق والواجبات.
إن أفعال كيانكم على إمتداد السنوات ومنذ العام 1917 الى الان، لم تعمق إلا الكراهية لكم ككيان غاصب كولنيالي إستعماري، وأنتم تدركون أن كيانكم زائل لا محالة، وأن الأفضل لكم أن يعود كل منكم الى موطنه الأصلي .. مسقط رأسه .. محتفظا بديناته السماوية كما أنزلها الخالق عزّ وجل بعيدا على الفكر الصهيوني، وأن اليهود من بينكم من أصل فلسطيني سيلقون الترحيب من الشعب الفلسطيني تماما كما كانوا يعيشون بيننا قبل أن تمارس الصهيونية غطرستها.
صدقوني ... ليس أمامكم إلا أن تغادروا .. كل الى موطنه الأصلي ... مسقط رأسه ولتعيشوا هناك بتراثكم وعاداتكم وتقاليدكم ولغتكم وذكرياتكم وعلى أرضكم ... ولكن لا تعيشوا بيننا غرباء والخوف يركبكم صبحة وعشية.
صدقوني ... دولتكم الى فناء فلم يؤسس قاداتكم ومن خلفهم الحركة الصهيونية لأي أساس للتعايش السلمي وحسن الجوار، ولا يغرنكم ما ترونه من "تطبيع" مع هذه الدولة أو تلك، فمن سافر منكم الى تلك الدول بالتأكيد أخبركم أن الشعوب العربية لا تستقبلكم. أن إتفاقية التطبيع مع الحكومة المصرية كانت أولى هذه الأتفاقيات نهاية سبعينات القرن المنصرم، ولكن الشعب المصري لا يستقبلكم وأنتم تعرفون ذلك جيدا، ولعل البعض منكم شاهد الفيلم " السفارة في العمارة" ووصل الى إستنتاجات هامة في داخله.
لا تستمروا في الوهم ... فمن المعروف أن ثغرة بسيطة في سد مائي تتجمع خلفه المياه ... كافية بأن تتسع .. وتتسع ... وتتسع ... لتهدم السد .. وتندفع المياه الهادرة كالطوفان الذي يغرق البشر والحجر والشجر ... وتلك هي الشعوب العربية التي ستتحول بلحظة وضحاها الى شلال جارف.
ليس لدي أي ممانعة في ترجمة مقالتي هذه الى كل اللغات ... عودوا الى بلادكم ومن تبقى منكم هنا من أصول فلسطينية فليس أمامه إلا العيش في كنف دولة فلسطين ليس ثنائية القومية .. فأنتم لا يوجد لديكم مقومات القومية بل دولة فلسطينية هي حاضنة ومهبط الديانات السماوية الثلاث