اطلس:بعيدا عن التصريحات القاصرة التي تقود الى الابتئاس، وتلك المهددة المتوعدة شبه الخاوية التي تفتقد الى الواقعية. بعيدا عن هذه المستغرقة في السوداوية
يعيش الشعب الفلسطيني حقبة من مؤشرات النهوض الوطني العارم بغض النظر عما ستؤول اليه نتائج هذا النهوض، إن كان سينتصر في التخلص الحقيقي من براثن محتليه، ام كبوة اخرى يقايضها المقايضون كما في المرات السابقة تحت شعار الانقاذ او القبول بالقليل حتى يأتي الكثير. لكن الشعب في التحصيل الاخير يراكم انتهاضاته وانتفاضاته حتى ينتصر.
يقول محللون عسكريون اسرائيليون سابقون وحاليون ان الضفة شبّت على الطوق وخرجت عن السيطرة، وهي مهمة ليست سهلة على الاطلاق بسبب ما تتكبل به من قيود محلية واسرائيلية وعربية ودولية، فهي منطقة أمنية بامتياز، تخضع للمراقبات والكاميرات والمخابرات والعسس والجنود والمستوطنين والحواجز وادوات القمع والملاحقة والاسلحة التي تبدأ بقنابل الغاز والرصاص المطاطي وانتهاء بالقتل وما بعد القتل، احتجاز جثامين المقتولين في الثلاجات الخصوصية، ناهيك عن الاعتقالات وتعدد تقنينها، وبالتحديد الاعتقالات الادارية واضرابات كسرها بالجوع. لكن كل هذا لا يمنع الانفجار، بل بالعكس ربما يسهم في الاسراع به كصواعق مساهمة في التفجير.
العامل الفلسطيني، هو عامل العوامل، ومؤشراته في معظمها تميل الى التكامل في كل اماكن الوجود، خاصة في الجزء الذي حاولوا تطويعه وترويضه وتدجينه، فذهبت كل محاولاتهم سدى وما قبضوا الا الريح.
العامل العربي، يتعافى بدوره، رغم الصورة القاتمة للأنظمة العميلة، التي "تطبّع" اليوم بالجملة والمفرق، وما أظن هذا التطبيع من خليج الوطن الى محيطه، ومن جنوبه السوداني الى شماله الكردي، الا تعبيرا مكثفا عن هذا التعافي. فسوريا تعود القلعة التي تكسرت عليها كل المؤامرات، قديمها وحديثها، ولسوف تتعلم الدرس القاسي الذي تلقته خلال العشر سنوات الاخيرة، يعود معها العراق الذي يكتنز الماء والبترول معا، لكن هذه المرة يعود معه شعبه الذي تم تجاهله في الحقبة البعثية على أسوأ ما يكون التجاهل، لبنان فيه حزب قوي جدا، لدرجة التضخم، لديه صواريخ دقيقة بإمكانية اعادة تصنيعها في الضاحية، اليمن يخوض غمار آخر مشاهد الحرب الوحشية الظالمة.
العامل الاقليمي ايران، هذه الدولة التي استطاعت في انجازاتها ملامسة المستحيل، فتصبح قوة عظمى حقيقية في غضون اربعين سنة، هي تقريبا نفسها التي ذهبت فيه ثورتنا الى مفاوضة اسرائيل، حتى وصلنا الى انها من تتأبى على مفاوضتنا.
إننا في كل شهر تقريبا، إن لم يكن في كل يوم، من تاريخنا المعاصر، انما هناك ما يمكن ان نستلهمه في نضالنا ضد المحتل، قبل ايام كانت ذكرى الانتفاضة الثانية، وشهداء اكتوبر في الداخل المحتل، وقبلها ذكرى صبرا وشاتيلا، حمام الشط ومحمد الدرة، وذكرى انتفاضة السكاكين ومفجرها مهند الحلبي واغتيال اول وزير اسرائيلي رحبعام زئيفي، حين وصف حسن نصر الله مغتاليه بانهم اشرف بني الامة.