اطلس: طلعنا كلنا " إحنا مين" ولا تستغربوا أيها الأحبة ذلك.
إذا أوقف شرطي مرور مركبة وطلب فحص أوراقها الثبوتية وأوراق السائق، يبادره السائق ذكرا كان أم أنثى بالقول " مش عارف أنا مين؟" وقبل أن يسلّم الشرطي وثائق السيارة يجري السائق إتصالا واحدا أو ربما إثنين ثم يعطي الهاتف المحمول للشرطي وتنحل المسألة، لكن السائق يمعن في تنمره بالقول " عشان تعرف أنا مين" ويمضي بسيارته مسرعا.
إذا توجه مواطن الى دائرة حكومية للمراجعة أو لتقديم معاملة واعتذر الموظف عن تسلمها بسبب نقص ورقة يبادره مقدم الطلب بالقول " مش عارف أنا مين" ويتكرر مشهد المكالمة وتنتهي بأخذ الأوراق ويستمر مقدم الطلب بالقول " عشان تعرف أنا مين"، فما بالكم إذا – بعد المكالمة الهاتفية - قدّم للمواطن " الواصل" التسهيلات للطلب الذي تقدم به؟
أينما تذهب تشاهد هذا المواطن أو ذاك ... ذكرا أم أنثى يتنمر على الموظف ويسارع بإمتشاق سلاحه ألا وهو الهاتف المحمول وتتكرر ذات العبارات وتنتهي المسألة بإستقبال طلب أو وقف مخالفة هذا الذي طلع " فعلا مين".
وفي المحصلة العامة ، جميعنا نستخدم الهاتف المحمول لإجراء مكالمة واحدة، نتهرب من خلالها من الالتزام بالقانون أو تقديم معاملة ناقصة الأوراق أو غير ذلك، وقد يلزم الأمر أن يحضر "أحدهم" للجلوس مع المسؤول وبقدرة قادر يتحول الطلب المرفوض الى طلب مجاب بل ومع تسهيلات ما يضع الموظف الأصغر في حالة حرج شديد ويصبح ذلك الذي الذي أوقف مسننات عجلة التنمية والاقتصاد الوطني بل ويتهم بأنه " صاحب أجندة خاصة".
حالات نادرة يصر فيها الشرطي على تفقد الأوراق حتى بعد تلقي المكالمة، وحالات أكثر ندرة عندما يحرر مخالفة. وذات الشيء يحدث مع "الموظف الغلبان" الذي يرفض قبول معاملة ناقصة الأوراق والأختام فيقوده ذلك في النهاية الى وقف علاوته أو ترقيته وأحيانا الى فصله.
مرد ذلك كله، انعدام سيادة القانون، وافتقارنا الى منظومة رقابة مشددة تلاحق المحسوبية والواسطة و "الظل العالي"، حيث أننا نشيد جميعا بقيام دولة ما بإقالة أحد المسؤولين لتدخله - مثلا – في نقل معلمة قريبة له من مدرسة بعيدة عن منطقة سكناها الى مدرسة أقرب، بينما نسعى لفصل معلمة عاملت إبنا لنا كما تتعامل مع باقي الطلاب، إذ كان يتوجب عليها أن تهتم به أكثر وتميزه عن باقي الطلاب.