اطلس: في ذكرى انتفاضة فلسطين الكبرى وما جاءت به من دروس وعبر وتضحيات واستجابات فلسطينية رائعة للتحديات المختلفة التي واجهت الشعب الفلسطيني في سني هذه الانتفاضة وخاصة في العامين الأوليين
بما انتجت من نموذج مبدع لديمقراطية فلسطينية واوسع مشاركة شعبية للأفراد والجماعات في صنع الحدث كاناس فاعلين يعون ما يقدمون عليه و يسيرون نحو هدف جماعي محدد وواضح وهو إنهاء الاحتلال بما تضمنه ذلك من استعداد عالي للتضحية والعطاء وتحدي وجراة وتضامن مجتمعي وإنتاج هياكل وبنى مقاومة على كل المستويات وفي كافة الحقول.
في ظل الحالة المتردية التي نعيشها ومع تفاقم المشكلات والهموم والتراجعات على المستويات كافة وما ينتج عن ذلك من تداعيات مختلفة على قضيتنا كقضية تحرر وتحرير وايضا على الحياة الاجتماعية وطريقة عيش الفلسطينيين التي تتعرض ليس فقط لارباكات وعدم وضوح بلالى ضربات قاسمة للمفاهيم الأساسية و لهرم الأولويات.
وفي ظل غياب مشروع فلسطيني جامع وشامل وتراجع عام وحالة الانفصام الكبير والفجوة التي تتسع بين القيادات السياسية والفلسطينية وجمهرة الناس في كافة أماكن تواجد الفلسطيني وما لذلك من انعكاسات وشعور كبير ومنتشر وطاغي بالضياع والتوهان وتداعيات هذه الحالة على الحياة اليومية للناس وما يترافق معها من اخبار سيئة تنتجها هذه الحالة وتتطغى على المزاج العام.
في مواجهة هذه التحديات الكبرى فإننا نشهد الكثير من البكائيات على الماضي الذي لا يعود والعديد من المبادرات والجهود المختلفة ومحاولات عديدة لاستعادة التجربة ونسخها وكأن الزمن يعود للوراء ويبدو ان الفلسطيني اختار ان ينهمك في التحسر على الماضي بدلا من ان ينهمك في بناء المشروع المستقبلي.
الحنين الى الماضي والتغني به قضية اشكالية رغم ما يحمل من جماليات ومشاعر نبيلة الا ان الماضي لا يستعاد واحد إشكاليات المنطقة ومنتج ازماتها المتجددة هو الماضوية ومحاولات اعادة إنتاج الماضي في تحدي غريب لمفهوم الزمن وقوانين الفيزياء الأرضية التي يعرفها العالم حتى هذه اللحظة لم ينتج لنا إلا كوارث تتلوها كوارث ونكبات مستمرة.
الشعوب الحية تتطلعالى الأمام وتخطط للمستقبل وتستلهم من الماضي تدرسه تقيمه تستخلص العبر والدروس وتمضيالى مشاريعها المستقبلية الكم الهائل من بكائيات الماضي القريب والبعيد لا تشعر الجيل الجديد إلا بمزيد من ضعف الثقة بالنفس و توصمه بالفشل ولا تقدم له اية رؤى مستقبلية ولا تساعده وتتركه نهبا للضياع والإعلام الفاسد والمهتريء.
لكن الفلسطينيون ايضا وخلال السنين الماضية وفي مواجهة الهجمات المسعورة التي تعرض ويتعرض لها الشعب الفلسطيني في اكثر من مكان فقد قدم نماذج وتجارب ناجحة وخاصة في معركة البوابات في القدس او معركة الشيخ جراح وكان من اهم أسباب نجاح هذه التجارب هو استلهامها من الماضي لا محاولة اعادة انتاجه.
و بتلخيص شديد فإننا في هذه المناسبة و بالاستنادالى هذه التجارب نستلهم بعض الدروس المهمة التي قد تساعد الشباب في بناء مشروعهم التحرري المستقبل.
اولا عدم الركونالى الانفجارات العفوية والمبادرات الشعبية المختلفة بل اعادة بناء المشروع وتحديد الأهداف وانتاج بنية تنظيمية سياسية ممتدة ومخترقة للتقسيمات الإجبارية و القسرية التي فرضت على المجتمع الفلسطيني.
ثانيا اعتماد المواجهات الشعبية الواسعة في التصدي للاحتلال المدجج عسكريا ومنظومته الامنية لان هذا النمط يظهر أفضل ما في الانسان الفلسطيني ويرتقي بقدراته وفرصه على الفعل الخلاق والمبدع.
ثالثا اعتماد آليات وهياكل سياسية ومجتمعية واسعة ومرنة تتيح للناس المشاركة المستمرة والفاعلة بأوسع أشكالها بحيث يجد فيها الفرد والجماعة ذاته وهويته ولا يتم حشره في قوالب وأنماط محددة.
رابعا إعطاء مساحات وصلاحيات كبيرة وواسعة للناس في أماكنهم وتشجيعهم على الاعتماد على قدراتهم الخاصة وإنتاج تجاربهم وابداعاتهم.
الخروج من الحالة الراهنة لن يتم بقرار من جهة ما بل ينتج عن عملية بناء ممنهجة ومستمرة ومتواصلة ومتسعة تستندالى دروس الانتفاضة الكبرى والانتفاضة الثانية وما بينهما وما تبعهما من هبات ومعارك مختلفة غنية بانجازاتها مرورا بانتفاضة الأفراد ومعركة البوابات في القدس وبيتا و الشيخ جراح لنضيء على هذه التجارب وأن لا نقتلها بالبكائيات بل التوقف عندها والبحث فيها واستخلاص عبرها ودروسها وتعميمها لتكون أساسا وملهم للشباب في مشروعهم المستقبلي لفلسطين المستقبل التي نريد ان تكون لأبنائنا وبناتنا.