اطلس: يتم الاحتفال في الثامن من اذار ب " يوم المرأة العالمي"، وفي عام 2022، تحت شعار" التداعيات البيئية والمناخية في العالم ودور المرأة في تحقيق مستقبل مستدام"
أو بمعنى أخر التداعيات البيئية والمناخية أو التأثيرات البيئية من منظور النوع الاجتماعي، سواء من حيث التأثير أو كيفية الحد من أثارها، وفي بلادنا حيث المصادر الطبيعية المحدودة، تتعمق ويزداد تأثيرات التداعيات البيئية والمناخية وبالأخص على المرأة بفعل ممارسات الاحتلال، ويظهر هذا بوضوح فيما يتعلق بالمياه أو الأرض وإنتاجها الزراعي والأمن الغذائي وسلامة الطعام وتراكم النفايات الصلبة والسائلة والخطيرة منها، والآثار الصحية قصيرة وبعيدة المدى المترتبة على ذلك.
ومع ارتفاع حرارة الأرض والتقلبات الجوية وشحة المياه، يفاقم الاحتلال الإسرائيلي ذلك من خلال الاستيلاء على مصادر المياه وبالأخص مصادر المياه الجوفية، والأراضي الزراعية الخصبة، وتشويه النظام الحيوي البيئي الفلسطيني من خلال إقامة المستوطنات وشق الطرق تحت ذرائع مختلفة، والتخلص من النفايات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وسكب مياه مجاري مستوطنات في أراضي المواطنين الفلسطينيين، وإقامة المصانع الكيميائية بجوار المناطق الفلسطينية، حيث شكت وما زالت هذه التصرفات تهديدا حقيقيا للنظام البيئي الفلسطيني بكل مكوناته، وإمكانية العيش للمواطن الفلسطيني في ظل ظروف صحية وبيئية حسب المعايير الدولية.
وفي تقرير دولي صدر قبل أيام وتم تقديمه الى الأمين العام للأمم المتحدة، أشار الى الصورة القاتمة التي سوف يؤدي إليها التغير المناخي خلال السنوات القادمة، ومنها إلحاق المجاعة بحوالي 180 مليون انسان، حيث تكون المرأة هي الأكثر هشاشة، ومما يحذر منه التقرير، تصاعد انتشار الحرائق والفيضانات وفقدان التربة الزراعية أي التصحر وارتفاع حرارة الارض وشحة المياه والتلوث بأنواعه، سواء تلوث الهواء أو المياه أو التربة أو الطعام، والتصاعد الكبير في نسبة الأمراض وحتى ظهور آفات جديدة وبالتالي أمراض أو أوبئة جديده، والإخلال بالتوازن الطبيعي البيئي والتنوع الحيوي وما الى ذلك من تداعيات، والذي تم ويتم بفعل نشاطات البشر على مدى العقود الماضية.
وفي ظل الاحتفال ب يوم المرأة العالمي، وفي ظل غياب ما يعرف ب "العدالة المناخية"، في العالم، أي تأثر الفئات الأكثر هشاشة أو الادقع فقرا والأكثر ضعفا، بما تحدثه الفئات الأكثر قوه أو الأغنى أو المحصنة أكثر، فإنه وبدون شك أن تأثيرات التداعيات البيئية والمناخية سيكون أكثر على هذه الفئات من الدول والمجتمعات والمناطق، وفي داخل المجتمع الواحد، سوف تتأثر الفئات الأكثر هشاشة أو الأقل قدرة الى الوصول الى المصادر والفرص وتحقيق الامكانيات وملائمة الظروف حسب المتغيرات، وهذه الفئات سوف تعاني وتخسر اكثر، وبمعنى أخر سوف يكون التأثير من منطلق النوع الاجتماعي، أكثر حدة على النساء أعلى المرأة بشكل فردي أو جماعي، ومن ضمنها المرأة الفلسطينية.
وانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحق البيئة الفلسطينية، تفاقم اثار التغيرات المناخية التي بدأ العالم يلمس تداعياتها الخطيرة، حيث تظهر آثارها في مجالات حيوية للفلسطينيين، مثل توفر كمية وجودة المياه، وتداعي خصوبة التربة والإنتاج الزراعي، والأمن الغذائي وسلامة الطعام، وتراكم النفايات بأنواعها، والجوانب الصحية المترتبة عن الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية بسبب ظهور آفات وامراض جديدة، حيث يتطلب ذلك تدخلات خاصة للتعامل مع هذه الآثار الوخيمة، في ظل شحة المصادر الطبيعية الفلسطينية وضالة ومحدودية النظام البيئي الفلسطيني.
وحين الحديث عن تداعيات التغير المناخي على المرأة أو من منظور النوع الاجتماعي، تكون آثارها أكثر شدة على المرأة الفلسطينية، وبالأخص المرأة العاملة في الزراعة، التي تفقد مصدر رزقها الوحيد في الزراعة بسبب استنزاف الأرض والمياه، أو المرأة ربة البيت التي تكون الأكثر تأثرا بسبب شحة وجودة المياه أو بسبب فقدان الأمن الغذائي أو تداعي جودة وسلامة الطعام عليها وعلى عائلتها، أو التداعيات الصحية عليها، حين تتعرض الى الملوثات المتعددة ومنها المبيدات الكيميائية، بسبب خصوصيتها خلال فترات الحمل أو الرضاعة أو تربية والاعتناء بالأطفال.
والتغيرات البيئية تؤثر كذلك على المرأة بشكل شديد من خلال ندرة المياه النظيفة الصالحة للاستعمال البشري، حيث تؤكد تقارير دولية ان مياه قطاع غزة على سبيل المثال ملوثه بنسبة تصل الى حوالي 95%، سواء من ناحية التلوث البيولوجي أو الكيميائي من معادن ومواد عضوية وغير عضويه، وأن مياه مناطق الاغوار تزداد فيها نسبة الملوحة باضطراد، بسبب الاستهلاك المتزايد للمستوطنات، وبأن مناطق في جنوب الضفة وحتى في الوسط لا تصل فيها المياه الى المنازل الا يوم أو عدة ايام في الاسبوع، ولكل ذلك آثار وخيمة على المرأة التي تدير المنزل وتربي الأولاد وتحافظ على صحة البيت وسلامة الطعام.
وتكون المرأة الأكثر هشاشة من التغيرات البيئية على شكل التلوث البيئي، بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث أشار أحد التقارير الدولية الى أن تلوث الهواء فقط، يؤدي الى وفاة حوالي أربعة الاف شخص يوميا في بلد مثل الصين، وكل ذلك بسبب انبعاث الغازات الى الجو، الذي أحدثته النشاطات الاقتصادية المكثفة خلال السنوات الماضية، والفئات الأكثر وفاة من هذا التلوث هم النساء والأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة.
وفي إطار الاحتفال ب "يوم المرأة العالمي" هذا العام، فمن المفترض ان يتم أو أن تعمل منظمة الأمم المتحدة والهيئات التي تدور في فلكها الى تطبيق المعاهدات الدولية المتعددة الخاصة بالبيئة، والى تعويض الفلسطينيين عن الأضرار التي ألحقتها بهم وبالأخص بالنساء الفلسطينيات تصرفات الاحتلال خلال سنوات متراكمة.
وبشكل خاص تدمير النظام البيئي في قطاع غزة من خلال القاء الالاف من أطنان المواد الكيميائية خلال الحروب المتعاقبة، ومنها تدمير مخازن زراعية في العدوان الأخير على قطاع غزة كانت تحوي مئات الاطنان من الأسمدة والمبيدات الكيميائية، مما أدى الى احتراق جزء منها الى تسرب ما تبقى منها الى التربة المحيطة ومن ثم الى المياه الجوفية، ومعروف أن المبيدات الكيميائية اذا وصلت الى المرأة الحامل فإنها وبسهولة تنتقل الى الجنين وما لذلك من عواقب وخيمة على الجهاز العصبي المركزي، وكذلك الاستنزاف المتواصل لمصادر المياه الجوفية من قبل المستوطنات في منطقة الأغوار الفلسطينية، مما أدى الى زيادة تركيز ملوحة المياه وبالتالي انتشار ظاهرة التصحر، من خلال عدم القدرة على زراعة محاصيل اعتاد المواطنين على زراعتها، مما أدى الى فقدان مصادر الدخل وازدياد نسبة الفقر.