ما نتج عنه ارتفاع أصوات احتجاجية تطالب بخفض الأسعار ووقف تلاعب بعض التجار بأسعار السلع، وتدخلات حكومية أكثر جدية، وذلك في إطار تحليلي قدمه ائتلاف عدالة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لمعدلات ارتفاع الأسعار لبعض السلع الأساسية والتي شهدت ارتفاعًا بنسبة 20%، كما تناول التحليل مجموعة من التوصيات والاجراءات التي يجب على الحكومة الأخذ بها.
وأشار عدالة في بيان وصل وطن نسخة عنه إلى أن المجتمع الفلسطيني عانى من ارتفاع في الأسعار خلال العامين الماضيين بسبب جائحة كورونا وعجز الحكومة على التعامل مع الوضع الاقتصادي المزري الذي واجهه المجتمع، ليتفاقم اليوم مع الوضع العالمي بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، ما جعل الوضع الاقتصادي أكثر سوءاً في الضفة الغربية وحد الكارثة في قطاع غزة في مجتمع يعاني أصلاً في الوضع "الطبيعي" ارتفاعاً في الأسعار مقارنة مع دخل الفرد الفلسطيني، الذي لم يطرأ عليه أي تغيير رغم استمرار ارتفاع الأسعار وبالأخص أسعار السلع الأساسية.
وجاء في التحليل أنه ومن خلال تتبع أسعار المستهلك لبعض السلع الأساسية فقط بلغ متوسط سعر كيس الطحين 60 كغم حوالي 160 شيقل خلال شهر نيسان 2022 مقارنة مع حوالي 136 شيقل خلال الشهر المناظر من العام السابق، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 20%، كما بلغ متوسط سعر كيس الأرز حبة قصيرة شقحة صن وايت استراليا 25 كغم حوالي 135 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 3%، ومتوسط سعر 10 كيلو سكر حوالي 30 شيقل، ومتوسط سعر كيلو البندورة حوالي 7 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 104%، ومتوسط سعر كيلو الكوسا حوالي 7 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 20%، ومتوسط سعر كيلو الزهرة حوالي 5 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 21%، ومتوسط سعر كيلو الباذنجان حوالي 6 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 21%، ومتوسط سعر كيلو التفاح حوالي 8 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 21%، ومتوسط سعر كيلو العدس الجاف حوالي 7 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 21%، وسعر 3 لتر زيت ذرة صافي حوالي 28 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 21%، ومتوسط سعر كيلو الدجاج حوالي 19 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 21%، ومتوسط سعر كيلو لحم الغنم حوالي 85 شيقل، ومتوسط سعر كيلو لحم العجل حوالي 50 شيقل، ومتوسط سعر حليب مجفف نيدو مدعم 2.5 كيلو حوالي 90 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 7%، ومتوسط سعر اسطوانة الغاز 12 كغم حوالي 72 شيقل، ومتوسط سعر لتر البنزين حوالي 7 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 13%، ومتوسط سعر لتر السولار حوالي 6 شيقل، مسجلاً ارتفاعاً بحوالي 20%، عن نفس فترة المقارنة شهر نيسان 2022 مقارنة مع الشهر المناظر من العام السابق، هذه فقط مجموعة من الأمثلة على حركة أسعار السلع الأساسية ضمن سلة المستهلك الفلسطيني، والتي تشير بيانات الإحصاء الفلسطيني إلى أن النسبة الأكبر من الارتفاع كانت خلال الأشهر الأولى من العام 2022.
وأكد الائتلاف أن مستويات الأسعار في الأراضي الفلسطينية مرتفعة بالأساس، حيث تعتمد الأراضي الفلسطينية على حوالي 60% الى 70% من وارداتها السلعية من دولة الاحتلال الإسرائيلي أو عبرها، ضمن نفس الغلاف الجمركي رغم التباين الكبير في مستويات الدخل، والذي انعكس في فرض مستويات أسعار لبعض السلع لا تتناسب مع مستويات الدخل الفلسطيني، وأن الارتفاع الحاصل في مستويات الأسعار خلال الفترة الحالية، نتيجة الصراع الروسي الأوكراني، جاء ليضيف ارتفاع متراكم على سلع بالأساس أسعارها مرتفعة، زاد من حدة تأثيره انه طال مجموعة من السلع الأساسية مثل الطحين والزيت والسكر والقمح والذرة، وبالتالي سيكون تأثيره بدرجة أكبر على شريحة الفقراء وذوي الدخل المحدود، لأن هذه السلع تستنزف معظم دخلهم، هذا بالإضافة إلى تأثيره على العديد من مدخلات الإنتاج الأساسية الأخرى، مما انعكس ليس فقط على ارتفاع أسعار السلع التي يتم استيرادها مباشرة من تلك الدول، أو التي طالها الارتفاع المباشر عالمياً، وإنما في السلع حتى المنتجة محلياً والتي تعتمد على مدخلات إنتاج من الخارج، مثل الأعلاف والأسمدة وكذلك الدواجن واللحوم والعديد من المنتجات الزراعية، نظراً لاعتماد مدخلات انتاجها على تلك الواردات.
كما أن للصراع الروسي الأوكراني أثر في ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمي، وبالتالي ارتفاع أسعار مدخل أساسي في العملية الإنتاجية، مما انعكس في رفع مستوى الأسعار بشكل عام لكافة مناحي الحياة، بسب تأثير الوقود في العديد من سلاسل الإنتاج للسلع والخدمات خاصة النقل، وبالتالي ضعف وتشويش العرض العالمي من الدول المنتجة، مما رفع مستوى الأسعار العالمية، فنحن نتحدث عن تضخم عالمي وأزمة عالمية في الأسعار، اذا ما طال أمدها ستنعكس في رفع مستويات الأسعار إلى مستويات تقارب أزمة الغذاء العالمي التي حدثت في العام 2008، الامر الذي سيدخل الاقتصادي العالمي في حالة من الركود، ذات الأثر الاكبر على الدول غير المنتجة، والتي تعتمد على الواردات مثل الأراضي الفلسطينية، فهي لاتملك الكثير من أدوات التأثير، مما سيجعل الواقع عرضة للتضخم المزدوج خارجي ومحلي.
وأكد عدالة أن التدخلات الحكومية الهامشية خلال الأزمة لم تحدث أي أثر في كبح جماح ارتفاع أسعار السلع الأساسية، فارتفع سعر الطحين بحوالي 31% وسعر الخبز وسعر الزيوت وسعر السكر وسعر الخضروات وسعر الأسمدة وسعر الأعلاف وسعر القمح والشعير وأسعار الوقود بكافة أنواعه، هذه السياسات والقرارات بحاجة لمراجعة، لأنها لم تحقق الغرض المطلوب منها، ولم تستفد منها الفئة المستهدفة، وأن التدخل الرسمي فيما يخص الرقابة على الأسعار غير فعال، حيث ينحصر في تحديد سقف سعري لبعض السلع الأساسية، لا يتم الالتزام بها من قبل التجار في الأسواق المحلية، وبالتالي تصبح بلا قيمة.
وأشار التحليل إلى إن تدني مستويات الأجور أساساً، رغم تحسنها الإسمي الطفيف، يتآكل مع الارتفاع الحاد في الأسعار، ولم يكن بالمستوى الكافِ لإحداث توازن بين تغير الأسعار ومستويات الأجور، الأمر الذي أدى إلى تراجع في مستوى القوة الشرائية، وبالتالي تراجع مستويات المعيشة. حيث متوسط أو وسيط الأجر بشكل عام لا يعبران عن تحسن في مستويات الأجور في المجتمع، إلا إذا اقترن الموضوع بعدالة في توزيع الدخل، وهذا غير حاصل في المجتمع الفلسطيني نستدل عليه من خلال ارتفاع نسبة العاملين ممن يتقاضون رواتب أقل من مستوى الحد الأدنى للأجور المتدني أصلاً، وارتفاع معدلات الفقر. إن مستوى الحد الأدنى للأجور لم يطرأ عليه أي تغيير منذ اعتماده وهذا خلل أول، ولم يطبق بشكل فعلي وهذا خلل ثانٍ، وهو غير عادل لأنه أقل من مستوى خط الفقر العادي البالغ حوالي 2400 شيقل، وأقل من مستوى الفقر المدقع وهذا خلل ثالث وكبير.
وطالب ائتلاف عدالة الحكومة على تحمل مسؤولياتها لحل هذه الأزمة من خلال:
• تعديل هيكلية الأجور في القطاعين العام والخاص بما يتناسب مع مستويات الأسعار، بالإضافة إلى ضمان التعديل المستقبلي للأجور بما يتناسب مع تغيرات الأسعار.
• تطبيق سياسة ضريبية أكثر عدالة من خلال ضرائب الدخل التصاعدية، لضمان إعادة توزيع الدخل بشكل أكثر عدالة.
• توفير دعم رسمي لبعض السلع الأساسية مع ضمان استهداف الفئات المهمشة من هذا الدعم، وليس على شاكلة الإعفاء الضريبي للتجار، والذي لايصل أثره للمستهلكين.
• تركيز وتشجيع فعال لزراعة استراتيجية ضمن بعض المحاصيل الزراعية، ضمن خطة دعم على المستوى الرسمي، تستهدف الاكتفاء الذاتي أو الجزئي، لتحقيق نوع من الاستدامة في انتهاجها، ضمن برنامج على مستوى الوطن مع ضمان مستويات أسعار مجدية للمزارعين للاستمرار في تلك البرامج.
• العمل على التأثير في أسعار مدخلات الإنتاج الرئيسية، الممكنة من قبل الجهات الرسمية مثل الوقود والمياه والبنية التحتية، لتذليل العقبات أمام عملية الإنتاج والتسويق، وبالتالي تخفيض التكاليف التي ستنعكس في تخفيض الأسعار.
• التركيز بشكل أكبر على فعالية تطبيق القوانين مثل تطبيق الحد الأدنى للأجور وكذلك إلزام التجار بعدم تجاوز السقف السعري.
• لابد من تفعيل الدور الرسمي فيما يخص السلع الاستراتيجية، من خلال توفير أسواق بديلة وكذلك ضمان مخزون استراتيجي، يساعد على ضبط الأسعار وقت الأزمات، كذلك لابد من دور فاعل للدبلوماسية الفلسطينية الخارجية في عملية توفير أسواق للواردات والصادرات الفلسطينية، ضمن علاقات شبه رسمية تتكامل مع علاقات التجار لتضمن الديمومة والأفضلية في الحصول على السلع أو تسويق السلع الفلسطينية.
• استهداف صناعات معينة للتأثير على أسعارها، وعدم التشتت بقوائم كبيرة يصعب الحصول على نتائج مرضية فيها، بحيث تكون سلع استراتيجية مثل الطحين والحبوب لأنها ذات تأثير في العديد من الصناعات الغذائية، والتي بدورها ستؤثر على مجموعة كبيرة من السلع.
• دعم حقيقي لمنتجات زراعية استراتيجية وحيوية مثل القمح والشعير والخضروات وقطاع الثروة الحيوانية لزيادة الإنتاج فيها على المدى البعيد.
• كسر الاحتكار المطلق والتكتلات الاحتكارية كما هو الحال في بعض القطاعات مثل قطاع الاتصالات والتأمين، وبعض الصناعات الأخرى مثل الأعلاف وبعض الواردات مثل الإسمنت، التي تمس الحياة اليومية ودخل المواطن/ة اليومي.
• تخفيض الضرائب على بعض السلع الأساسية مع ضمان أن يتم تخفيض أسعارها للمستهلك، لا أن تتحول إلى زيادة في أرباح التجار والمنتجين.
• مراجعة هوامش الربح لبعض السلع الأساسية وضمان عدم المغالاة من قبل بعض المنتجين والتجار في رفع هوامش أرباحهم.
• تشجيع توسيع الإنتاج بكميات أكبر مما سينعكس في تقليل تكلفة الوحدة المنتجة وبالتالي تخفيض أسعارها.
• البدء في تطبيق سياسات تؤثر على تحسين الدخل وعدالة توزيع الدخل، بتطبيق سياسات ضريبة دخل تصاعدية.
• التركيز في تخفيض أسعار بعض الخدمات مثل النقل، وأسعار بعض السلع مثل الوقود سوف يؤدي إلى تقليل الإنفاق على بعض المجموعات وإعادة توزيع هذا الإنفاق إلى مجموعات أخرى.
• تعديل مستوى الحد الأدنى للأجور يجب أن يكون بالاحتكام إلى أساسيات ومؤشرات عادلة، تتعلق بمستوى المعيشة، وخط الفقر، بحيث يجب أن يكون أعلى من خط الفقر مع ضمان التطبيق.
• عدم الركون إلى سن القوانين في مجالات الأجور والأسعار، وإنما وضع خطط التطبيق الفعلي على أرض الواقع، وضمان الاستمرارية وعدم الموسمية في عملية المتابعة.
• إلزام كافة الجهات بالتسجيل والتصريح الرسمي عن المشغلين والمشتغلين، وتقديم كافة البيانات التي تضمن سلامة التطبيق والحصول على كامل الحقوق بدءً من الأجر.
• تفعيل دور الاتحادات، مثل اتحاد العمال وجمعية حماية المستهلك، ليس بشكل وآلية عملهما الحالي، وإنما بجسم فعال يحقق من خلال الضغط والحاضنة الشعبية، لأهداف الشرائح التي يمثلها، مثل:
1. فرض تطبيق الحد الأدنى للأجور لجميع العاملين.
2. الضغط على الجهات الرسمية لفرض سياسات وتطبيق قوانين حماية المستهلك بفاعلية أكبر، وفرض دخول الجهات الرسمية لمجال توفير بعض السلع الاستراتيجية، مثل صوامع القمح، ودعم بعض المنتجات، وكسر الاحتكارات والتكتلات الموجودة في بعض القطاعات.