أطلس - خوف حقيقي يجتاح عشاق بيوتات بغداد القديمة وطرازها المعماري المميز من أن يصحوا ذات يوم فلا يجدون في مدينتهم- مدينة السندباد وحكايات ألف ليلة وليلة ومصباح علاء الدين- سوى كتل الأسمنت الصماء، بعد أن كانت قصور شخصياتها "وثائق معمارية" تضج بالحكايات وتروي أسرار زمن يشكّل ذاكرة مكانية للبغداديين.
وعلى الرغم من وجود قوانين صارمة تمنع هدم البيوت التراثية، إلا أن طرق التحايل تبتكر وسائلها، فتحوّلت أغلبها إلى محال وعمارات تجارية.
وتشير إحصائيات وزارة السياحة والآثار إلى وجود ما يقرب من 1800 بيت تراثي، في كافة المحافظات، مسجل لديها، أغلبها ملك شخصي والآخر موزع بين دوائر عدة؛ منها الآثار وأمانة بغداد. وهناك أماكن في بغداد يعود تاريخها إلى الفترات السابقة للإسلام يطالها الإهمال ويمنع الوضع الأمني الجهات المختصة من الوصول إليها.
ويذكر الباحث الفولكلوري باسم عبد الحميد حمودي أن الشعراء منذ العصر العباسي وإلى اليوم تغنوا بجمال الرصافة والكرخ "التي تشير بوضوح إلى عظمة الحرفيين والمعماريين الذين شكلوا طراز بغداد المعماري المدهش".
ويستدرك حمودي: "افتقار المؤسسات المعنية بالتراث إلى التخطيط العلمي المدروس والترميم العشوائي وسعي مالكي هذه الدور إلى استثمارها تجاريا والقوانين التي تنقصها المتابعة والتطبيق، كل هذا ساهم في عمليات الإزاحة والهدم المتواصلة للأبنية التراثية".
وحتى البرلمان العراقي غير قادر على إيجاد الحلول التي توقف الخراب المستشري بحق هذه البيوت الأثرية. حيث يقول علي الشلاه رئيس اللجنة الثقافية بالبرلمان: "حتى قبل عام، كان هناك 1200 دار، وهذا العام اختفى نصفها: إما أزيلت بطريقة مترتبة قانونيا أو هدمت بفعل فاعل".
ويتابع الشلاه حديثه لـ"العربية.نت" قائلاً: "لأن أكثر هذه البيوت يقع في قلب المدينة، فإن استثمارها بالنسبة للمالكين كأسواق تجارية يربحهم أكثر من بقائها أثرا تراثي".
ويتأسف لكون "صيانة أو شراء هذه البيوت التي يعدّ بعضها من نوادر ما خلفته تصاميم الشناشيل التي عرفها العراق وبلاد الشام والخليج في القرون الماضية، لم تخصص له الأموال الكافية في الموازنة العامة".
ويشر الشلاه إلى وجود "دعوات من مثقفين وأدباء وسينمائيين إلى تحويل هذه الأماكن إلى استوديوهات تصوير، بدلا من الاستعانة بالديكورات للأعمال الدرامية".