الكاتب: ديـــاب اللـــوح
الأمة الصينية التي تُشكل خُمس سكان الكرة الأرضية , تتمتع بتاريخ عريق وحضارة عميقة باهرة , ساهمت في تطور التاريخ الإنساني لأكثر من خمسة آلاف سنة , وقدمت مساهمات لا تُنسى في تقدم وتطور المجتمع البشري وخاصة في فن صناعة الورق , وفن صناعة الحروف والطباعة , حيث كان التطور الاقتصادي والعلمي للصين يتصدر أوائل دول العالم حتى القرن السادس عشر , إلا أن الصين بدأت تتخلف تدريجياً في العصر الحديث عن ركب الدول الغربية بسبب فساد النظام الإقطاعي , وغزو القوى الرأسمالية الكبرى لها.
فلقد ورثت جمهورية الصين الشعبية الحديثة التي تأسست عام (1949م) حملاً ثقيلاً من الفقر والتخلف , وجرحاً عميقاً من جراء الآفات والأمراض الاجتماعية مثل الكسل والخمول الناجمة عن الإدمان من تعاطي الأفيون , من مرحلة الاحتلال الأجنبي وخاصة الاحتلال البريطاني التي عانى خلالها الشعب الصيني من الظلم والفقر والاضطهاد والأمراض ، والتي في ذات الوقت شكلّت حافزاً ثورياً للطليعة الثورية بقيادة الزعيم الصيني الكبير (ماو تسي تونغ) للتغيير وانتشال الصين الكبيرة وشعبها الكبير أيضاً من هذا الواقع السيئ والانتقال بها إلى واقع أحسن منه , وبناء المجتمع الرغيد لعموم أبناء الشعب الصيني.
مرحلة ما بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية (1949م) وحتى الدخول في مرحلة وتجربة ( الإصلاح والانفتاح ) عام (1978م) , هذه المرحلة كانت مرحلة صعبة مرت بها الصين ، وهناك مرحلة وسيطة بينهما وهي مرحلة الثورة الثقافية (1966م - 1976 م) والتي سوف نتناولها لاحقاً في ورقة أخرى , فلقد عانت الصين من ظواهر سياسية ومجتمعية كثيرة , أخطرها الفساد وخاصة الفساد السياسي والإداري الذي نخر عظم الدولة , فكان لابد أولاً وقبل كل شيء وضع حد لظاهرة الفساد المستشري في الصين والخروج بها من حالة الانغلاق والتقوقع , والتقدم على طريق بناء مجتمع جديد علمي , متقدم , متطور ومنفتح داخلياً وخارجياً.
بعد الإطاحة بعصابة الأربعة التي تتكون من زوجة (ماو تسي تونغ) وهي ( جيانغ تشينغ) , و (تشون تشياه تشانغ) , و (ون يوان ياو) , و(هونغ ون وانغ) , والتي كانت تمثل رأس الفساد في الدولة والنظام السياسي , وبعد رحيل الزعيم (ماو تسي تونغ) عام (1976م) , قاد الزعيم الصيني (دنغ شياو بينغ) ثورة جديدة في حياة وتاريخ الشعب الصيني المعاصر , ثورة على الفساد والفقر والتخلف لتشكل الانطلاقة الكبرى نحو عهد جديد والدخول في تجربة جديدة من الإصلاح والانفتاح , لبناء مجتمع اشتراكي جديد , وبناء اقتصاد صيني جديد ,مجتمع ذو خصائص صينية , ورفعت القيادة الصينية والحزب الشيوعي الصيني , شعاراً لترفع عالياً الراية العظمى للاشتراكية ذات الخصائص الصينية , وهي التي عبدت الطريق أمام الصين العملاقة في التقدم والتطور الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي , ووضعت الصين في مقام متقدم بين دول وشعوب العالم.
إن بناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية , والمُضي قُدُماً في تجربة ومسيرة الإصلاح والانفتاح بنجاح , تطلَّب من القيادة الصينية القيام بخطوات وإجراءات شجاعة والإقدام على إجراء عمليات جراحية لاستئصال كل الأورام الخبيثة من الجسد الصيني الكبير واستعادة العافية له , وتحويل الأفكار المرشدة للحزب من الصراع الطبقي إلى البناء الاقتصادي , لتحقيق التنمية المطلوبة والمستدامة , وإنجاز الاكتفاء الذاتي خاصة من إنتاج الحبوب وسد حاجة الغذاء والحبوب لعموم أبناء الشعب الصيني ، لكون الصين دولة زراعية ويُشكِّل الفلاحون فيها الأكثرية السكانية , لذلك حظيَّ إصلاح النظام الزراعي بالأولوية في تجربة الإصلاح والانفتاح , وسد حاجة الشعب الصيني الكبير من المأكل والملبس والمسكن , بل وتساهم الصين اليوم في سد الحاجة والنقص لدى الآخرين , وقد انعكس هذا الحال الجديد إيجاباً على أداء ومستوى الحياة المعيشية لعامة الشعب الصيني بشكل علمي وملموس , وخلق واقع اجتماعي يتسم بالراحة والاستقرار , وزاد من قدرة المواطن الصيني على العطاء في كل المواقع.
إصلاح البنية السياسية:
إصلاح البنية السياسية في الدولة الصينية والنظام السياسي الصيني , والحزب الشيوعي الصيني , مسألة من أهم المسائل الحيوية لمكافحة الفساد في الصين وخاصة الفساد السياسي والإداري , وتطلب إصلاح البنية السياسية تطوير وتوسيع الديمقراطية الاشتراكية , وإكمال النظام القانوني الاشتراكي , وبناء دولة اشتراكية يحكمها القانون والدستور , وأداء الأعمال وفقاً للقانون , وعدم السماح بأي امتيازات غير منصوص عليها في الدستور والقانون , وترسيخ وتطوير وضع سياسي يتسم بالديمقراطية والتضامن والنشاط والحيوية والاستقرار والانسجام , وهو الضمانة الأساسية لممارسة أبناء الشعب الصيني لحقوقهم كسادة للدولة وحكم الدولة بالقانون , وممارسة أبناء الشعب حقهم كسادة الدولة هو المطلب الجوهري للسياسة الديمقراطية الاشتراكية , وحكم البلاد بالقانون هو المبدأ الأساسي للحزب الشيوعي الصيني لقيادة الشعب في إدارة البلاد وحماية المصالح الأساسية لجماهير الشعب الصيني , وهو الأساس لخلق المبادرة الإبداعية لدى جماهير الشعب الصيني , لحماية وحدة البلاد وتكريس مسألة "الصين الواحدة" وتعزيز روح التضامن "الوحدة الوطنية" , من خطر نعرات القوميات المتعددة في الصين (56 قومية) , وخطر الفساد والمفسدين وخاصة أولئك الذين يقبعون في مؤسسات الحزب والدولة , من أجل الكسب والثراء غير المشروع والانتفاع على حساب الشعب , وكذلك المبادرات الإبداعية للجماهير تحفز الواقع الصيني بالسير قُدُماً على طريق التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي الشامل .
التوعية الجدية لمحاربة الفساد:
تهدف حملة التوعية الجدية التي بادر إليها الحزب الشيوعي الصيني إلى ممارسة السلطة في مؤسسات الحزب والدولة بنزاهة , حيث أنه عبر شن حملات الدراسة والتوعية حول نظرية (دنغ شياو بينغ) وعن طريق التثقيف حول المراحل السابقة كافة ومخاطرها وحول متطلبات المستقبل وتطبيق تجربة وسياسة الإصلاح والانفتاح بنجاح يعود على مجمل حياة الشعب الصيني , ارتفعت التوعية الأيديولوجية والسياسية وتشكلت أنماط فعالة وتوفرت خبرات عالية جداً لتثقيف الكوادر الحزبية وكوادر الدولة , من أجل تحسين أسلوب العمل , في النضال ضد الفساد , وشملت حملات التوعية الجادة والمثابرة نشر المنجزات العظيمة التي تم تحقيقها في مكافحة الفساد , عبر الإذاعة والتلفزيون وكافة الوسائل الإعلامية , من خلال نشر التقارير المفصلة التي تضم الأسماء والوقائع والعقوبات , وقامت وسائل الإعلام المختلفة وبتوجيه من الإرادة السياسية العليا للقيادة الصينية بالتوعية حول مكافحة كافة أشكال الفساد واستغلال النفوذ والسلطات والدعوة إلى النزاهة والطهارة والشفافية في العمل والأداء , وشنت حملة التثقيف التحذيري بالاستعانة ببعض القضايا الخطيرة , وحسب الدراسات المسحية التي قام بها الحزب والدولة تبين أن حملات التوعية والتثقيف قد ساهمت في رفع مستوى الوعي والحس الحزبي بالانضباط لدى الغالبية العظمى من الكوادر الحزبية العاملة في مؤسسات الحزب ومؤسسات الدولة على حدٍ سواء , وتعززت قدرتها على محاربة الفساد والوقاية من الانحطاط والركض وراء المكاسب الشخصية غير المشروعة .
مكافحة الفساد طبقاً للقانون :
تمت صياغة مجموعة من القوانين والأنظمة لتعزيز مسألة بناء أسلوب العمل النزيه في الحزب الشيوعي الصيني والدولة الصينية , ووضعت من حيث الأساس المعايير المتطابقة مع قواعد اقتصاد السوق الاشتراكي والمحددة بتصرفات الكوادر القيادية في الحزب والدولة لممارسة السلطة بنزاهة وشفافية , وتم صياغة المعايير المحددة لنظام المسؤولية لبناء الأسلوب النزيه للحزب وكذلك تم صياغة المعايير أو التفاصيل التنفيذية التكميلية للقوانين الأساسية والأنظمة الداخلية للحزب منها مثلاً , لوائح العقوبة الانضباطية للحزب الشيوعي الصيني , وبعض الأحكام المحددة للكوادر القيادية من أعضاء الحزب الشيوعي الصيني حول ممارسة السلطة بنزاهة , وحول مسألة الإنفاق من المال العام بشفافية مع مراعاة عدم الإفراط في الإنفاق وخاصة فيما يتعلق بالمهمات ، ودرجات السفر في الرحلات الداخلية والخارجية ، والإقامة في الفنادق ، وارتياد الأماكن العامة الترفيهية , وكذلك تمّ وضع قانون الرقابة الإدارية لجمهورية الصين الشعبية , وأنجزت الدوائر المسؤولة في البلاد كلها صياغة ما يزيد عن (2000) من القوانين والأحكام وسائر الوثائق المعيارية المتعلقة بأسلوب العمل النزيه في الحزب والدولة , وقد ساهمت صياغة وتنفيذ هذه القوانين والأحكام والوثائق المعيارية , وأحكام الرقابة على الأداء والسلوك , في بناء أسلوب العمل النزيه مكافحة الفساد طبقاً للقانون .
تشديد الرقابة على الكوادر القيادية :
تمّ تشديد الرقابة بمختلف المستويات الحزبية على الكوادر القيادية من الدرجات المتوسطة والعالية وكبار المسؤولين في جميع الدوائر الحزبية والحكومية , تنفيذاً للمعايير المنصوص عليها في أنظمة الرقابة الداخلية للحزب وقانون الرقابة الإدارية للدولة , وتم إتباع الإجراءات والوسائل التالية لإحكام الرقابة على الكوادر القيادية:
نظام التفقد والتحري :
حيث ترسل لجنة الحزب المركزية فرق تفقد وتحري لفحص الرقابة على ما قامت به القيادات والكوادر الحزبية والحكومية , للتأكد من تنفيذ خط الحزب ومبادئه وسياساته وتصريف الأمور بجد ونزاهة والالتزام بمبدأ المركزية الديمقراطية واختيار وتعيين الكوادر .
لجان فحص الانضباط:
فلقد وضعت هذه اللجان من مختلف المستويات رقابتها ومارست فحصها للأموال التنفيذية لانضباط الحزب السياسي في المقام الأول , وفرضت عقوبات صارمة على أعضاء حزبيين وكوادر قيادية حزبية طاعوا في الظاهر وخالفوا في الباطن وتصرفوا بوجهين وافتعلوا ونشروا سياسة لتشويه صورة الحزب والدولة , وسنوياً تفرض لجنة الانضباط وفحص العضوية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني العقوبات على المئات وربما الآلاف من أعضاء الحزب الذين خرجوا عن الانضباط السياسي .
نظام تدقيق المسؤولية الاقتصادية:
يتم تطبيق نظام تدقيق المسؤولية الاقتصادية على الكوادر القيادية على مستوى المحافظات فما دون في عموم الصين , لترشيد النفقات وتصويب استخدام المال العام في المهمات والسفر والإقامة .
نظام استطلاع الرأي:
يتم العمل بإحكام نظام استطلاع رأي لجان فحص الانضباط من المستويات المماثلة عند ترقية وتعيين الكوادر القيادية في الكثير من المناطق
والدوائر .
نظام المحادثة :
نظام المحادثة يعني قيام لجان الحزب ولجان فحص الانضباط بإجراء محادثات مباشرة حول النزاهة والاستقامة والشفافية مع الكوادر القيادية في بعض المناطق , لغرض التحقق من حسن وسلامة سير الأمور , وسمي بنظام المحادثة المباشرة تفادياً لمس سمعة الكوادر القيادية قُبيل التحقق من الحقائق
نظام علانية تصريف الأمور :
شرعت مختلف المناطق في الحزب والدولة في تطبيق نظام علانية تصريف الأمور في أجهزة الحزب والدولة على مستوى المحافظة فما فوق , ويجري العمل في نفس الوقت على تطبيق هذا النظام في النواحي الأخرى , وقد تجاوزت نسبة التعميم 60% في الكثير من المقاطعات والمناطق ذاتية الحكم والبلدات , ووصلت لدرجة استشارة الجماهير والإصغاء لآرائها فيما يتعلق بالمسائل التي تهم مصالح جماهير الشعب قبل اتخاذ القرارات بشأنها , مما أدى إلى ضمان حقوق الجماهير في الوقوف على الأحوال العامة والمشاركة فيها والرقابة عليها .
وأخذت بعض المناطق تطبق النظام الالكتروني في تقديم المعلومات للجماهير عن مسار الأمور لرفع مستوى شفافية تصريف الأمور , وتوسيع قنوات الرقابة , بالاستفادة من تكنولوجيا شبكة المعلومات والانترنت , لغرض مكافحة الفساد , والحد من سطوة نفوذ المفسدين .
نظام تقديم التقارير :
شُرِع في تطبيق نظام تقديم التقارير من القادة إلى مؤتمرات نواب العمال والموظفين حول تنفيذ القرارات الخاصة بالنزاهة والانضباط الذاتي للاستماع إلى التقييم والمراقبة من قِبل الجماهير , ومنذ المؤتمر الوطني السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني المُنعقد في بكين (2007م) , شرعت قيادة الحزب في تطبيق سياسة جديدة , تُعطي أعضاء المؤتمر دور أوسع بالمشاركة في الممارسات العملية في القواعد الحزبية والجماهيرية , والقيام بدور المتابعة والرقابة والتأكد من نزاهة وسلامة وشفافية العمل , وهذا على عكس ما كان معمول به سابقاً, إذ كان يقتصر دور أعضاء المؤتمر الوطني على انتخاب القيادات فقط , لكن بعد المؤتمر السابع عشر أصبح لهم دوراً ملموساً بالمشاركة في تطبيق السياسات وصيانة الاستراتيجيات , للحد من ظواهر الفساد واستغلال السلطات والنفوذ , مما يعني بوضوح أن قيادة الحزب والدولة تسير في اتجاه إحكام سياسة الإصلاح الداخلي على كافة المستويات , والنضال ضد الفساد ومحاربته بدون هوادة أو تهاون , مع إدراكها أن النضال ضد الفساد لا يزال خطيراً وشاقاً لدرجة أن بعض ظواهر الفساد مازالت بارزة وبعضها الآخر لا يزال منتشراً ومتفشياً , ومازالت هناك تصرفات عشوائية في بعض المناطق والدوائر والمتمثلة في تحصيل الرسوم وفرض الغرامات وتقسيم الحصص الإجباري , والتزوير , والتزييف , وتبديد الثروات , والتبذير في النفقات , ومازالت أعمال بناء القوانين والأنظمة لأسلوب العمل النزيه بطيئة نسبياً بسبب الشكلية والبيروقراطية , ومازالت الرقابة الداخلية للحزب وعلى وجه الخصوص الرقابة على الكوادر القيادية ضعيفة نسبياً, ومازالت هناك ظروف موضوعية في البلاد لم تُعالج تتسبب في توليد الفساد , ويُعزى ذلك إلى أن النظام الاقتصادي لا يزال في مرحلة تحوُّل , والعمل لم يُستكمل لبناء الاشتراكية ذات الخصائص الصينية .
اكتساب الخبرات لمكافحة الفساد :
من خلال المثابرة المستمرة لمكافحة الفساد اكتسبت مؤسسات وسلطات الحزب والحكومة في الصين خبرات وحققت منجزات ملحوظة في سياسات وأساليب العمل النزيه لمكافحة الفساد , من أجل تأمين تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح على العالم الداخلي والخارجي وخاصة الانفتاح على العالم الخارجي , ويسعى كلاً من الحزب والحكومة إلى تطوير النضال ضد الفساد في الاتجاه السياسي السديد , وتعبئة وتنظيم كافة القوى الاجتماعية بصورة فعالة لمكافحة الفساد ومعاقبة الفاسدين طبقاً للانضباط والقانون وحماية الاستقرار السياسي والاجتماعي , لضمان أن يتطور النضال ضد الفساد في البيئة المناسبة على نحوٍ سليم في الاتجاه السياسي السديد وتحقيق المزيد من المنجزات .
مجالات مكافحة الفساد والمعالجة الشاملة :
تتمسك الدوائر المسؤولة في الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية بثلاثة مجالات لأعمال مكافحة الفساد معاً ، والمعالجة الشاملة ، عن طريق الجمع بين المعالجة الجزئية والجذرية , وتتمثل في:
- الحفاظ على النزاهة والانضباط الذاتي للكوادر القيادية .
- فحص وضبط المخالفات الانضباطية والقانونية .
- تقديم السلوك الشائن للدوائر والقطاعات .
إن التمسك بهذه المجالات الثلاثة في نفس الوقت , تماشياً مع تطور الوضع وتحسين وسائل مكافحة الفساد , من شأنها أن تساعد في بناء خطين دفاعيين متينين هما الأخلاق الأيديولوجية , وانضباط الحزب وقانون الدولة.
في خضم عملية التحول الاقتصادي , وانجاز المزيد من الانفتاح الداخلي والخارجي , من المحتمل أن تنشأ بيئة تولد ظواهر فساد جديدة , لذا يجب التمسك بالمعالجة الشاملة عن طريق الجمع بين المعالجة الجزئية والجذرية خلال النضال ضد الفساد وإنزال ضربات شديدة بالفاسدين لمنع ظواهر الفساد من الانتشار والتفشي.
محددات وقواعد أساسية لمكافحة الفساد:
- تعزيز بناء النظام القانوني من أجل بناء أسلوب العمل النزيه للحزب وأساليب مكافحة الفساد في مسار النظام القانوني .
- تعزيز أعمال التشريع وتعديل واستكمال تحسين القوانين واللوائح الخاصة بمكافحة الفساد.
- المثابرة على التوعية حول القانون واللوائح , والتمسك بتصريف الأمور طبقاً للقانون , ومعاقبة الفاسدين بالقانون .
- تشديد الرقابة وفحص الأحوال التنفيذية للقانون والالتزام بالانضباط .
- تطبيق روح الجمع بين القانون والفضيلة في حكم الدولة, لتحقيق التطور المتناسق لبناء النظام القانوني وبناء الأخلاق الأيديولوجية.
- تطوير الديمقراطية الاشتراكية وتشديد الرقابة والإشراف على ممارسة السلطة .
- التمسك بنظام القيادة , وآلية العمل والإدارة المشتركة لمكافحة الفساد لخلق وضع يشارك في ظله جميع دوائر الحزب والحكومة والعاملين فيهما في مكافحة الفساد.
- التمسك بالإبداعات النظرية المتطورة لإرشاد الممارسات الجديدة لبناء أساليب العمل المناسبة وإعمال النضال ضد الفساد.
- التزام جميع المسؤولين القياديين وعلى وجه الخصوص المسؤولين الكبار بصرامة بالانضباط السياسي , وأن يكونوا قدوة للآخرين وأن يرسخوا وجهة النظر الصحيحة للسلطة والمراكز القيادية .
- التمسك بالمعالجة الجزئية والمعالجة الجذرية معاً, والتعليم هو الأساس , والنظام القانوني هو الضمانة , والرقابة هي المفتاح.
- تعميق الإصلاح على كافة المستويات , وتجديد الهيكلية , ومعالجة الفساد من مصادره .
- العمل على دفع إصلاح نظام الإدارة المالية , ونظام إدارة الميزانية , ونظام خزانة الدولة المسؤولة عن التحصيل والدفع ونظام الشراء الحكومي , وإحكام الرقابة الشديدة على المالية والنقد ونظام تدقيق الحسابات .
- العمل بخطوات سريعة لإصلاح نظام الرقابة على أعمال اختيار وتعيين الكوادر , والتغلب على السلوك الشائن والحذر والوقاية من ظهوره في مجال التعيين .
- فصل الدوائر الحزبية والحكومية عن الوحدات التجارية غير المؤسساتية التي تحت إدارتها .
- معايير الرعاية الاجتماعية للدوائر الحزبية والحكومية وحل مشكلة الفجوة الكبيرة في دخل الموظفين العموميين بمختلف الدوائر , وتعزيز هيئات الرقابة عليها .
- توسيع الديمقراطية القاعدية في الحزب ومنظماته , وتعزيز دور الجماهير في الرقابة , ودعم وسائل الإعلام والرأي العام في الرقابة , ورفع شفافية الأعمال الإدارية وفعالية الإدارة .
الكتاب الأبيض الأول حول جهود مكافحة الفساد:
أصدر المكتب الإعلامي لمجلس الدولة الصيني , ولأول مرة أول كتاب أبيض حول جهود مكافحة الفساد والكسب غير المشروع , في (29/12/2010م) , وتحمل هذه الوثيقة الرسمية عنوان جهود الصين لمكافحة الفساد وبناء حكومة نظيفة , وذكرت الوثيقة أن هذه الجهود لمكافحة الفساد وبناء حكومة نظيفة قد تم إدارتها بصورة منهجية وشاملة وقد حققت نتائجها .
وجاءت الوثيقة على ذكر
الحقائق التالية :
- خلال الفترة من (2003م) وحتى (2009م) حقق وكلاء النيابة على جميع المستويات في أكثر من (240) ألف من قضايا الكسب غير المشروع , والرشوة , والتقصير في أداء الواجب وانتهاك الحقوق.
- تم التحقيق خلال الفترة من (2005م) وحتى (2009م) في أكثر من (69200) من قضايا الرشوة التجارية التي تصل إجمالي المبالغ فيها إلى (16,59) مليار إيوان صيني .
- في عام (2009م) تم تحميل نحو (7036) مسؤولاً مسؤولية أعمال مثل ارتكاب أخطاء خطيرة في صناعة القرار , وخرق الواجب , والإخفاق في إدارة المرؤوسين والرقابة عليهم .
وتضمنت الوثيقة أن مصلحة الإحصاءات الوطنية قد أجرت مسحاً , يفيد أن الفساد قد انخفض إلى حد ما في عام (2010م) , وفي ذات الوقت حذرت الوثيقة من أن مهمة مكافحة الفساد مازالت شاقة .
وذكرت الوثيقة أن الصين شهدت تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة وتطورت أفكار الناس ومفاهيمهم , مما أدى إلى تزايد الصراعات الاجتماعية .
وأفادت الوثيقة بأنه ونظراً لكون الآليات والنظم ذات الصلة لم تكتمل بعد , فإن الفساد مازال قائماً وفي بعض الحالات تتضمن قضايا الفساد مبالغ ضخمة من الأموال.
وأضافت الوثيقة أن عمليات خرق القوانين وقواعد الانضباط تسلك طريقاً أكثر سرية وذكاء وتعقيداً .
وذكرت الوثيقة , أن قناة الرقابة العامة مفتوحة أمام المواطنين للمشاركة في مكافحة الفساد من خلال توجيه الاتهام ورفع دعوة قضائية , وأضافت أن الحكومات إن جميع المستويات في الصين فيها إدارات للتعامل مع الرسائل والنداءات التي تتضمن شكاوى ومقترحات من الناس , وأشارت الوثيقة إلى أن الانترنت أصبح شكلاً جديداً للرقابة من قِبل الجماهير , وذكرت الوثيقة أن الصين تُقدر الدور الإيجابي الذي يلعبه الانترنت في تعزيز الرقابة , وقالت إن البلاد تعمل بجد لجمع المعلومات المتعلقة بمكافحة الكسب غير المشروع التي يتم الحصول عليها من الانترنت وتقوم ببحثها وإدارتها .
هيئة مراقبة الفساد في الصين:
تعمل هيئة الانضباط , هيئة مراقبة الفساد في الصين على تطبيق بعض السياسات منها :
- تشديد الرقابة على الشركات المملوكة للدولة , ومكافحة الفساد بين التنفيذيين والقائمين على تلك الشركات.
- الدفع بقوة التحقيقات والعقوبات في جرائم الفساد في عمليات إعادة الهيكلة والدمج , ونقل الملكية وعمليات رأس المال , ومشروعات البناء في الشركات المملوكة للدولة .
- التركيز على القضايا التي تشمل تورط مسؤولين ومدراء تنفيذيين وموظفين في مناصب كبيرة , واتخاذ إجراءات صارمة لوقف الرشوة .
- التحقيق في الممارسات التي تضر بالحقوق القانونية للموظفين ومصالحهم في سياق إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة .
- اتخاذ إجراءات صارمة لوقف الرشوة التجارية والممارسات غير القانونية , التي تشمل تأسيس "صناديق صغيرة" , لملاحقة الأموال والسندات والممتلكات التي لا يتم إدراجها في سجلات المحاسبة لغرض التهرب من الرقابة .
- مراقبة اتخاذ القرارات بشكل ملائم في الدوائر والمؤسسات والهيئات الحكومية , وتعمل الهيئة والدولة على إدراج مسألة مكافحة الفساد في نظم إدارة الشركات المملوكة للدولة لإصلاحها.
خطاب الرئيس الصيني في المؤتمر الوطني الـــ(18) للحزب :
طالب الرئيس الصيني "خو جين تاو" في المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني المنعقد في بكين (8/11/2012م) , الكوادر القيادية في الحزب الشيوعي الصيني على مختلف المستويات وخاصة الكوادر القيادية رفيعة المستوى بالالتزام الواعي بقواعد النزاهة , وتنفيذ نظام تقديم التقارير من الكوادر القيادية حول القضايا الهامة , وطالب الكوادر بالتشدد مع النفس مع تقوية تثقيف وتقييد أقاربهم العاملين المقربين منهم , وعدم السماح لهم إطلاقاً بالحصول على الامتيازات , وطالب بضرورة تشديد معايير ممارسة السلطة , وتشديد مراقبة الكوادر القيادية وخاصة كبار المسؤولين الذين يمارسون السلطة والنفوذ وقال الرئيس الصيني بأن مكافحة الفساد وبناء السياسة النزيهة هما من المواقف السياسية الواضحة التي يتمسك بها الحزب , ومن القضايا السياسية الهامة التي يهتم بها الشعب , وتركيز القوى على حل مشاكل الفساد الحاصلة بالقرب من الجماهير , وشدد الرئيس الصيني على ضرورة تقوية المراقبة والفحص , وتشديد الانضباط السياسي ولابد من معالجة مخالفات الانضباط بشكل جدي.
وأشار الرئيس الصيني أمام أعضاء المؤتمر من قيادات الحزب والدولة (2270) عضو , "ينبغي التمسك بالجمع بين حكم الدولة بالقانون وحكم الدولة بالفضيلة , وتعزيز التوعية بالأخلاق الاجتماعية , والأخلاق المهنية والفضائل العائلية والأخلاق الشخصية , وتطوير الفضائل التقليدية الصينية والعادات الحديثة المعاصرة " .