رام الله - أطلس - بالتهاليل والزغاريد، ورغم البرد الشديد استقبلت محافظة الخليل فجر اليوم الثلاثاء، برجالها ونسائها وأطفالها، الأسير المحرر نعيم يونس الشوامرة، الذي أفرج عنه بعد ضغوطات دولية ومحلية، بسبب انتشار مرض ضمور العضلات في جسده.
"أخاف أن لا تفهم كلماتي، لأن صوتي غير واضح"، بهذه الكلمات ابتدأ الأسير المحرر نعيم الشوامرة حديثه لمراسل راية في الخليل عن لحظة الحريّة.
فبصوته الذي تآكل مع المرض، أخذ نعيم يصف لحظة وصوله محافظة الخليل:"الاستقبال كان رائع من الأحبة والأهل الذين افتقدتهم طويلا، فأنا عاجز عن وصف أهالي دورا ومحافظة الخليل لاستقبالهم الدافئ، فقد كانوا واقفين على الطرقات يرفعون الأعلام ويلوحون لي بأياديهم مهنئين بحريتي".
بالكاد قال تلك الكلمات، ففرحة الحرية جعلته عاجزا عن التعبير، ومرض ضمور العضلات المتفحل في جسده والذي أصيب به داخل السجن، حال بينه وبين إيصال صوته كما يريد.
نعيم يونس الشوامرة، سكان دورا قضاء الخليل، محكوم بالسجن المؤبد منذ اعتقاله في الرابع عشر من شهر آذار للعام 1995، بتهمة قتل خبير المتفجرات الإسرائيلي "يوسي حيون"، حسب رواية ابن عمّه وقضيته نايف حسين الشوامرة الذي حكم بنفس الحكم وأفرج عنه ضمن صفقة وفاء الأحرار عام 2011.
حينما توجهنا للقاء الحاجة وضحة، والدة الأسير المحرر نعيم الشوامرة، وجدناها على غير عادتها البائسة، فكانت ترقص وتزغرد فرحا، بينما كانت خلال الشهور الأخيرة التي تكثّفت فيها الإعتصامات التضامنية مع ولدها لا تستطيع الحركة بشكل طبيعي، فسألناها عن نقطة التحول تلك لتختزل الإجابة قائلة:" نسيت كلّ العذاب، فأنا الآن مولودة من جديد، والفرحة لا تسعني".
ودموع الفرح تغزل في عينيها، أخذت الحاجة وضحة تقول:" زيارة السجون لعشرين سنة مليئة بالعذاب والمرار نسيتها كلّها عند احتضان نعيم، فشعوري لا يوصف، وفرحتي لا تقدر بمال الدنيا".
منجد الشوامرة، 19 عاما، ابن الأسير المحرر نعيم، أعتقل والده بينما كان عمره خمسة شهور فقط، ليحرم من الأب طول عمره الذي انقضى. وخلال تصفحه الشبكة العنكبوتية، تفاجأ بخبر إدراج اسم والده ضمن الدفعة الثالثة من صفقة أسرى ما قبل أوسلو.
وفي حديث منجد لمراسل راية بالخليل:" أنا لا أتمنى شيء إلا أن يشفى أبي ويبقيه الله لنا، فسنين عمري الماضية، كانت معاناة رغم أن أعمامي لم يتركوني محتاجا لشيء، لكن هناك حنان وعطف الأب الذي لا يستطيع أن يمنحني إياه أحد سواه، ومن اليوم سيبدأ عمري الحقيقي في ظلّه".
وحول حالته الصحية المتدهورة بسبب إصابته بمرض ضمور العضلات الذي بات يهدد حياته، وكان السبب الرئيس في الإفراج عنه بعد الضغوطات على الاحتلال، فقد بدأت خطوات الرحلة العلاجية منذ الساعة الأولى لوصوله مدينة الخليل، بإجراء فحوصات طبية شاملة في مستشفى الأهلي.
وقد أرسل ملف الأسير الشوامرة لجهات الاختصاص، للتعامل معه والإسراع في علاجه، حيث سيكون هناك رد واضح لعمل كلّ الخطوات والإجراءات اللازمة، خلال الـ "48" ساعة القادمة، حسب حديث أمجد النجار مدير نادي الأسير الفلسطيني بالخليل.
وأضاف النجار:" نحن سنعمل بأسرع من المرض الذي ينتقل بجسد نعيم لمساعدته تلقيه العلاج المناسب، لأن نعيم يستحق أن تسانده القيادة الفلسطينية والجميع بدون استثناء لتقديم علاج مميز له، وإن كان هناك حاجة لسفره خارج البلاد سنعمل بكل طاقتنا لذلك".
وفي رسالة المحرر الشوامرة للفصائل الفلسطينية:" الواقع مأساوي داخل السجون، خاصة ما يتعرض له الأسرى المرضى، فالكلمات عاجزة عن وصف ما يصير داخل السجن، لهذا نحتاج لتوحيد الصف الوطني، حتى يتم تكاتف الجهود بتحرير الأسرى جميعهم".