كشف تحقيق مشترك لصحيفة ذي غارديان والخدمة العربية لهيئة الإذاعة البريطانيتين الأربعاء، أن وزارة الدفاع الأميركية ساعدت بعد غزو العراق في تشكيل وحدات أمنية عراقية طائفية تولت إدارة معتقلات سرية مورست فيها أشنع أعمال التعذيب
وسلّط التحقيق -الذي اعتمد على مصادر أميركية وعراقية بينها اللواء منتظر السامرائي قائد القوات الخاصة بوزارة الداخلية العراقية بين عامي 2003 و2005- الضوء على دور البنتاغون في تشكيل الوحدات الأمنية العراقية الخاصة, وفي تمويل المعتقلات التي كان يعذب فيها المعتقلون بهدف انتزاع معلومات تتعلق بالمقاومة المسلحة في ذلك الوقت.
وسمّى التحقيق مستشاريْن عسكرييْن ضالعين في بناء وتدريب تلك القوات العراقية التي شُكلت من عناصر ينتمي بعضها إلى منظمات شيعية مثل "بدر" (الجناح العسكري للمجلس الإسلامي الأعلى في العراق), وهما الضابطان المتقاعدان برتبة عقيد جيمس ستيل وجيمس إتش كوفمان.
وقد عُين ستيل مباشرة من طرف وزير الدفاع الأميركي حينها دونالد رامسفيلد لتنظيم التشكيلات الأمنية العراقية شبه النظامية التي كانت وظيفتها التصدي للمجموعات التي انخرطت في المقاومة المسلحة ضد القوات الأميركية.
وعمل ستيل وكوفمان جنبا إلى جنب في مراكز التعذيب والاعتقال التي كانت تديرها القوات الخاصة بوزارة الداخلية العراقية, وكان الأول يرسل التقارير إلى رامسفيلد, في حين كان الثاني يرسلها إلى ديفد بترايوس الذي كان في ذلك الوقت قائدا للقوات المتعددة الجنسيات في العراق.
وقال السامرائي إن ستيل وكوفمان على علم بكل ما كان يحدث في تلك المراكز من تعذيب شمل تعليق المعتقلين من أرجلهم, وقلع أظافرهم, وضرب المواضع الحساسة في أجسادهم.
ووفقا للتحقيق, فإن تشكيل القوات الخاصة العراقية التي مارست أعمال التعذيب تلك بدأ بعدما رفعت وزارة الدفاع الأميركية حظرا كان قائما على انضمام أفراد المليشيات الشيعية مثل منظمة "بدر" وغيرها إلى الأجهزة الأمنية.
وحسب المصدر ذاته, فإنها "المرة الأولى" التي يثبت فيها تورط مستشارين عسكريين أميركيين في انتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها وحدات عراقية أشرف الأميركيون على تشكيلها.
كما أنها المرة الأولى التي يتم فيها إثبات صلة (غير مباشرة) لبترايوس -الذي أقيل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي من إدارة وكالة المخابرات المركزية الأميركية- بالانتهاكات في تلك المعتقلات العراقية من خلال المستشار كوفمان.
ونقلت الغارديان والخدمة العربية لبي بي سي عن منتظر السامرائي قوله إن بترايوس وكوفمان عملا "يدا بيد", في إشارة إلى التعاون الوثيق بينهما في تلك الفترة.