اطلس- قرب تجمّع مستوطنتي (تيلم) و(أدورا) غرب محافظة الخليل بالضّفة الغربية المحتلة، يزوّد الاحتلال مجموعة من القرى والبلدات الغربية للخليل بالمياه من خطّ رئيسي يرتبط بالمستوطنتين، ولكنّ بخطّ مياه يصغر الخطّ الموصل بالمستوطنتين خمس مرّات على الأقل.
وفي الوقت الذي لا يتجاوز تعداد سكّان المستوطنتين 200 شخص، يتجاوز تعداد سكّان القرى والبلدات الفلسطينية المجاورة الـ(100 ألف) نسمة، ضاما بلدات إذنا، ترقوميا وعدد من البلدات المدمجة في بلدية مستحدثة بذات المنطقة.
ولا يسلم هذا الخط رغم صغره من تحكّم حرّاس المستوطنتين، ويكررون إغلاقه أو تقليل كمّيات المياه المزوّد للقرى الفلسطينية، حسبما يؤكّده رئيس بلدية الياسرية المستحدثة عاطف العواودة، التي تضم تجمع قرى غرب الخليل.
سلب لحقوقنا
ويوضّح العواودة في حديثه أنّ الأزمة الرئيسية الماثلة في كلّ صيف لا تتعدّى ما يقوم به المستوطنون من سلب لحقنا في الحصول على مياه الشرب، إضافة إلى الكميات القليلة للمياه التي نتزوّد بها من شركة "ميكوروت" الإسرائيلية عبر الخطّ سالف الذّكر.
ويعرب العواودة عن قلقه من وضع المياه هذا العام، لافتا إلى أنّ الكميات التي وصلت لبلديته هذا العام أقل بكثير من مثيلتها بالعام الماضي، ويلفت إلى أنّ السّكان نفّذوا بالعام الماضي اعتصاما قرب نقطة توزيع المياه للمطالبة بحلّ أزمة المياه التي يعانونها، ولكن دون جدوى، ودون أن تتحسّن الأحوال وتزداد الكمّيات.
وتعدّ هذه الحال نموذجا مصغرا لأزمة كبيرة تعانيها مدينة الخليل والقرى والبلدات المحيطة بها، والتي تشكّل أكبر محافظة فلسطينية بالضّفة الغربية، مشكّلة أزمة سنوية.
نصف الحاجة
أما رئيس بلدية الخليل داود الزّعتري يؤكّد أنّ مدينة الخليل يصلها نحو (17-20 ألف متر مكعب يوميا) من المياه، في حين أن حاجة المدينة تصل إلى (40 ألف) متر مكعب يوميا.
أمّا عن جذور أزمة المياه السّنوية في الخليل على وجه الخصوص، يبين الزّعتري أن السبب الرئيس يتمثّل في عدم وصول الكميات المطلوبة من المياه التي تسد حاجة المدينة بالحد الأدنى، مرجعا السبب في سيطرة الاحتلال على المياه الجوفية الفلسطينية وعدم السماح لسلطة المياه بحفر آبار جديدة أو استخدام الحوض المائي الغربي.
ويكشف الزّعتري عن تلقي بلديته وعودا من جانب الحكومة بالضّفة الغربية وسلطة المياه، للتقليل من حدة الأزمة هذا العام، معربا عن أمله أن تخف حدة الأزمة التي تعانيها الخليل منذ سنوات ماضية.
ويؤكّد أنّ مدينة الخليل تتزود من المياه من بئر الصّافي التابع للبلدية والمنشأ قبل (14 عاما)، وتراجعت الكميات التي يتم استخراجها منه لرفض الاحتلال الاسرائيلي السماح بزيادة عمق البئر.
وفيما يخصّ حالة التمييز العنصري التي تعيشها مدينة الخليل على صعيد التزوّد بالمياه، يقول الزّعتري "هذا التمييز العنصري تؤكّده الأرقام، فتشير الاحصائيات إلى أنه في ما يتعلق بحصة الفرد من المياه في المناطق الفلسطينية بلغ ما معدله 73 لترا للفرد يوميا، بينما يتجاوز 242 لترا للإسرائيلي يوميا، في حين يتجاوز استهلاك المستوطنين في الضفة الغربية أكثر من 800 لتر للفرد الواحد يوميا، وهو ما يشكل 12 ضعفا مقابل ما هو متاح للفلسطينيين.
وعلى صعيد الأفكار المقترحة لحلّ أزمة المياه بالخليل، يؤكّد الزّعتري أنّ هناك تحركات مبذولة مع الحكومة الفلسطينية و سلطة المياه، لافتا إلى تحقيق تقدم كبير من ناحية استقرار كميات المياه الموردة إلى مدينة الخليل بشكل خفف من حدة الأزمة الحادة في المدينة الصيف الماضي.
ويكشف عن عمل البلدية من خلال المؤسسات الدولية الضغط على الإسرائيليين للحصول على كميات مياه إضافية من خلال خط الشعار عبر شركة (ميكوروت) الإسرائيلية للحصول على (5 آلاف) متر مكعب إضافية للمدينة، وهناك بوادر للموافقة على ذلك إضافة لوعد سلطة المياه بزيادة حصة مدينة الخليل.
تمييز حقيقي
من جانبه، يؤكّد خبير شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش في حديثه أنّ حقيقة توزيع المياه في الضّفة الغربية تعبّر عن حالة تمييز عنصري حقيقية، موضحا أنّ هذا الأمر أكّده أحد كبار الزّوار الأجانب لـ(إسرائيل) العام الماضي، وهو ما أثار حفيظة الكيان الإسرائيلي وغضبه، وحاولت التكتّم على الأمر، والحيلولة دون وصوله إلى الإعلام.
ويضيف "عقب إثارة الموضوع بدأت جمعية إسرائيلية يسارية عملية تحقيق في القضيّة وزارت عددا من المواقع بالضّفة الغربية وبالتحديد في محافظة الخليل، واطّلعت على نماذج من إغلاق آبار جوفية للفلسطينيين ومنعهم من افتتاح أخرى، ناهيك عن حرمانهم من التزود من احتياجاتهم من الماء.
ويرى حنتش أنّ مستوطنة (كريات أربع) تتحكّم في توزيع المياه بالخليل، وهي تسيطر على كافّة خطوط الماء، فيما تبلغ حصّة المستوطن القاطن في مستوطنات الخليل نحو (7 أضعاف) حصّة المواطن الفلسطيني.
ويؤكّد أنّ المياه هي جزء أساسي من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ووضع الاحتلال نصب عينه مصادر المياه في الضّفة الغربية، وسيطر عليها وأقام في محيطها مستوطناته، فيما حوّل كافّة مجاري المياه الجوفية إلى داخل الأراضي المحتلة وردم الينابيع التي لا تقع تحت سيطرته المباشرة، فيما يسيطر على كافّة المصادر الجوفية في الأراضي المحتلة عام (48) ويمنعها على الفلسطينيين.