اطلس- أحيا البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الأربعاء قداسا للبنانيين الذين فروا إلى إسرائيل في إطار زيارته غير المسبوقة للأراضي المقدسة والتي أثارت جدلا في لبنان.
وتوافد مئات من المسيحيين اللبنانين إلى كنيسة القديس بطرس في كفر ناحوم الواقعة على ضفاف بحيرة طبرية لحضور القداس.
وحمل بعض المشاركين أعلاما لبنانية بينما وضع علم لبناني كبير على مقربة من تمثال للقديس بطرس، ونصبت لافتات كبيرة كتب على إحداها تحت صورة البطريرك "الراعي في بلاد المسيح".
وألقى البطريرك الراعي عظة شدد فيها على نبذ الكراهية وقال "هذا النهار التقيت مهجرين دمرت بيوتهم أمام أعينهم من دون أي سبب. وأنتم هجرتم من بيوتكم كلها من أجل لعبة سياسية".
واشار إلى أن "الحرية البشرية مقدسة وأي إنسان يعتدي على إنسان آخر جسديا أو روحيا مرفوض وعليكم أن تعطوا قيمة لحياتكم وكرامتكم أينما كنتم".
وأضاف "نصلي من أجل السلام في هذه الأرض وفي لبنان وفي سوريا وفي العراق وفي مصر وفي كل البلاد المتوترة".
وقال سليمان نخلة المتحدر من بلدة جزين اللبنانية والذي يقيم في كريات شمونة القريبة من الحدود مع لبنان لوكالة "فرانس برس" "جئت هنا لأصلي" مشيرا إلى أنه لا يتوقع الكثير من زيارة الراعي.
بينما أشار بولص نهرا من القليعة والذي يعيش في بلدة كرمئيل أن "البطريرك لن يقدم لنا أي شيء" موضحا أنه سيفكر في العودة إلى لبنان "حسب الظروف".
واعتبر فيكتور نادر وهو مسؤول سابق في الوحدات الخاصة في "جيش لبنان الجنوبي"، الميليشيا التي كانت متحالفة مع إسرائيل إبان احتلالها لجنوب لبنان، أن الزيارة "تعطينا احترامنا وترفع معنوياتنا".
ولكنه أكد أن "ليس للبطريرك أي علاقة بنا سوى العلاقة الدينية".
وأضاف نادر الذي يقيم في مدينة نهاريا "نحن لا نريد العودة إلى لبنان، نحن سعداء جدا هنا وأبني يخدم في الجيش الإسرائيلي".
في المقابل، أوضح هنري يوسف مارون الغفري من بلدة علما الشعب "لم نرغب في أن نترك بلادنا أو أرضنا والبطريرك يعلم ذلك".
وتابع "إسرائيل ليست بلدنا، لدينا بلدنا وحياتنا وأنا أريد العودة إلى لبنان"، لكنه تدارك أن "كثيرين في لبنان من الذين كانوا يقفون معنا تنكروا لنا الآن".
وقال الأب مارون أبي نادر "إن العائلات اللبنانية وخصوصا الفتية الطالعة تتعرض للرجم، فهل ترجم بدون خطيئة؟".
وفر آلاف اللبنانيين الذين كانوا في عداد ما عرف خلال الثمانينات والتسعينات ب"جيش لبنان الجنوبي" الذي تعامل مع دولة الاحتلال وحارب إلى جانبها في جنوب لبنان، إلى إسرائيل بعد انسحاب جيشها.
وعاد قسم منهم لاحقا على مراحل، فخضعوا لمحاكمات سريعة وصدرت بحقهم احكام مخففة بموجب اتفاق سياسي غير معلن لحل مشكلتهم، إلا أن أكثر من 2500 لبناني لا يزالون في إسرائيل، غالبيتهم من المسيحيين.
وقالت جولي أبو عراج التي تعمل في مؤسسة معنية بشؤون اللبنانين في إسرائيل في مدينة نهاريا لوكالة "فرانس برس" "جئت إلى هنا وعمري 14 عاما، أبي شهيد قتله حزب الله".
وبحسب أبو عراج فإن اللبنانيين في إسرائيل "مظلومون، نحن كنا ضحية جغرافية تاريخية وفقدنا هوياتنا، ونحن بحاجة إلى تعويضات معنوية قبل التعويضات المادية".
وأوضحت أنها وغيرها لا يعولون كثيرا على زيارة الراعي مضيفة "نحن ضحايا سياسة حكومتنا اللبنانية ودولتنا التي أهملتنا وفضلت الغرباء على أبنائها".
وحذر حزب الله اللبناني من "التداعيات السلبية" لزيارة الراعي، وهي الأولى لبطريرك ماروني منذ قيام دولة الاحتلال.
وصباح الأربعاء، زار الراعي قرية كفر برعم التي استقبلته بالزغاريد والهتاف بينما شجع البطريرك أبناءها على التمسك بأرضهم.
وقال البطريرك الراعي أثناء زيارته للقرية المارونية المهجرة والتي لم يبق منها سوى كنيستها "حافظوا على وجودكم على أرضكم. فالإنسان بدون وطن وبدون هوية وبدون تاريخ وبدون رسالة لا وجود له ولا تغضبوا لأنكم بالشرق المعذب"، معبرا عن "فرحه بوجودي معكم".
وأضاف بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للطائفة المارونية الذي بدأ زيارته إلى الاراضي المقدسة في إطار رحلة البابا فرنسيس التي استمرت من السبت إلى الاثنين، "لا يموت حق وراءه مطالب"، موضحا أن "مجيئكم إلى قريتكم وترددكم كل سبت على الكنيسة حق وما حدث لقريتكم هو ظلم كبير".
نقلاً عن وكالة "فرانس برس"