الكاتب: د. علاء مطر
صعدت الجامعات الفلسطينية من احتجاجاتها وأعلنت إضرابها الشامل اليوم الاثنين الموافق 18/3/2013، رداً على ما أسمته عدم استجابة الحكومة ومجلس التعليم العالي، لمطالب وحقوق عامليها التي تتمثل بإلغاء ضريبة مكافأة نهاية الخدمة، والعلاوات السنوية وذلك بفتح الدرجات، إضافة إلى صرف مستحقات الجامعات الفلسطينية والتي تقدر بـ (40) مليون دولار، وربط مستحقات مكافأة نهاية الخدمة على سعر صرف الدينار بـ (5.5) شيكل. وغيرها من المطالب التي ترفع من إمكانات الجامعات وتعزز الرضا الوظيفي للعاملين فيها، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المسيرة التعليمية برمتها.
يأتي هذا التصعيد بعد فترة وجيزة من إعادة تأسيس مجلس البحث العلمي وفقاً لمرسوم أصدره الرئيس محمود عباس، ما يعد نقلة مهمة في طريق رفع كفاءة البحث العلمي في الجامعات الفلسطينية، إلا أن تقاعس الحكومة في التعاطي مع مطالب الجامعات يضع عدة تساؤلات حول إمكانية توجيهها الدعم الكافي لهذا المجلس بما يمكنه من القيام بمهامه، سيما أن سابقه فقد أهميته لعدم توفر الإمكانات اللازمة لتسيير نشاطاته.
إن تحقيق التعليم العالي لأهدافه العظيمة الساعية لتطوير وتنمية الفرد والمجتمع، لن يتم في ظل ضعف الإمكانات المتوفرة للجامعات الفلسطينية والعجز الكبير التي تعانيه، فعلى سبيل المثال لا الحصر وصل العجز الكبير المتراكم لدى الجامعة الإسلامية منذ العام الجامعي2007/2008 وحتى العام الجامعي 2010/2011 إلى حوالي (20) مليون دينار أردني، ويرجع هذا العجز - وفقاً لورقة حقائق أعددتها لمركز الميزان لحقوق الإنسان تحت عنوان: "التمويل الجامعي بين العجز والحل"- إلى جملة من الأسباب منها، توقف مخصصات وزارة التعليم العالي المخصصة لدعم الجامعة الإسلامية منذ العام الجامعي 2008/2009، والتي كانت تشكل في السابق (20%) من إجمالي المخصصات التي ترصدها وزارة التعليم العالي للجامعات. كما تعاني جامعة الأزهر هي الأخرى من عجز مالي متراكم منذ العام الجامعي 2008/2009 وحتى العام الجامعي 2011/2012، يزيد عن (20) مليون دينار أردني، ويرجع هذا العجز في جزء منه أيضاً إلى ضعف وتراجع حجم مخصصات وزارة التعليم العالي حيث تراجعت من 3,704,567)) في العام الجامعي 2008/2009 إلى ( (960,620 في العام الجامعي 2011/2012.
يأتي عدم تحمل الحكومة لمسؤولياتها تجاه دعم التعليم العالي في ظل ضعف كبير في حجم المساعدات والهبات التي تقدم للجامعات الفلسطينية، وضعف وتراجع كبير في عائدات الرسوم التي تغطي أقل من (50%) من إجمالي النفقات لبعض الجامعات سيما مع تفشي ظاهرتي البطالة والفقر في قطاع غزة وعدم قدرة الطلبة على تسديد الرسوم الدراسية.
يعد حجم العجز التي تعانيه الجامعات الفلسطينية خطير جداً لما يشكله من عقبة كبيرة أمام تنفيذ خططها وبرامجها، وبالتالي يحول دون قدرتها على تحقيق أهدافها. كما أن عدم استجابة الحكومة ومجلس التعليم العالي لمطالب وحقوق عامليها المشروعة يندرج في إطار التخلي عن تحمل المسؤولية تجاه تمكين الجامعات من الارتقاء في التعليم العالي وما يحمله ذلك من خطورة على المسيرة التعليمية وبالتالي على المجتمع ككل.
عليه فإنه مطلوب من الحكومة ومجلس التعليم العالي سرعة الاستجابة للمطالب المشروعة للعاملين في الجامعات الفلسطينية لإنهاء الإضراب واستمرار المسيرة التعليمية. كما أنه يقع على الحكومة مسؤولية كبيرة في توجيه الدعم والمخصصات المالية المناسبة للجامعات الفلسطينية وبدون تمييز. وهناك توصية بسرعة إقرار قانون الصندوق الوطني للتعليم العالي، مساهمة في حل مشكلة الأعباء المالية المتزايدة للتعليم العالي، وتوصية أخرى للحكومتين في الضفة وغزة بتحييد قطاع التعليم عن الصراعات السياسية وتوحيد الجهود وتنسيقها بما يضمن إدارة قطاع التعليم على نحو أفضل.