اطلس- مرت العلاقات بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني «فتح»، والمقاومة الإسلامية «حماس»، بمحطات مفصلية، وفترات طويلة بين الشد والجذب
فمنذ الإنقسام بين «الأخوة الأعداء» في العام 2007، وحتى الآن، ورغم توقيع اتفاق الشاطىء للمصالحة الفلسطينية، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، إلا أن الأمور لم تعد إلى طبيعتها ما قبل الإنقسام، ويبدو أن الأمر سيأخذ وقتاً طويلاً، وقد لا يكون، كون موقف الحركتين متباعد إلى حد بعيد.
وفي ذلك السياق قال أمين مقبول، أمين سر المجلس الثوري لحركة «فتح» أن العلاقة بين حركتي فتح وحماس، تأثرت سلباً بعد العدوان الإسرائيلي على غزة بدون أدنى شك، وأحال مقبول هذا التأثر إلى ممارسات حركة حماس قبل العدوان، وخلال العدوان، وما بعد العدوان بشكل أكبر.
مقبول أوضح صراحة أن حركة فتح أرسلت إلى حماس، وتحدثت عن كافة الممارسات، سواء من الاعتداء على وزير الصحة الذي حاول الوصول الى غزة في الأيام الأولى للعدوان على القطاع، أو الاعتداء على كوادر حركة فتح من خلال الإقامات الجبرية، وإطلاق النار على عدد كبير منهم، أو مصادرة المساعدات المرسلة من الضفة الغربية إلى الأهل في قطاع غزة، وعدم الالتزام وتمكين حكومة الوفاق الوطني من أخذ دورها الحقيقي والطبيعي من خلال «حكومة الظل» ووكلاء الوزارات التابعين لحركة حماس والذين يديرون قطاع غزة بحماية من الأمن التابع لها.
ويعتقد مقبول أن حركة حماس لم تتعامل بصدق ولا بشفافية مع حركة فتح، «وخاصة فيما يتعلق بموضوع اختفاء ومقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل المحتلة جنوب الضفة الغربية، حيث قالوا بداية ليس لنا علاقة، ليتبين أن لهم كل العلاقة في الموضوع، وهو الأمر الذي ناقشته اللجنة المركزية لحركة فتح في آخر اجتماع لها».
وعبر عن قناعته، أن فكرة تشكيل اللجنة الخماسية من قبل حركة فتح، للتحاور مع حركة حماس، جاءت بالأساس لأن حركة فتح معنية جداً بهذه العلاقة مع حركة حماس، وفقاً لاتفاق القاهرة، كما أن فتح لديها قناعة أن لا دولة فلسطينية يمكن أن تقوم بدون الوحدة الوطنية، كما الحال أن لا دولة بدون قطاع غزة.
مؤكداً أن العلاقة مع حركة حماس، ليست تكتيكاً بالنسبة لحركة فتح، وإنما «هي علاقة استراتيجية نسعى لها، لكن على أصولها، وليس على أساس قضية الرواتب فقط»، مذكراً باليوم الثالث لتشكيل حكومة الوفاق الوطني، عندما قام أمن حركة حماس وموظفوها بتكسير الصرافات الآلية في قطاع غزة، لمنع الموظفين الآخرين من استلام رواتبهم كالمعتاد، وبالتالي فإن هناك جهة رسمية في غزة وراء ذلك.
ويعتقد مقبول أن القضية بالنسبة لحركة حماس هي رواتب فقط، واستخدام حكومة الوفاق الوطني، لتحقيق أغراض خاصة في غزة، أو لنكون «طربوشا» بالنسبة لهم، ونحن لا يمكن أن نقبل بذلك، نحن نبحث عن وحدة ومشاركة سياسية حقيقية.
من جهته قال النائب الحمساوي من القدس المحتلة، أحمد عطون، والذي أفرجت عنه سلطات الاحتلال الإسرائيلي من سجنها قبل عشرة أيام، وأبعدته إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية، للحديث عن علاقة حركتي فتح وحماس ما بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
عطون قال أنه وخلال العدوان على غزة، وبينما كان في سجون الاحتلال، كانت العلاقة بين فتح وحماس مميزة جداً، وتجلت في لغة الخطاب الوحدوي، وحالة من الإنسجام جسدها صمود المقاومة الفلسطينية، وتبعها الوفد الفلسطيني الموحد إلى مفاوضات القاهرة لوقف النار، برئاسة الفتحاوي عزام الأحمد، بعد حالة الانقسام السابقة، والحرب الإعلامية المتبادلة، والاتهامات بين الطرفين، وقد سُرّت الحركة الأسيرة على كافة أطيافها، بهذه اللغة، التي كانت تحمل الهم الفلسطيني فقط.
ويرى أن لا مشكلة من الاختلاف سياسياً بالمطلق، فهذا أمر صحي للغاية، لكن الأمر غير الصحي هو أن نختلف على الوطن، لكنه أبدى تخوفاً واضحاً من لغة الخطاب التي عادت منذ عدة أيام بين قادة الحركتين، خاصة وأنها تأتي في ظل تنكر إسرائيل لكافة الحقوق الفلسطينية، ومطالبتها بحل حكومة الوفاق الوطني، وممارسة الضغوط بشتى الطرق على القيادة الفلسطينية.
النائب عطون يعتقد أن فتح تعاملت مع الحرب وحالة الوحدة التي تجلت كمرحلة فقط، ولم تبن عليها استراتيجية جديدة تنتهجها بعد العدوان على غزة، فهناك قناعات لدى القيادة الفلسطينية، أن المفاوضات هي الخيار الوحيد لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإنهاء الاحتلال، بينما ليس حماس فقط من تعارض هذا التوجه، وإنما على سبيل المثال كان لدى الجبهة الشعبية موقف مغاير لموقف القيادة الفلسطينية، أما المقاومة الفلسطينية، فحظيت بإجماع شعبي ووطني قبل وخلال وبعد العدوان.
واستغرب الحالة التي وصلت لها العلاقة بين فتح وحماس، ما بعد العدوان، كونه يعتقد أن المصلحة الوطنية الآن تقتضي أمراً واحداً فقط، وهو «الوحدة» ولا شيء غير الوحدة، وقال «لا أتخيل أن نعود لمرحلة الانشقاق، والحرب الإعلامية والكلامية، وأن تكون سحابة صيف عابرة، لا أن تكون استراتيجية للعودة إلى المربع الأول، خاصة وأن الدم الفلسطيني مُباح، والقدس والمسجد الأقصى المبارك مستباح، والضفة الغربية يسقط فيها الشهداء وتتواصل الاعتقالات».
وهو يذكّر أن حكومة الوفاق اتفق عليها وتشكلت قبل العدوان على غزة، وتساءل لماذا لم تذهب الحكومة إلى غزة حتى الآن؟ ولم يذهب وزير واحد إلى القطاع ويتم سحب أية ذرائع من أية جهة لتحمل حكومة الوفاق مسؤولياتها الرسمية تجاه الشعب الفلسطيني المنكوب هناك؟
وانتقد عطون رئيس الوزراء الفلسطيني فيما يخص موضوع الرواتب إلى قطاع غزة، وأنها بحاجة إلى وسيط دولي كي يتم إيصالها، وأن الحكومة تتعرض لضغط لهذا السبب، كما هو الحال بخصوص إعادة الإعمار والحاجة لتمويل دولي، وتساءل مجدداً إن كانت الحكومة هي صليب أحمر أو حكومة الشعب؟
من جهته،
ورغم أن المعادلة قد تكون بسيطة بحسب رأي الشارع الفلسطيني، كون حماس لن تستطيع فعل شيء لأهل القطاع أو إعادة إعماره، أو فتح المعابر وتحديداً على الحدود مع رفح، بدون السلطة الفلسطينية متمثلة بحكومة الوفاق، أي حكومة الرئيس عباس، أي حركة فتح، وحركة فتح والسلطة الفلسطينية تعلم أنها لا تستطيع فعل شيء في قطاع غزة، دون موافقة حركة حماس عليه، إلا أن الأجواء لا تبدو طبيعية بين الطرفين، فيما المواطن الفلسطيني، والغزي تحديداً هو من يدفع ثمن هذه الخلافات، سواء كانت في وجهات النظر، أو في السياسة، أو المفاوضات، أو حتى المقاومة منها.
ويترقب الشارع بكثير من الحذر، ما يمكن أن تؤول إليه الأمور، خاصة وأن هذا الشارع، قد جرب أكثر من اتفاق مصالحة بين الطرفين، بدءا من مكة المكرمة، مروراً في القاهرة، ووصولاً إلى الدوحة، حتى توقيع اتفاق الشاطىء للمصالحة، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني، خاصة وأن أيٍا من هذه الاتفاقات لم ينفذ بالمطلق، ولهذا يشعر الشارع بحالة من عدم الارتياح، أو بحالة من الاحباط، خاصة بعد صمود المقاومة في غزة، والوفد السياسي الموفد الذي فاوض بعد الحرب!
"القدس العربي"