اطلس-  في غزة، وبالتحديد في مقبرة "المعمداني"، وهي أقدم مكان دفن للموتى امتلأت هذه المقبرة منذ سنوات, وأصبح لا يوجد بها مكان لدفن أي جثث اموات جديدة

فعلى غير العادة عندما تدخل تلك المقبرة ترى الأطفال يلهون ويلعبون بين القبور, وترى حبال الغسيل، كما ستلحظ بيوتًا داخل تلك المقبرة عددها قليل وتقطنها عائلتان أو ثلاثة.

عائلة حمودة كحيل، إحدى العائلات التي سكنت المقبرة منذ نحو 30 عامًا, وبعدها حضرت عائلتان, وأصبحوا سكانها. مساحة بيوتهم تقل عن مساحة 100 متر مربع, وأسقفها من صفيح (زينكو).

 

 جبر كحيل (29 عاما)، متزوج من مريم (25 عامًا) الحامل بتوأم، ويقطن معها وأبناءه الخمسة في خيمة صغيرة، كونها من ألواح الصفيح, بعد أن قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزله داخل المقبرة في العدوان الأخير على قطاع غزة.
هذه العائلة لاتملك مصدر دخل, فهي تعتاش على البحث في الحارات والأسواق عمّا تبقى من طعام وحبات الخضار غير الصالحة، لكي تقتات وأطفالها, وتذهب إلى المخابز وتجمع ما تبقى من الخبز القديم.

وجبر الذي ولد في المقبرة وعاش وتزوج فيها، لا يملك هوية, ولم يكن وحده، فإخوته الأربعة أيضًا ولدوا داخل المقبرة، حيث لم تستطع العائلة دفع تكاليف المستشفى.

وعن مقومات الحياة الأساسية، يوضح جبر: لا كهرباء أو ماء أو صرف صحي, أو أي خدمات أخرى. وأجلب الماء عبر غالونات صغيرة.
ويؤكد جبر، أنه  تلقى وعودات من مؤسسات مختلفة وعدتهم بحل مشاكلهم, لكن كله "مجرد كلام زائف, لم ينفذ منه شيء".

من جهتها، تقول مريم: قصف منزلنا كله والملابس احترقت وحتى الفراش الذي كنا ننام عليه، كما حرق المطبخ, وأنا الآن غير قادرة على تلبية احتياجات أطفالي, الذين يطلبون مني مصروفهم للمدرسة.

وتضيف أن ابنيها في المدرسة ينظران إلى أصدقائهما بــ"حسرة", لأن "لديهم المال ويشترون الطعام, وهم لا يوجد معهم أي قرش".
ويعاني أطفال هذه العائلة من الأمراض التي تصيبهم من الآفات والحشرات والثعابين,  فهم يخافون من قبور الأموات ومن الظلام الذي يحل عليهم بداخل تلك المقبرة.

وعلى بعد أمتار من عائلة كحيل، تقطن أم أيمن شويدح (63 عامًا)، التي ترعى ثلاثة أبناء منذ وفاة زوجها, المدفون قرب سكنهم داخل المقبرة.
وأم أيمن مصابة بالسكري وأمراض عدة لا تستطيع علاجها، كما أن أبناءها عاطلون عن العمل.
وتخبرنا أن أحفادها يأكلون الخبز الجاف,مشيرة إلى أنها حاولت التوجه لمؤسسات لكنها واجهت الرفض لمساعدتهم.

"تلفزيون وطن "