اطلس- امتنعت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عن اتخاذ قرارات فورية بالتصعيد مع الكيان الإسرائيلي على الرغم من تنامي الغضب الشعبي في أعقاب استشهاد وزير هيئة شئون الجدار والاستيطان زياد أبو عين.
وعقب اجتماع طارئ لها أعلنت القيادة بقاء اجتماعاتها في حال انعقاد دائم، على أن تستأنفها غدا الجمعة لإقرار ردودها على استشهاد أبو عين جراء اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال فعالية لزراعة الأشجار في رام الله.
وقالت القيادة إن على جدول أعمال اجتماعاتها " تحديد العلاقة مع (إسرائيل)، بما يشمل وقف التنسيق الأمني وتحميلها (سلطة الاحتلال) مسئولياتها كافة".
وجاء ذلك بعد تهديدات أطلقتها قيادات في حركة فتح أبرزها على لسان عضو لجنتها المركزية جبريل الرجوب بشأن اتخاذ قرار بوقف التنسيق الأمني.
إلا أن مراقبين قللوا من فرص إقدام قيادة المنظمة على تصعيد الأوضاع مع الكيان الإسرائيلية خاصة أنها درجت على التهديد بذلك لا سيما وقف التنسيق الأمني دون أن تقدم على ذلك تحت أي ظروف.
ويستعبد هؤلاء كليا أن تأخذ قرارات قيادة المنظمة المتوقعة منحى التحول المفصلي في العلاقة مع "إسرائيل".
وبحسب ما رشح من اجتماع قيادة المنظمة الليلة الماضية فإن غالبية أعضائها توافقوا على عدم التصعيد، حتى أنهم لم يناقشوا قضية وقف التنسيق الأمني التي اعتبرها كبير المفاوضين صائب عريقات ب"قرار متسرع في غير أوانه".
لا مبررات للتأخير
وفي الوقت الذي توصف فيه القيادة الفلسطينية بالتردد في اتخاذ قرارات تسمى بـ"المصيرية" فان الأوضاع في الساحة الداخلية تشهد مزيدا من التأزم في ضوء فشل مسار التسوية وتعثر جهود المصالحة الداخلية.
وفيما تعي القوى والفصائل طبيعة التردد الذي ينتاب موقف قيادة المنظمة خصوصا الرئيس محمود عباس فإنها سعت لمراكمة الضغوط باتجاه تلبية المطلب الوطني الأكثر إلحاحا بشأن وقف التنسيق الأمني وتدويل القضية الفلسطينية.
ويقول الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي إنه "لم يعد هناك أي مبرر لأي تأخير خطوات تصعيد فلسطيني لمواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي وغطرسته.
ويشدد البرغوثي على ضرورة المضي فورا في التوقيع على ميثاق روما وطلب عضوية محكمة الجنايات الدولية لرفع دعاوي قضائية ضد الاحتلال على ما ارتكبه جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني.
وهو يرى أن تصعيد الخطوات الفلسطينية الرسمية من شأنه تعزيز نهج المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال والضغط عليه وعلى الأطراف الدولية لتمكين الشعب الفلسطيني من الحرية والاستقلال.
تلكؤ عباس
ويلوم معارضون لقيادة منظمة التحرير وخصوصا الرئيس عباس تلكؤه الدائم في تصعيد الموقف مع الكيان الإسرائيلي رغم سياساته القائمة على الاستيطان والتهويد والعدوان بكافة أشكاله بحق الشعب الفلسطيني.
ويعتبر أصحاب هذا الرأي أن عباس يصر على الالتزام فلسطينيا بالاتفاقيات الموقعة خصوصا التنسيق الأمني مع الكيان الإسرائيلي رغم تحلل الأخير منها بل وانتهاكها كليا وكل ما يسرى بشأن حل الدولتين.
ويقول عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني خالد منصور : إن "الكل الفلسطيني يرى أنه قد آن الأوان ليس فقط للتوجه لمحاكم الجنايات الدولية بل ووقف الالتزام بالكثير من الاتفاقيات والبنود المجحفة فيها وفي مقدمتها التنسيق الأمني واتفاقية باريس الاقتصادية.
ويشير منصور إلى تكرار إعلان الرئيس عباس نفسه تهديده بوقف التنسيق الأمني والتخلص من اتفاقيات أوسلو المجحفة خلال اجتماعات رسمية دون أن يجد أي من ذلك طريقه للتنفيذ.
وينتقد منصور "تلكؤ" السلطة الفلسطينية في التوجه لمحكمة الجنايات الدولية ووقف التنسيق الأمني، معتبرًا أن التهديدات الأمريكية ومجاراتها فلسطينيًا هو ما يمنع ذلك وليس أي اعتبار آخر.
اطمئنان إسرائيلي
وظهر الموقف الإسرائيلي أكثر اطمئنانًا لـ"سكون الرد الرسمي الفلسطيني" بعد حادثة استشهاد الوزير أبو عين وعدم وجود احتمال للإقدام على قرارات جوهرية تمس الوضع القائم.
وبهذا الصدد أعلن وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعالون خلال الساعات الأخيرة أن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية قائم ومستمر.
ونقلت إذاعة جيش الاحتلال صباح اليوم عن محافل إسرائيلية تقديرها أن السلطة ستأخذ بعين الاعتبار "تأثير تفجير الأوضاع الأمنية على نتائج الانتخابات الإسرائيلية القادمة".
وقلل المذيع في الإذاعة العبرية "أساف ليبرمان" من ردة فعل السلطة بقول: "إن الرئيس عباس لا يوقف التعاون الأمني ولن يتوجه لمحكمة الجنايات الدولية حتى بعد استشهاد أبو عين ".
وفي السياق ذاته يشكك أستاذ العلوم السياسية في جامعة "بيرزيت" في رام الله نشأت الأقطش، في إرادة السلطة لاتخاذ قرارات تاريخية وجريئة ومنها وقف التنسيق الأمني.
ويشدد الأقطش على حاجة الوضع الفلسطيني لأن تخرج قيادة منظمة التحرير من دائرة التردد من خلال قرارات مصيرية وتحمل تبعاتها خصوصا في ظل الإمعان الإسرائيلي بالعدوان على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
ويرى الأقطش أن استمرار التأخر في اتخاذ قرارات مصيرية وجوهرية من قبل قيادة منظمة التحرير من شأنه أن يحمل عواقب وخيمة على الوضع الفلسطيني برمته، مشددا على أن الشعب هو من يعول عليه في إحداث تغيير وخوض مواجهة.